دراسة علمية: القشرة المخية “تتنبأ بالمستقبل القريب”
![](https://sharqakhbar.com/wp-content/uploads/2025/02/3UqGB9auVb_1739260688-780x470.jpg)
أظهرت دراسة حديثة، نُشرت في دورية “نيورون” Neuron، أن القشرة الدماغية تعمل كآلة ذاكرة تقوم بترميز التجارب الجديدة، والتنبؤ بالمستقبل القريب.
والقشرة المخية هي الجزء الأكبر من دماغ الثدييات، وهي الأكثر أهمية من بين كل الأجزاء الأخرى.
في البشر على وجه الخصوص، تحدث أغلب العمليات العقلية، مثل الإدراك والتفكير وتخزين الذاكرة واتخاذ القرار، في هذه القشرة.
وتشير إحدى الفرضيات الحالية إلى أن الدور الأساسي للقشرة المخية يتلخص في التنبؤ بما سيحدث في المستقبل، من خلال تحديد وتشفير المعلومات الجديدة التي تتلقاها من العالم الخارجي، ومقارنتها بما كان متوقعاً أن يحدث.
التنبؤ بالمستقبل
وبحسب المؤلف الرئيسي للدراسة، يوري شيمكيف، وجد الفريق البحثي أن القشرة تعمل كآلة ذاكرة، إذ تقوم بتشفير التجارب الجديدة “والتنبؤ بما سيحدث قريباً”.
وتقدم هذه الدراسة رؤى جديدة بشأن دور القشرة الدماغية، فضلاً عن الأمراض التي تتعلق بخلل وظيفتها، مثل الفصام، إذ يبدو أن القشرة لا تعمل بشكل صحيح.
تقارن القشرة الدماغية المعلومات الجديدة الواردة مع ما كان متوقعاً، ما يمكنها من تحسين دقة تنبؤاتها المستقبلية.
ويعد اكتشاف المستجدات عملية حيوية للبشر والحيوانات، حيث تسمح بتكييف السلوك بناءً على التغيرات في البيئة المحيطة.
صمَّم الفريق البحثي تجربة لاختبار كيفية استجابة الفئران لمزيج من المنبهات الحسية المألوفة والجديدة، إذ تم تشغيل أصوات بترددات مختلفة.
وبعد تصوير القشرة السمعية في الفئران، وهي الجزء المسؤول عن معالجة الأصوات، اكتشف الباحثون أن مجموعات من الخلايا العصبية استجابت ليس فقط للصوت نفسه، ولكن أيضاً لمدى حداثته.
كما لاحظوا أن كل صوت ترك بصمة عصبية، أطلقوا عليها اسم “الصدى”، إذ احتفظت القشرة بأنماط نشاط تعكس المدخلات الحسية بمرور الوقت، ما شكَّل ذاكرة قصيرة الأمد للمعلومات الحديثة.
ولتعزيز فهمهم، أنشأ الباحثون نموذجاً شبكياً عصبياً للقشرة السمعية، وقاموا بتدريبه على كشف المستجدات.
وأظهرت المحاكاة أن الشبكات العصبية تستخدم نفس “الأصداء” العصبية لتخزين نموذج عن البيئة المحيطة، ما يسمح لها برصد التغيرات بكفاءة. وقد توصل الباحثون إلى أن بنية القشرة العصبية، بفضل التشابك بين الخلايا العصبية، تجعل عملية رصد المستجدات خاصية تلقائية لهذه الشبكات.
فهم جديد
تضيف هذه الدراسة فهماً جديداً لكيفية قدرة الدماغ على كشف المستجدات بهذه الدقة، اعتماداً على أفكار جون هوبفيلد الحائز على جائزة نوبل العام الماضي عن أبحاثه في الشبكات العصبية والذكاء الاصطناعي.
وتوفر الدراسة رؤى جديدة عن الدور الأساسي للقشرة الدماغية في مرض الفصام؛ فمن المعروف، منذ فترة طويلة، أن الأشخاص المصابين بالفصام يجدون صعوبة في التمييز بين المعلومات الجديدة والمألوفة.
وحاول العلماء تفسير هذه الظاهرة من خلال دراسة سلوك الخلايا العصبية الفردية، لكنهم واجهوا تحديات في ذلك.
ويكشف البحث الجديد أن اكتشاف المستجدات ليس وظيفة فردية لخلية عصبية واحدة، بل نتاج تفاعل شبكة عصبية بأكملها.
وتعمّق نتائج الدراسة فهم الباحثين لهذه المنطقة الحاسمة من الدماغ، وربما تقدم رؤى مهمة حول الحالات التي يحدث فيها خلل في هذه الوظائف وطرق معالجتها المحتملة.