التغيرات الفسيولوجية التي تطرأ على الجسم أثناء الصيام – الوطن

إعداد: د. رباب عبدالوهاب
قال تعالى: (يا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ). والصيام في اللغة هو الامتناع أو الكف عن الشيء، ويعرّف على أنّه الامتناع المتعمّد عن الأطعمة والمشروبات التي تحوي السعرات الحرارية، ويشملُ في صيام رمضان الماء أيضاً.
واكتشف العلم الحديث أن للصيام فوائد متعدّدة تعود بالنفع على صحة الصائم. فجسم الإنسان الطبيعي يحتاج لإنتاج مصادر الطاقة بنسب مُختلفة “50% من الكربوهيدرات و35% من الدهون و15% من البروتينات”، وتُستخدم هذه المصادر لتوليد الطاقة وإنتاج العناصر الأساسية للحياة لكي يعيش ويُحافظ على نفسه سليماً من خلال التفاعلات الكيميائية والتي تعرف بعملية الأيض أو الاستقلاب. والتفاعلات الأيضية التي تحدث في الجسم تختلف في حال الأكل عنها في حال الصيام.
فالصيام يساعد على تنشيط العمليات الأيضية، وذلك عن طريق استخدام الجسم للدهون المخزنة كمصدر رئيس للطاقة عوضاً عن اعتماده على جلوكوز الدم. كما يسمح الصيام للمعدة بفترة وجيزة من الراحة، وهذا من شأنه يعمل على تعزيز كفاءة الهضم فيؤثر في نشاط حرق الدهون والتمثيل الغذائي في الجسم. ويحمي الصيام جهاز المناعة من الأمراض عن طريق إزالة السموم والفضلات وتذويب الخلايا المريضة والمحافظة على السليمة منها لإعادة صنع المواد الخلوية الجديدة.
وللصيام دور كبير في خفض مستوى الأنسولين في الدم وتقليل مقاومة الجسم له وزيادة مستوى حساسيته، فيصبح للأنسولين حينها فعالية عالية في تنظيم مستوى الجلوكوز في الدم، وهذا يساهم في الحماية من خطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني. ويلعب الصيام دوراً مهماً في تعزيز وظائف الدماغ والصحة العصبية عن طريق تحفيز إنتاج بروتين التغذية العصبية والذي يلعب دوراً حيوياً في تطوير وصيانة الخلايا العصبية في الجهاز العصبي المركزي والمحيطي، ويحمي من الوقوع في مشاكل الاكتئاب وبعض الأمراض العصبية.
وبما أن الجهاز الهضمي هو أكثر أنظمة الجسم استهلاكاً للطاقة، فإن الصيام يُدخل الجسم في وضعية توفير الطاقة لاستهلاكها مع أنظمة الجسم الأخرى بما فيهم الدماغ، فينعكس ذلك بشكل إيجابي على جميع أجهزة الجسم الأخرى.
قد تتضمّن بعض فوائد الصيام مكاسب روحية، وفوائد صحية مثل تنمية الصبر وضبط النفس، وزيادة التعاطف، وإراحة الجهاز الهضمي، والتحكّم في الوزن، وتنظيم عملية الأيض. ومع ذلك، فإن الحصول على هذه الفوائد مشروط باتباع الصائم نظاماً غذائياً صحياً وممارسة النشاط البدني.
* أكاديمية وباحثة في الطب الجزيئي عضو جمعية أصدقاء الصحة