“سلام للأمم” من معرض آرت كايرو السنوي
![](https://sharqakhbar.com/wp-content/uploads/2025/02/bsleBsU35c_1739258704-780x470.jpg)
شهد المتحف المصري الكبير في القاهرة، افتتاح النسخة السادسة من معرض “فن القاهرة” Art Cairo، تحت شعار “السلام لجميع الأمم”، بمشاركة 35 صالة عرض فنية و350 فناناً.
يجمع المعرض السنوي أعمالاً لمجموعة كبيرة من الفنانين المخضرمين والصاعدين من منطقة الشرق الأوسط، ويفتح نافذة أمام الجمهور المحلي والدولي، لاستعراض التجارب الفنية، وتوفير مساحة لأعمال من اتجاهات مختلفة.
وأوضح مؤسس “آرت كايرو”، محمد يونس لـ”الشرق”، “أن دورة المعرض الحالية، هي الثالثة التي تقام داخل المتحف المصري الكبير، حيث يمتزج التاريخ العريق بالحاضر، ويشكّل حدثاً يبهر العالم بهذا التنوّع والعراقة”.
وأشار إلى مشاركة فلسطين وفرنسا وسوريا والبحرين والعراق ونيوزيلاند للمرّة الأولى في المعرض، الذي يستضيف برامج ثقافية أيضاً.
نواويس مصرية
واحتفى المعرض بالفنان السوري نزار صابور، الذي تتوافق أعماله الفنية بشكل عميق مع رسالة الدورة هذا العام، وتشّكل شجرة الزيتون- وهي من العناصر المتكررة في أعمال صابور- المُعادل البصري لشعار “سلام لكل الأمم” الخاص بدورة العام السادس.
ويقدّم “آرت كايرو” أحدث مشاريع نزار صابور الفنية “نواويس مصرية”، وهو استكمال لسلسلته الشهيرة، التي استكشفت في السابق النواويس في سوريا ولبنان، وتجمع بين عناصر التصوير الفوتوغرافي، والتجريد والرمزية، ما ينتج حواراً ثرياً بين الماضي والحاضر.
ومن خلال مجموعة “نواويس مصرية” يحتفي صابور بثلاثين شخصية فنية وثقافية بارزة، تركت بصمة لا تمحى في المشهد الفني والفكري في مصر.
وقال الفنان صابور لـ”الشرق”: “فكرة “النواويس” بدأت في ثمانينات القرن الماضي؛ ففي زيارة لمتحف طرطوس في سوريا، انتبهت للمرة الأولى إلى أن غطاء التابوت، يحمل وجه بشري ونحت بارز، وهو الاهتمام نفسه بحضارة الموت الذي رأيته في تدمر”.
أضاف: “عندما تعرّفت على توابيت المومياوات المصرية، ووجوه الفيوم، بدأت العمل على مجموعة “نواويس سورية”، وأخذت الفكرة شكلها النهائي، فهي عبارة عن مقاطع طولية تحمل وجهاً عليه هالة، لأنني أعتبر نشطاء الثقافة العربية وجوهم مضيئة، وأمّيز الشخص الحي بهالة حمراء، والشخص الميت بهالة زرقاء”.
وعن رسالته التي يحملها للمعرض قال صابور: “شجرة الزيتون هي الهوية البصرية لمعرض “آرت كايرو” هذا العام، ونحن في المنطقة نرتبط بشجرة الزيتون ورمزها للسلام، وهذه الرمزية حيّة حتى اليوم، والفن دائماً مرآة للحالة الواقعية، وهو في جوهره ضد الموت”.
تكريم سمير رافع
وشهد معرض “آرت كايرو” هذا العام، تكريماً للفنان المصري سمير رافع (1926-2004)، الذي تمّ اختياره ضيف شرف هذه الدورة.
ويعدّ رافع أحد أبرز الأسماء في مشهد الفن المصري الحديث؛ حيث دمجت أعماله ببراعة بين المدرسة السريالية والارتباط العميق بالتراث المصري، مقدّماً منظوراً فريداً تردّد صداه عبر الأجيال.
