أوسكار 2025.. مبالغات Anora وانتصار “لا أرض أخرى”

أن يكتسح فيلم Anora كل هذه الجوائز هو أمر مبالغ فيه، بالرغم من أنه فيلم ممتع وذكي، لكن الطبيعة “الانتخابية” للأوسكار، التي تقضي بانتخاب كل فئة على حدة، وبشكل سري، دون مناقشات أو توازنات كما يحدث في لجان تحكيم المهرجانات، هي طبيعة ظالمة أحياناً.
ولا يعني ذلك أن Anora فيلم ضعيف، لكن يعني أن هناك أفلاماً أخرى كانت تستحق بعض الجوائز الإضافية مثل Conclave في المونتاج، و The Brutalist، في الإخراج، و I’m Still Here في التمثيل، بالإضافة إلى خروج أفلام جيدة من السباق بخفي حنين، مثل Complete Unknown.
لكن التصويت السري له إيجابياته على ما يبدو، فلولاه ما فاز الفلسطيني No Other Land بأوسكار أفضل فيلم وثائقي طويل، وهي أهم وأصعب جائزة ينتزعها فيلم هذا العام.
ذلك أنه حتى الآن فشل الفيلم في العثور على موزع له في الولايات المتحدة الأميركية، ربما خوفاً من نفوذ اللوبي الصهيوني، وهو ما يذكرنا بأول جائزة حصدها الفيلم منذ عام كامل في مهرجان برلين، فقد كانت جائزة الجمهور – التي تعتمد على الانتخاب السري أيضاً، وليلة فوزه تفوهت وزيرة الثقافة الألمانية بكلمات غبية، تفيد بأنها صفقت لنصف الفيلم فقط، أي المخرج الإسرائيلي يوفال أبراهام دون شريكه الفلسطيني باسل عدرا!
على أي حال، فإن حصول الفيلم على الأوسكار، والخطبتين العظيمتين اللتين ألقاهما عدرا وإبراهام ضد التهجير والتجريف والإبادة كان أكثر حدث صفق له الحاضرين في حفل الأوسكار، وإذا كان لذلك معنى فهو أن قبضة اللوبي الصهيوني في هوليوود بدأت في الارتعاش!
من أجمل لحظات الأوسكار أيضا حصول فيلم التحريك Flow على الجائزة، متغلبا على كل الأعمال الأميركية الضخمة المنافسة، Flow ليس فقط فيلماً أجنبياً، من لاتفيا، التي تشارك في الأوسكار لأول مرة، ولكنه فيلم مستقل، بدون ميزانية تقريباً، من صنع فنان التحريك جينتس زيبالودس وبعض مساعديه، الذين يعتمدون على استخدام الكمبيوتر فقط.
من اللحظات اللافتة الأخرى فوز فيلم التحريك القصير الإيراني In the Shadow of the Cypress، أو “تحت ظلال شجرة السرو”، هذا الفيلم الذي عرض لأول مرة في مهرجان الإسماعيلية 2024، حيث حصل على الجائزة الفضية، يعبر عن التطور الذي أحدثه صناع الأفلام الإيرانيين في مجال التحريك، كما أن خطبة صانعيه حسين موليمي، وشيرين سوهاني، حول حصولهما على تأشيرة دخول أميركا قبل ساعات فقط من الحفل، أشارت بشكل غير مباشر إلى الصعوبات التي بدأ يواجهها معظم المسافرين إلى أميركا الآن. وقد حظيت كلمتهما بتحية خاصة، نالتها كلمة زو سالدانا الحاصلة على أوسكار أفضل ممثلة في دور ثانٍ، عندما أشارت إلى والديها المهاجرين من الدومينيكان وبورتو ريكو.
وقبل ختام الحفل، وجّه شون بيكر رسالة قوية دعا فيها إلى دعم دور السينما المستقلة، مشيراً إلى أن “أكثر من 1000 شاشة سينمائية أغلقت في الولايات المتحدة خلال الجائحة، وإذا استمر هذا الاتجاه، سنفقد جزءًا حيوياً من ثقافتنا”.
وفيما غلبت الجدية على حفل هذا العام، باستثناء بعض النكات التي أطلقها مقدم الحفل كونان برايان، ربما بفعل المناخ السياسي المتجهم، والكوارث التي ضربت هوليوود مؤخراً، كان من اللافت صعود فريق من رجال الحماية والإنقاذ بشرطة لوس أنجليس، وتوليهم إلقاء النكات بدلا من برايان، ولعل أفضل نكتة ترددت في الحفل هي ما قاله أحد الضباط عن تعاطفه مع المنتجين الذي خربت بيوتهم، ومنهم منتجي فيلم “الجوكر 2″، في إشارة إلى فشل الفيلم الذريع في شباك التذاكر!
* ناقد فني