حزمة تمويل الحكومة الأميركية تثير حرباً في الحزب الديمقراطي

يخوض الديمقراطيون في الكونجرس الأميركي صراعاً داخلياً، بعد أن نجح الجمهوريون في تمرير مشروع قانون إنفاق عبر مجلس الشيوخ، الجمعة، لتجنب الإغلاق الحكومي، بتأييد من زعيم الأقلية الديمقراطية بالمجلس تشاك شومر، إلى جانب ثمانية ديمقراطيين آخرين ومستقل واحد، في انشقاق عن موقف الغالبية العظمي من الحزب، ورفض ديمقراطيو مجلس النواب لحزمة التمويل.
ويضع هذا الصدام معظم أعضاء الحزب – بما في ذلك كافة الديمقراطيين في مجلس النواب تقريباً – في مواجهة شومر، الذي أثار غضب أعضاء حزبه داخل الكونجرس وخارجه عندما أعلن مساء الخميس، أنه سيدعم المشروع الجمهوري الذي صوت ضده ديمقراطيو مجلس النواب بالكامل عدا نائب واحد.
وعقب تمرير الحزمة بدأت دعوات من داخل الحزب للنائبة التقدمية ألكساندرا أوكاسيو كورتيز بمجلس النواب، لتحدى شومر على مقعده بالشيوخ بالانتخابات المقبلة، فيما شكك آخرون في قدرته على المضي في قيادة الحزب.
وقارن أحد أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين شومر بشخصية “توم هاجن”، التي جسدها روبرت دوفال في فيلم The God Father، حيث استُبعد هاجن من منصبه في العائلة لأنه لم يكن يُعتبر “مستشاراً يصلح لوقت الحرب.”
وشنّ الديمقراطيون في مجلس النواب حملة ضغط واسعة لإقناع زملائهم في مجلس الشيوخ بالتصويت ضد المشروع، قبل وبعد إعلان شومر. كما حثّ عدد من المرشحين الديمقراطيين المحتملين للرئاسة، بمن فيهم حاكما كاليفورنيا جافين نيوسم، وإلينوي، وجاي بي بريتزكر، الديمقراطيين على رفض المشروع.
ولكن شومر نجح في حشد الأصوات الكافية التي احتاجها الجمهوريون لتمرير الحزمة، رغم الدعوات.
وقالت صحيفة “ذا هيل” إن هذا الانقسام حطّم رسالة الوحدة التي كان الديمقراطيون يأملون في إيصالها، كما أدى إلى تآكل الثقة داخل الحزب في قدرة شومر على التمسك بمواقفه لعرقلة أجندة الجمهوريين في المعارك التشريعية القادمة – لا سيما بعد أن صوّت اثنا عشر نائباً ديمقراطياً من دوائر انتخابية صعبة ضد المشروع في مجلس النواب، الثلاثاء.
وقال النائبة ألكساندريا أوكاسيو-كورتيز من نيويورك، والتي يرى البعض أنها قد تنافس شومر في الانتخابات التمهيدية مستقبلاً إن “هذا القرار يتعلق بالثقة والتعاون، لأنه سيأتي يوم يحتاج فيه مجلس الشيوخ إلى مجلس النواب للتحرك بشأن قضية معينة. وإذا حدث تآكل للثقة، وخرق للثقة، كما هو الحال الآن، فسيجعل التعاون صعباً”.
وأضافت: “لا يمكننا أن نسمح لأنفسنا بالدخول في لحظة يكون فيها كل شخص لنفسه. نحن بحاجة إلى العمل معاً كفريق واحد من أجل قيادة بلدنا خلال هذه المرحلة المظلمة للغاية”.
وحتى زعيم الأقلية في مجلس النواب حكيم جيفريز النائب عن نيويورك، رفض التأكيد على ثقته في قدرة شومر على قيادة الحزب في المعارك القادمة ضد أجندة الرئيس ترمب الطموحة، مما وجه له ضربة سياسية قوية.
عندما سئل جيفريز عن ثقته في شومر، أجاب الجمعة، قبل بضع ساعات من تصويت إجرائي رئيسي في مجلس الشيوخ: “السؤال التالي”.
من جانبه، قال النائب بيت أجويلار من كاليفورنيا، وهو رئيس التجمع الديمقراطي في مجلس النواب، إن قرار شومر المفاجئ بعدم التصعيد في معركة الإنفاق هذه سيدفع الديمقراطيين في مجلس النواب إلى إعادة تقييم استراتيجيتهم في المستقبل.
وأضاف أجويلار: “كل هذه التجارب تساعد في تشكيل تكتيكاتنا وردود أفعالنا. والآن، الأعضاء الجدد الذين دخلوا الكونجرس يختبرون بشكل مباشر كيف يتم تشكيل العلاقة مع مجلس الشيوخ”.
ولم يكن الخلاف بين الديمقراطيين بشأن مضمون مشروع القانون، إذ عارضه جميع الديمقراطيين من حيث المبدأ وحتى شومر اعتبر أن مشروع القانون “سيء”، ولكن الخلاف انصب على كيفية تعامل قادة الحزب مع الوضع في ظل اقتراب الموعد النهائي لتمويل الحكومة الفيدرالية.
وكان من شأن عدم تحرك الكونجرس أن يؤدي إلى إغلاق أجزاء كبيرة من الحكومة بحلول منتصف ليل الجمعة، وهو ما رأى فيه شومر عبئاً سياسياً.
ويقول الديمقراطيون إن هذا القانون يشكل تهديداً وجودياً، حيث يمنح ترمب وإيلون ماسك سلطات جديدة لتفكيك الحكومة الفيدرالية والخدمات التي تقدمها. لكن شومر خالف هذا الرأي، معتبراً أن التهديد الأكبر كان يتمثل في حدوث إغلاق حكومي.
ومنذ توليه قيادة الكتلة الديمقراطية في عام 2017، نادراً ما وجد شومر نفسه في موقف حرج كهذا، وزاد الوضع تعقيداً صباح الجمعة، عندما رفض حكيم جيفريز تقديم الدعم له علناً.
إشادة ترمب بشومر تزيد الطين بلة
لكن آخرين ممن صوتوا ضد مشروع القانون كانوا أكثر تفهماً للموقف الصعب الذي وُضع فيه شومر.
وصف السيناتور جون هيكنلوبر (ديمقراطي من كولورادو) مشروع القانون المؤقت بأنه “ساندويتش سيء للغاية”، وأضاف: “لدي ثقة في شومر للمضي قدماً كقائد. الجميع كان عليهم اتخاذ قرارات صعبة… قرارات صعبة للغاية. إنهم يبذلون قصارى جهدهم لصالح البلاد، وأنا أحترم ذلك”.
لكن ما زاد من انتقادات الديمقراطيين أن ترمب أشاد بشومر صباح الجمعة، لمساعدته في تمرير مشروع القانون. ويرى منتقدو شومر أن أي شيء يدعمه ترمب “غالباً ما يكون فكرة سيئة”.
وقال بيت أجويلار في هذا السياق: “عندما يستيقظ دونالد ترمب في الصباح ويقول: (أحسنتم، أيها الديمقراطيون في مجلس الشيوخ)، فإننا لا نرى أن هذا هو المكان المناسب لنكون فيه”.