اخر الاخبار

ستارمر يزور واشنطن.. محاولة لشراء الوقت لصالح أوكرانيا

وصف رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، زيارته إلى الولايات المتحدة أنها “محاولة لإنقاذ أوكرانيا والتحالف عبر الأطلسي”. وبحسب وكالة “بلومبرغ”، فإن ستارمر سيؤكد في البيت الأبيض أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب بحاجة إلى أوروبا لينجح.

ويصل ستارمر إلى واشنطن، الخميس، لعقد أول لقاء مباشر مع ترمب منذ فوز الرئيس الجمهوري بولاية ثانية.

وترى “بلومبرغ” أن المخاطر كبيرة بالنسبة لرئيس الوزراء البريطاني الذي يواجه أزمة قد تحدد مسيرته السياسية، وتترك تداعيات “تمتد لأجيال” على حلف شمال الأطلسي “الناتو” و”العلاقة الخاصة” بين بريطانيا والولايات المتحدة.

وقالت إن ستارمر يأمل أن تكون خطط بريطانيا الجديدة لزيادة الإنفاق الدفاعي إلى 3% من الناتج المحلي الإجمالي خلال العقد المقبل “أكثر إقناعاً” لترمب. 
 
وأوضحت أن الهدف الرئيسي لستارمر يتمثل في الحصول على ضمان الدعم الأميركي لأي هدنة بين روسيا وأوكرانيا، وهو هدف دفع به أيضاً الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، خلال زيارته للبيت الأبيض في وقت سابق من هذا الأسبوع.

ويسعى القادة الأوروبيون جاهدين لإبطاء المحادثات بشأن مصير أوكرانيا، بعدما اتخذ ترمب قراراً مفاجئاً هذا الشهر بفتح مفاوضات سلام ثنائية مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين.

ويُتوقع أن يلتقي الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، بالرئيس الأميركي، الجمعة، في سياق تحركات الحلفاء القلقين بعد 3 سنوات من الغزو الروسي الشامل لجارتها. 

اقتراح بريطاني فرنسي 

واقترحت بريطانيا وفرنسا نشر قوات “طمأنة” في أوكرانيا في حال التوصل إلى وقف لإطلاق النار مع روسيا. لكن البلدين، وهما من الأعضاء المؤسسين لحلف الناتو، يسعيان للحصول على ضمانات أمنية أميركية، تشمل القوة الجوية والاستخبارات، لردع أي عدوان مستقبلي من موسكو، وفقاً لـ”بلومبرغ”. 
 

ويرى مسؤولون أوروبيون أنه من دون هذه الضمانات، سيواجه ترمب صعوبة أكبر في ترسيخ إرثه كـ”صانع سلام ومُوحِد”، وهو الدور الذي طمح إليه في خطاب تنصيبه الشهر الماضي. 
 
وذكرت “بلومبرغ” أن أوكرانيا قد ترفض الاتفاق وتواصل القتال، في ما قد يشعر بوتين بالجرأة ليشن هجوماً جديداً، ما يهدد باندلاع “حرب أوسع في أوروبا بين دول مسلحة نووياً”. 
 
وقال ستارمر للصحافيين على متن الطائرة أثناء توجهه إلى واشنطن: “الضمانات الأمنية يجب أن تكون كافية لردع بوتين من العودة مجدداً”. ومع ذلك، جاءت تصريحات ترمب بعد لحظات في البيت الأبيض لتؤكد حجم التحدي الذي يواجهه الأوروبيون. 
 
وقال الرئيس الأميركي خلال أول اجتماع لمجلس وزرائه: “لن أقدم ضمانات أمنية كبيرة… سنجعل أوروبا تتولى ذلك”، مضيفاً: “سنتأكد من أن كل شيء يسير على ما يرام”.

عملية دقيقة 

وقالت “بلومبرغ” إن اجتماع رئيس الوزراء البريطاني مع ترمب سيكون بمثابة “عملية دقيقة” لستارمر، المدعي العام السابق المنتمي لليسار المعتدل، والذي كانت خبرته الدبلوماسية “محدودة” قبل توليه رئاسة الوزراء في يوليو الماضي.

وكان ترمب قد وصف ستارمر في محادثات مع شركاء بريطانيين قبل توليه منصبه بأنه “يساري للغاية”، لكنه لاحقاً أشاد به ووصفه بأنه “لطيف جداً” ويقوم بـ”عمل جيد للغاية”. 

وتتبنى حكومة حزب العمال ظاهرياً منذ الانتخابات الأميركية عدة سياسات ومواقف مشابهة لنهج ترمب، بما في ذلك خفض ميزانية المساعدات الخارجية، والتشديد على ترحيل طالبي اللجوء المرفوضين، والإعلان عن خطط لتقليص الضوابط المالية. 

وبدأ مسؤولون كبار في حكومة ستارمر يؤكدون داخلياً أن عصر “القوة الناعمة” قد انتهى، وأن “القوة الصلبة” عادت إلى الواجهة، حسبما ذكرت “بلومبرغ”.

وقال كيم داروك، الذي شغل منصب سفير بريطانيا لدى الولايات المتحدة بين عامي 2016 و2019 خلال إدارة ترمب السابقة، لـ”بلومبرغ”، إن ستارمر عليه “التركيز على الجوهر”، وأن يسأل ترمب تحديداً أين يرى أرضية يمكن التوصل فيها إلى اتفاق، وما التنازلات المطلوبة من كل طرف.

وأضاف، مخاطباً ستارمر: “خاطب صورته الذاتية: فهو المفاوض المخضرم الذي أبرم مئات الصفقات، فكيف سيمكنه انتزاع تنازلات من بوتين؟”. ويرى داروك أن رئيس الوزراء البريطاني يجب أن يخبر ترمب بأنه “انتصر”، لأن أوروبا باتت تنفق أكثر على الدفاع.

وتعهدت بريطانيا، الثلاثاء، بزيادة ميزانيتها العسكرية إلى 2.5% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2027، مقارنة بـ2.3% حالياً، وهي خطوة أشاد بها وزير الدفاع الأميركي، بيت هيجسيث، واصفاً إياها بأنها “خطوة قوية من شريك دائم”.  

نهج حذر 

وقالت “بلومبرغ” إن نهج ستارمر اتسم بالحذر في طريقه ليصبح أول رئيس وزراء من حزب العمال منذ 14 عاماً، وحرص على عدم انتقاد ترمب، حتى أثناء دفاعه عن زيلينسكي ضد وصف الرئيس الأميركي له بأنه “ديكتاتور”.

وفي حين أن ماكرون ناقض تصريحات ترمب بشأن أوكرانيا علناً خلال لقائهما، تجنبت مكالمات ستارمر مع الرئيس الأميركي حتى الآن التطرق إلى القضايا الشائكة. 

والتقى رئيس الوزراء البريطاني ترمب لأول مرة خلال عشاء استمر ساعتين في مبناه بنيويورك في سبتمبر الماضي. وأعرب ترمب عن ثقته في إمكانية حل الخلافات التجارية مع بريطانيا، على عكس تهديداته الأكثر حدة بفرض رسوم جمركية على السلع الأوروبية. 

وعند سؤاله على متن الطائرة إلى واشنطن عما إذا كان لا يزال يثق بترمب بعد تصريحاته خلال الأسابيع الماضية، قال ستارمر: “نعم، لدي علاقة جيدة معه”. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *