اخر الاخبار

نزيف الأطباء السوريين مستمر.. ألمانيا وجهتهم

– أمير حقوق

راتب شهري مقداره 600 ألف ليرة سورية، لا يكفي للمواصلات طيلة الشهر، واعتماد طلاب التخصص على أهاليهم في المصروف، بالإضافة إلى ضغط العمل والمناوبات الطويلة طيلة فترة التخصص، عوامل تحفز طالب الاختصاص في الجراحة العامة مهند ديب للهجرة.

وفي حديثه إلى، قال طالب الاختصاص بالسنة الثانية، إنه بالإضافة للمصاريف الكبيرة خلال فترة الاختصاص، فالمستقبل المجهول في سوريا وضعف رواتب وأجور الأطباء، وعدم المشاركة بالفعاليات العالمية والبعثات الدولية لاكتساب الخبرات، يجعل خيار السفر والاختصاص خارجًا أفضل الحلول.

ويشهد الواقع الطبي في سوريا نزيفًا مستمرًا بهجرة الأطباء منذ اندلاع الثورة السورية، وحتى الآن، فالواقع الاقتصادي الصعب الذي تشهده البلاد، يدفع العديد منهم للسفر أو للهجرة، بغية تأمين حياة كريمة ولإعانة ذويهم، الأمر الذي خلق معضلة النقص الكبير بالكادر الطبي.

إما يخسر أو يفقد إنسانيته

طبيب الأسنان صالح سلمان، الذي وصل إلى ألمانيا منذ أسبوع، شرح ل أسباب هجرته، بأن “الوضع الاقتصادي أثر بشكل كبير على قدرة الأهالي على المعالجة السنية، فإما الطبيب يفتح عيادته، ويقدم خدماته بأجور منخفضة تناسب أوضاعهم، وبالتالي يخسر كثيرًا وتتحول عيادته لجمعية خيرية، وبالتالي يواجه هو ضائقة مالية، أو يتجه لرفع أجور خدماته ويفقد بذلك إنسانيته كالحاصل حاليًا، وأيضًا يفقد مرضاه”.

وبحسب الطبيب صالح، فإن هناك جملة مبررات للهجرة، تتمثل بعدم توفر فرص المشاركة بالبعثات والندوات الدولية للأطباء، التي تسهم في تطوير خبراتهم، وقلة فرص الاختصاص والماجستير، والتي تعتبر قليلة جدًا، والدورات العلمية كعمليات الزرع والقلع وغيرها مكلفة للغاية، وبالتالي فإن خيار البقاء في سوريا لا يحمل أي إضافة للمسيرة الطبية.

وتطرق لإلغاء الخدمة الإلزامية، بعد سقوط النظام السوري، واعتبرها غير كافية للبقاء في سوريا، بحسب رأيه، فالوضع الاقتصادي المرير الذي يعاني منه الأهالي، بحاجة إلى عدة سنوات ليتحسن، وبالتالي هذه مغامرة لسنوات بالنسبة للطبيب.

وتعد ألمانيا الوجهة الأساسية لأغلبية الأطباء السوريين، لأن جامعاتها من أهم الجامعات الدولية، لدراسة الاختصاص، أو لممارسة العمل في مستشفياتها، مع توفر عدة مزايا يحصلون عليها، كالحصول على الجنسية الألمانية والأجور المادية المرتفعة.

تضارب في الإحصائيات

لا توجد إحصائية دقيقة تكشف العدد الكلي الدقيق للأطباء المهاجرين، مع وجود عدة إحصائيات تتناول نسب تقريبية.

“لا توجد إحصائيات دقيقة لعدد الأطباء الموجودين في سوريا”، وفق ما أشار إليه معاون القائم بأعمال وزارة الصحة، الدكتور حسين الخطيب، مبررًا ذلك بوجود عدد كبير من المغادرين من سوريا أو العائدين حديثًا.

ووفق ما قاله الخطيب، ل، “بالعموم يوجد نقص بعدد الأطباء في بعض الاختصاصات، وعلى وجه الخصوص اختصاص التخدير والطب الشرعي والطوارئ وطب الأسرة”.

ولتغطية النقص، تعمل الوزارة على فتح باب التعاقد مع الأطباء، الذين يرغبون في العمل مع الوزارة لتعويض النقص الحاصل في هذه الاختصاصات.

بدوره، قال نقيب أطباء سوريا، الدكتور مالك عطوي، ل، إن عدد الأطباء الكلي في سوريا بحدود 45 ألف طبيب، وخارج البلد أكثر من 10 آلاف.

أما الاختصاصات الأكثر نقصًا فهي: التخدير والإنعاش، التشريح المرضي، والطب الشرعي، وتصل نسبة النقص في قسم التخدير لأكثر من 75%، بحسب الدكتور عطوي.

لماذا ألمانيا؟

رئيس جمعية الأطباء والصيادلة السوريين في ألمانيا، فيصل شحادة، قال ل، إنه حسب إحصائيات نقابة الأطباء المركزية في برلين، يبلغ عدد الأطباء السوريين في ألمانيا حوالي ستة آلاف طبيب.

وبعد التواصل من قبل جمعية الأطباء والصيادلة السوريين في ألمانيا مع النقابة في العام الماضي، والاستفسار حول نسبة الأطباء المجنسين من هذا الرقم، كان الجواب من نقابة الأطباء المركزية أن الأطباء السوريين المجنسين غير مشمولين ضمن هذا الرقم، ما يعني أن الرقم أكبر من ذلك، وحسب التقديرات قد يصل إلى عشرة آلاف، حسب شحادة.