ولد رافع في حي السكاكيني بالقاهرة، وبدأ مسيرته تحت إشراف الفنان البارز حسين يوسف أمين، قبل أن يتخرّج من كلية الفنون الجميلة بالقاهرة. جمع الفنان بين العديد من التأثيرات من حركة الفن والحرية و”تمصير” السريالية، التي تعكس الواقع المحلي والجوهر الثقافي لوطنه.
وأكد د. أشرف رضا، أستاذ الفنون الجميلة، ورئيس مجمع الفنون والثقافة، والمسؤول عن مجموعة سمير رافع المعروضة، أن الفنان رافع “هو أيقونة السيريالية المصرية، وهو أحد الأعضاء الستة مؤسسي جماعة الفن المعاصر، وجرّب جميع أنواع الفن من التجريدي والسريالي والتأثيري، حتى استقر على السريالية، وسافر للحصول على الدكتوراه في تاريخ الفن من باريس 1954 وظل هناك”.
وأشار إلى أن رافع كان عاشقاً لوطنه وتاريخه القديم، وفي مراحل مختلفة من حياته كانت أعماله التجريدية مستوحاة من الفنون المصرية القديمة، بالإضافة إلى تأثيرات المجتمع المصري”.
الإنسان العربي
يقدّم “آرت كايرو” معرضاً خاصاً لمجموعة من روائع متحف الفن المصري الحديث، تُعرض داخل المتحف المصري الكبير، فيلتقي الإبداع المعاصر مع الإرث الثقافي الخالد لمصر.
الفنان اللبناني، بسام كريليوس، الذي يشارك في المعرض قال: “تتناول أعمالي مصير الإنسان العربي وحياته الصعبة، من خلال شكل الأبنية؛ فكل حضارة تترك إرثاً عمرانياً يعبّر عنها، بينما يجمع كل مبنى قصصاً إنسانية، وهو ما أظهرته إحدى اللوحات التي يظهر فيها وشاح الرأس، المعبّر عن الهوية في المنطقة العربية، حيث قدّمته بنفس تشريح الأبنية المكوّنة من مربّعات متآكلة”.
أضاف: “دورة المعرض مثلنا جميعاً، تبحث عن السلام في وقت الأزمات؛ لذلك وجع الحرب في لوحاتي هو محاولة للبحث عن السلام”.
وقال الفنان اللبناني غالب حويلا، الذي يقدّم لوحات تعتمد على الخط العربي: “أعبّر بالحروف عن المعاني، وأعطي انطباعاً عن المعنى بالشكل قبل أن يقرأه المتلقي، والعمل لعبة اختزال بين اللون وحركة الريشة، كما أقدّم كلمات “حب وحنين وصبا ووهيام وود”، كي أظهر أن اللغات قد تكون غير مقروءة، لكن التعابير بين البشر يجب أن تكون أكثر تواصلاً”.
استكشاف الحوار
وضمن فعاليات “آرت كايرو” انطلق برنامج “حوار”، الخاص بتبادل الآراء وتعزيز المناقشات العميقة والجذابة، حول السرديات الحديثة والتقاليد المختلفة في إطار مشهد الفن العربي المعاصر، وهو يجمع بين الأصوات المؤثرة من منطقة الشرق الأوسط وخارجها، في محاولة لاستكشاف كيف يتشكل الفن في المنطقة ضمن السياق العالمي، وكيف يؤثّر فيه.
وقال محمد يونس مؤسس المعرض: “ضمن برنامج حوار، سوف تتحدث فاليري هس، التي قدّمت كتالوج أعمال محمود سعيد وعبد الهادي الجزار، بالتعاون مع الدكتور حسام رشوان، وسنناقش الكتابين. لدينا ورش حول النقد الفني أيضاً، التي تساعد الجمهور على تذوّق العمل الفني وفهمه، وورش عمل مع منظمات عمل مدني، لتنفيذ أعمال فنية يدخل عائدها لتحقّق الأهداف التنموية للمنظمات”.