دعاة وتربويون: للتكنولوجيا تأثير إيجابي على الصيام والتطبيقات قربت البعيد – الوطن

سماهر سيف اليزل
- عيسى حسين: متابعة الصحة في رمضان والتبرع بضغطة زر
- أحمد الدعيس: تيسير العبادات اليومية عبر تطبيقات مُخصصة
أدت التطورات التكنولوجية إلى تحولات عميقة في طريقة العبادات خلال شهر رمضان المبارك، حينما أصبحت التطبيقات الذكية، والمنصات الرقمية، ووسائل التواصل الاجتماعي جزءاً أساسياً من التجربة الرمضانية الحديثة.
وباتت الهواتف الذكية أداة رئيسة لمساعدة المسلمين في أداء عباداتهم خلال شهر رمضان، فتطبيقات القرآن الكريم المتنوعة تقدم تجربة قراءة سهلة مع تلاوات متنوعة وتفسيرات متعددة اللغات، بينما قدمت تطبيقات الأذكار إشعارات بالأذكار اليومية وأوقات الصلاة بناءً على الموقع الجغرافي للمستخدم. كما أصبح بالإمكان متابعة الدروس الدينية عبر منصات متنوعة، وفرت محاضرات في التفسير والحديث والتزكية، ما عزز الوعي الديني دون الحاجة إلى حضور حلقات العلم التقليدية في المساجد.
وعن كيفية مساعدة التكنولوجيا للمسلمين في رمضان قال الإمام والخطيب في الأوقاف السنية والمحاضر في المعاهد الشرعية التابعة لوزارة العدل د. أحمد الدعيس: «لا شك أن للتكنولوجيا تأثيراً إيجابياً بارزاً على ممارسة الصيام، تجلَّى بوضوح في السنوات الأخيرة من خلال تعزيزها للتجربة الروحية للصائمين. فبفضل خدمات الإنترنت والتطبيقات الذكية، أصبح الوصول إلى المعلومات الدينية وفتاوى العلماء الموثوقين أمراً يسيراً، مما يُسهم في رفع الوعي الديني وتصحيح المفاهيم حول أحكام الصيام والمسائل الفقهية، قال تعالى: «فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ»، «النحل: 43». وقد حوَّلت التكنولوجيا الشاشات إلى منابر علمية تفاعلية؛ حيث يُمكن للصائم متابعة الدروس المسجلة والمحاضرات التي تُقدِّم رؤى عميقة لعبادة الصوم، مما يغذي الجانبين المعرفي والروحي معاً، تحقيقاً لقول النبي ﷺ: «مَنْ سَلَكَ طَرِيقاً يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْماً سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقاً إِلَى الْجَنَّةِ»، «رواه مسلم».
وأضاف ولم تقتصر إيجابيات التكنولوجيا على ذلك، بل امتدت إلى تيسير العبادات اليومية عبر تطبيقات مُخصصة تُنظم مواقيت الإفطار والإمساك بدقة، حتى لو تنقل المسلم بين دول العالم، حيث يتحقق بذلك مقصود الشرع من إقامة الصلاة قال سبحانه: «وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي»، «طه: 14». فضلًا عن تسهيلها الوصول إلى برامج القرآن الكريم التي تجمع بين النص الإلكتروني والتفسير الميسر والتلاوات الصوتية المؤثرة، مما يعين الصائم على الإكثار من تلاوة القرآن، وذكر الله في كل الأوقات، خاصة في شهر رمضان، شهر القرآن، كما قال تعالى: «وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ»، «القمر: 17».