ويرى مبررات هجرة الأطباء لألمانيا، بأنها توفر مستوى عاليًا جدًا من التدريب في مختلف الاختصاصات، إضافة إلى جودة ومتانة النظام الطبي، والتطور التقني العلمي، وعلى رأس ذلك يأتي نقص الأطباء الذي تعاني منه ألمانيا بشكل كبير في السنوات الأخيرة، مع غياب معطيات للتحسن في السنوات المقبلة.

فرق طبية عربية

بدأ فريق طبي سعودي من مركز “الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية‏” ‏وبتنسيق من منظمة “الأمين للمساندة الإنسانية”، تنفيذ برنامج “أمل” ‏السعودي ‏التطوعي في عدد من مستشفيات دمشق، منذ شباط الماضي.

وبيّن رئيس الوفد السعودي، الدكتور علي القرني، أن البرنامج ‏سيتطلب ‏تنفيذه أكثر من 218 ألف ساعة عمل تطوعية وبمشاركة أكثر من ‌‏100 ‏متطوع ومتطوعة، وسيستمر لنهاية عام 2025 ويشمل الجانب ‏الطبي ‏الخدمي والتدريب والتأهيل، ويشمل ‏التخصصات ‏الطبية كافة.‏

ووصل فريق طبي قطري، في 22 من شباط الماضي، إلى مطار دمشق الدولي، لإجراء عمليات جراحية في سوريا، وهو مكون من اختصاصيين بجراحة القلب من مؤسسة “حمد الطبية” ومستشفى “سدرة” للطب، ضمن “مشروع القوافل الطبية” الذي ينفذه “الهلال الأحمر القطري” في عدة دول حول العالم.

وسيجري الأطباء 80 عملية قسطرة قلبية وإصلاح تشوهات القلب عند الأطفال، بالتعاون مع وزارة الصحة السورية و”الهلال الأحمر السوري”، إضافة إلى تزويد المستشفيات بالمستلزمات الطبية اللازمة لهذه العمليات.

وأوضح معاون القائم بأعمال وزارة الصحة، حسين الخطيب، أن هذه الوفود تأتي بشكل مؤقت لتغطية النقص في بعض الاختصاصات، ولتقليل قائمة الانتظار لبعض العمليات الجراحية، مثل: زراعة القوقعة، وعمليات القلب المفتوح، وتبديل المفاصل، وزراعة القرنية، وزراعة الكلية.

وأكد أن الوفد السعودي سيجري عدة زيارات على مراحل، بالتنسيق مع وزارة الصحة، وسيقوم الوفد بزراعة ألف قوقعة وألف قرنية بالإضافة إلى 500 مفصل

وتعقيبًا على التعاون مع دول الخارج، تلقت الوزارة عدة وعود من دول عديدة، ستقوم لاحقًا بالدخول إلى سوريا، وإجراء عمليات وتقديم استشارات طبية في عدة اختصاصات، وفقًا للخطيب.

دعوة للأطباء الألمان

في 12 من شباط الماضي، عقد مؤتمر في برلين بين بعض المنظمات الطبية والجمعيات السورية بحضور عدد كبير من الأطباء السوريين ومن أعضاء جمعية الأطباء والصيادلة السوريين في ألمانيا.

وشرح رئيس جمعية الأطباء والصيادلة السوريين في ألمانيا، فيصل شحادة، أن المؤتمر تمحور حول إمكانية تقديم دعم من بعض الجهات المانحة لدعم التبادل العلمي بين ألمانيا وسوريا، عن طريق إرسال وفود لإجراء دورات تدريبية، وتبادل آخر التطورات العلمية في الأوساط الطبية في مختلف الاختصاصات، بين الأطباء السوريين في ألمانيا والأطباء السوريين في سوريا.

وأكد أن المبادرة لن تكون مقتصرة على الأطباء السوريين فحسب، وإنما نظرًا لعلاقة الصداقة المتينة بين الأطباء السوريين والألمان، ستتم دعوة الزملاء الألمان للمشاركة في هذا المشروع.

ومؤخرًا، فتحت جمعية الأطباء والصيادلة السوريين في ألمانيا مكتبًا لها بالعاصمة دمشق، في خطوة اعتبرها القائمون أنها خطوة تهدف لتحسين الواقع الطبي في سوريا، عبر الفعاليات والبعثات التي سيقيمها.

وأشار شحادة إلى أن المكتب سيكون مركزًا للتدريب الطبي، وورشة عمل لتبادل الخبرات والتجارب مع الزملاء في سوريا، ونقطة ارتكاز لبناء علاقات صحية مع الجهات الطبية في سوريا، للانطلاق في دعم القطاع الصحي.

خشية العودة

بعد سقوط النظام في 8 من كانون الأول 2024، خشيت بعض الدول من عودة الكوادر السوريين لديها لسوريا، ومن ضمنها فئة الأطباء، وخاصة في ألمانيا.

وقالت وزيرة الداخلية، نانسي فيزر، “ستسقط أجزاء من القطاع الصحي إذا غادر بلادنا جميع السوريين الذين يعملون هنا الآن، ومن المهم لنا أن نقدم عرضًا للموجودين في بلادنا، الذين يشغلون عملًا واندمجوا، والذين لم يرتكبوا جريمة، والذين سجلوا أطفالهم في مدارسنا. ليبقوا هنا من أجل اقتصادنا.”

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.

المصدر: عنب بلدي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *