السامّون – الوطن

بسمة عبدالله محمد
كيف نتعامل مع الأشخاص السامّة والسلبية في حياتنا؟
نتعامل مع أشخاص كثيرين في حياتنا اليومية، منهم من هو في دائرة المقربين من الأسرة أو الأهل والذين تربطنا معهم صلة القرابة والدم، وتكون علاقتنا بهم شبه مفروضة علينا، ومن غير الممكن أن نقوم بتشويه تلك العلاقة بقطعها أو الإساءة إليها بأي شكل من الأشكال لما يترتب على ذلك من تفكك وقطع للأرحام وشعور بالألم النفسي والجفاء العاطفي لجميع الأطراف.
ناهيك أن هذا الأمر ينهى عنه ديننا الحنيف الذي يحثنا على صلة الأرحام واحترام ذوي القربى «واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام».
ومنهم من هو بعيد عنا ولا يوجد بيننا وبينهم صلة رحم أو قرابة، ولكن تجمعنا بهم الحياة الاجتماعية اليومية مثل الأصدقاء، وزملاء العمل، والجيران وغيرهم من يدخل ضمن هذه الدائرة في حياتنا، ويُحَتم علينا الدين والعُرف والأخلاق احترامهم والتعامل معهم بالحسنى.
من بين هاتين الفئتين من إذا رأيته وتحدثت معه ارتاحت له نفسك، وابتسم ثغرك، واطمأن قلبك، تلجأ إليه في حاجتك فتراه يعينك ويخفّف عليك وطأة الحياة ومرارتها كالبلسم يشفي الجروح، وهذا النوع لا مشكلة معه، بل هو نعمة من الخالق وبمثابة هدية السماء ينبغي أن نشكر الله عليها، هذا هو النوع الأول من الأشخاص. أما النوع الثاني هم الأشخاص الخطاؤون، المُؤذون في حياتنا، أقارب كانوا أم ليسوا كذلك، مزعجون يسببون لنا الألم والضيق بتصرفاتهم وأقوالهم كلما تعاملنا معهم لا نسلم من لسعاتهم، ومع ذلك هم مازالوا يستحقون الحب وأن يكونوا جزءاً من حياتنا، غالباً يكون هؤلاء الأشخاص لم يحصلوا على من يحبهم كما يجب، أو يتعامل معهم كما يجب، ولذلك هم كذلك لا يحبون كما يجب ولا يتعاملون مع الآخرين كما يجب.
عندما نسمح لهؤلاء الأشخاص البقاء في حياتنا، ونتعامل معهم بحب ولطف قد يجعلهم ذلك أقل إيذاء، وربما نلعب دوراً مهماً في معالجتهم، ولكن يجب أن نكون حذرين وعقلانيين في التعامل معهم، كيف ذلك؟ بوضع حدود وحواجز صحية في تعاملنا وحديثنا معهم نضمن من خلالها صد الأذى والألم النفسي الذي يعكر صفو حياتنا ويُفسد أمزجتنا بسببهم، وفي نفس الوقت الاحتفاظ بهم بشكل يضمن استمرار العلاقة بشكل صحي للطرفين.
أما النوع الثالث من العلاقات هي العلاقات التي لا جدوى منها ولا ثمرة، وأقصد بذلك هم الأشخاص السامّون المُؤذون في حياتنا، الذين لا يحترمون حدود الآخرين وخصوصياتهم، حقودون، لؤماء بالفطرة ولا يتمنون الخير للآخرين، هؤلاء الناس لا ينفع وضع الحواجز والحدود معهم، وإنما إخراجهم من دائرة حياتنا ما أمكن، ذلك حتى لا يستنزفوا طاقتنا ويهدروا أوقاتنا.
هل استطعت أن تحدد نوعية الأشخاص في حياتك؟ وكيفية وضع حدود لمن يُسهم في إمدادك بطاقة سلبية سميّة، ومعرفة من يُسهم في بنائك وإمدادك بالحيوية ويُشعرك بالإيجابية.