كما أحدثت التكنولوجيا نقلةً نوعيةً في مجال العمل الخيري، حيث سهَّلت المنصات الإلكترونية الموثوقة عمليات التبرع وإخراج الزكاة بإجراءات سريعة وآمنة، مع إمكانية تتبع وصول الأموال إلى المستحقين حول العالم، مما يعكس روح التكافل التي حث عليها الإسلام في قوله تعالى: «مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ»، «البقرة: 261». وقال النبي ﷺ: «الصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ»، «رواه الترمذي». وتابع د. الدعيس: أما على الصعيد الروحي، فقد أسهمت التكنولوجيا في تعميق ارتباط الصائمين برمضان عبر المحتوى الهادف المُنتشر على وسائل التواصل، مثل الخطب الرمضانية المُلهمة والدروس المباشرة التي تُذكِّر بجوهر الشهر الفضيل وتُعيد صياغة الروحانيات بصورة عصرية، تأكيداً على وصية النبي ﷺ: «بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً»، «رواه البخاري». وأشار إلى أن هذه الإيجابيات لا تُلغي الحاجة إلى الحكمة في استخدام التكنولوجيا، فهي سلاح ذو حدين؛ قد تتحول إلى مصدر تشتيت إن أُسيء توظيفها. لذا، يُوصى بالاستفادة المتوازنة منها، بحيث تظل أداةً داعمةً للتقرب إلى الله دون أن تطغى على جوهر العبادة وروحانيات رمضان، عملاً بقوله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ»، «المنافقون: 9». وقال النبي ﷺ: «الكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ»، «رواه الترمذي».
من جانبه، أكد الباحث الاجتماعي عيسى حسين أن من أهم إيجابيات التطبيقات الذكية والتكنولوجيا هي قدرة الفرد على معرفة أوقات الصلاة، وسهولة الحصول على الأحكام الشرعية، وسابقاً كان المسلم يحتاج للبحث أو لزيارة الشيوخ للسؤال والاستفسار والحصول على المعلومة، بخلاف وقتنا الحالي وتطور التكنولوجيا التي سهلت على المسلمين الأ مر، حيث إن هناك عدداً كبيراً من المنصات لقراءة القرآن، وتطبيقات الأدعية والتسبيحات التي يمكن استخدامها في أي وقت وأي زمان واستثمار الزمن في الذكر والاطلاع على الأحكام والتفسيرات الشعرية بكل سهولة ويسر. وقال إن هذه التطبيقات تحتوي على خاصية التذكير، التي تتيح بدورها تنظيم جدول قراءة القرآن، وورود الأذكار الصباحية والمسائية، وساعدت الكثيرين للتقرب والتوجه إلى الله عز وجل. وأضاف أنه على مستوى متابعة المحاضرات الدينية، فنحن نشاهد الكثير من المنصات على وسائل التواصل المختلفة التي تبث بثوث مباشرة للمشايخ والدعاة للتعلم على أحكام الدين والسيرة وأخلاق الإسلام وغيرها من الأمور الدينية، كما تتيح التفاعل الآني معهم وتوجيه الإسالة والاستفسارات والحصول على الأجوبة الفورية.
وتابع أن لهذه التطبيقات ميزة أخرى في غاية الأهمية وهي «تقريب البعيد» وإتاحة الفرصة لكل من هو بعيد عن أهله لظروف عمله أو دراسته وغيرها من الظروف، بالتواصل عبر التطبيقات مرئياً وسمعياً وصلة الرحم، خصوصاً في الشهر الكريم ومشاركة كافة اللحظات مع الأهل والأصدقاء وتبادل التهاني والتبريكات والأدعية بالشهر الفضيل، مما يعزز الأواصر الدينية والاجتماعية.
وأردف حسين أنه لا يقتصر دور التكنولوجيا والتطبيقات الحديثة على التعلم والتواصل والقراءة والذكر فقط، بل وصل إلى التبرع وعمل الخير، حيث إن هناك تطبيقات تتيح للفرد التبرع خلال ثواني بضغطة زر، ويتم تحديثها وتنويعها، ولم يعد التبرع محصوراً على حدود البحرين، بل أتاحت الفرصة للمسلم بأن يتبرع داخل بلدة وخارجها، فيمكنه من خلالها إرسال أموال التبرعات إلى المحتاجين داخل وخارج البحرين، والتبرع بالماء، وبوجبات الإفطار للمعتمرين وغيرها من الأعمال الخيرية.
وكذلك هناك تطبيقات لاتباع نظام صحي في رمضان، تحدد لمستخدمها مواعيد شرب الماء في رمضان، ومواعيد الإفطار وتقدم له خدمة متابعة الوزن، وهو جانب صحي إيجابي للاستفادة منه خلال رمضان.