اخر الاخبار

الصين تطالب قادة الذكاء الاصطناعي عدم زيارة الولايات المتحدة

دعت السلطات الصينية كبار رواد الأعمال والباحثين في مجال الذكاء الاصطناعي إلى تجنب زيارة الولايات المتحدة، في خطوة تعكس رؤية بكين لهذه التقنية كمجال ذي أولوية اقتصادية وأمنية وطنية، حسبما نقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” عن مصادر مطلعة.

وتخشى السلطات من أن يؤدي سفر الخبراء الصينيين في الذكاء الاصطناعي إلى الخارج، إلى إفشاء معلومات سرية حول التقدم الذي تحرزه البلاد في هذا المجال. كما تعبر عن قلقها من احتمال احتجاز المسؤولين التنفيذيين واستخدامهم كورقة تفاوض في المحادثات الأميركية-الصينية، في تكرار لما حدث مع مسؤولة في شركة “هواوي”، احتجزت في كندا بناء على طلب واشنطن خلال الإدارة الأولى للرئيس دونالد ترمب.

وأصبح الذكاء الاصطناعي أحدث ساحة مواجهة تكنولوجية بين الولايات المتحدة والصين، وهو ما تجسد في ظهور نماذج ذكاء اصطناعي صينية من شركات مثل “ديب سيك” و”علي بابا”، والتي باتت تنافس الشركات الأميركية الرائدة مثل OpenAI وجوجل.

وتضغط بكين بشكل متزايد على رواد الأعمال في المجالات المتقدمة لضمان التزامهم بالمصالح الوطنية. 

تعميق الفجوة 

ويؤدي هذا التوجه إلى تعميق الفجوة بين المجتمعات التكنولوجية في البلدين، التي تفاقمت بالفعل بسبب القيود الأميركية المفروضة على تصدير أشباه الموصلات خلال إدارة الرئيس السابق جو بايدن، فضلاً عن الرسوم الجمركية التي تعود إلى ولاية ترمب الأولى.  

وفي الوقت الذي تسعى فيه الصين إلى بناء “حصن اقتصادي” في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية، يطمح قادتها إلى جعل صناعتها التكنولوجية أكثر اعتماداً على الذات. 

ووفقاً لأشخاص في قطاع التكنولوجيا الصيني، لا يوجد حظر صريح على السفر، بل مجرد توجيهات من السلطات في أكبر المراكز التكنولوجية في الصين، بما في ذلك شنغهاي وبكين ومقاطعة تشجيانج المجاورة لشنغهاي، حيث تقع مقرات شركتي “علي بابا” و”ديب سيك”.

وأوضح هؤلاء الأشخاص، أن السلطات تثني المديرين التنفيذيين في الشركات المحلية الرائدة بمجالات الذكاء الاصطناعي والصناعات الأخرى الحساسة استراتيجياً، مثل الروبوتات، عن السفر إلى الولايات المتحدة وحلفائها ما لم تكن هناك ضرورة ملحة. أما الذين يقررون السفر رغم ذلك، فيطلب منهم إبلاغ السلطات بخططهم قبل المغادرة، وتقديم تقرير عن أنشطتهم والأشخاص الذين التقوا بهم عند عودتهم.

ورفض ليانج وينفنج، مؤسس شركة “ديب سيك”، دعوة لحضور قمة للذكاء الاصطناعي عُقدت في باريس خلال شهر فبراير، وفقاً لمصادر مطلعة. كما ألغى مؤسس شركة صينية كبرى أخرى ناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي، خطته لزيارة الولايات المتحدة، العام الماضي، بعد تلقيه توجيهات من بكين، بحسب بعض المصادر.

حماية حقوق الملكية

وفي 17 فبراير، استدعت بكين كبار رجال الأعمال في البلاد، لحضور اجتماع مع الرئيس الصيني شي جين بينج، الذي ذكّر الحاضرين بضرورة التمسك بـ”الشعور بالمسؤولية الوطنية” أثناء تطويرهم للتكنولوجيا.  

وكان من بين الحضور ليانج وينفنج، مؤسس “ديب سيك”، ووانج شينج شينج، مؤسس شركة “يوني تري روبوتيكس” المتخصصة في صناعة الروبوتات الشبيهة بالبشر.

وبالنسبة لرواد الأعمال الصينيين، قد يؤدي الارتباط العلني بالولايات المتحدة أو بشخصيات أميركية بارزة إلى تدقيق السلطات أو إثارة استياء الحكومة، لأنه قد يوحي بمخالفة السياسات الرسمية.

وتجسدت المخاطر المرتبطة بتجاوز بكين في ما حدث مع جاك ما، المؤسس المشارك لشركة “علي بابا”، الذي التقى بالرئيس الأميركي دونالد ترمب في أوائل عام 2017، قبل أيام من تنصيبه رئيساً. وحينها، أشاد ترمب بـ “ما” ووصفه بأنه “رجل أعمال عظيم”. غير أن اللقاء، الذي سبق لقاء المسؤولين الصينيين البارزين بالرئيس المنتخب آنذاك، أثار بعض التساؤلات. وبعد سنوات، شددت بكين قبضتها على ما وإمبراطوريته التكنولوجية.

ومع ذلك، لا تزال التفاعلات بين التنفيذيين الصينيين والأميركيين مستمرة في العديد من مجالات التكنولوجيا. فقد شاركت شركات صينية، من بينها “يوني تري”، بقوة في معرض الإلكترونيات الاستهلاكية (CES) السنوي في لاس فيجاس خلال شهر يناير الماضي.

وقالت شياو مينج لو، المحللة المختصة بالتقنيات الناشئة في مجموعة “أوراسيا”، إن السلطات الصينية قد تكون قلقة بشأن فقدان التكنولوجيا المحلية لصالح الشركات الأميركية من خلال عمليات الاستحواذ أو الترخيص. كما أعربت عن قلقها إزاء هجرة المواهب، لا سيما مع انتقال العديد من الأثرياء الصينيين إلى الخارج في السنوات الأخيرة. 

وأضافت: “يمكن أن يكون لاستنزاف العقول تأثير مدمر على قطاع التكنولوجيا في أي بلد. والرسالة الأولية التي تبعثها الحكومة هي: ابقوا هنا، لا تهاجروا”.

وسيكون اختبار مدى إمكانية استمرار التفاعل في مجال الذكاء الاصطناعي هذا الصيف، عندما تعقد الصين قمتها الخاصة بالذكاء الاصطناعي. وصرّح وزير الخارجية الصيني، وانج يي، بأن بلاده ترحب بمشاركة أشخاص من جميع أنحاء العالم في هذه القمة.   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *