اخبار تركيا

بروح رمضان.. مآذن تركيا تتألق بأنوار “المحيا” العثمانية

اخبار تركيا
“المحيا” هو تقليد عثماني عريق يتمثل في تعليق عبارات مضيئة بين مآذن المساجد الكبرى في تركيا احتفالًا بشهر رمضان المبارك.

بدأ هذا التقليد في القرن السادس عشر خلال عهد الدولة العثمانية، حيث ظهرت أولى مظاهره في مسجد السلطان أحمد بإسطنبول.

تُكتب العبارات باستخدام المصابيح الكهربائية في العصر الحديث، بعدما كانت تُضاء بالمشاعل قديمًا، وتحمل رسائل ترحيب بالشهر الكريم، مثل “مرحبًا يا رمضان” و”الصيام طهارة للنفس”.

ويعد المحيا من الرموز البصرية الروحانية التي تضفي أجواءً احتفالية خاصة في ليالي رمضان، حيث يجمع بين الجمال الفني والتعبير عن القيم الدينية، ليظل شاهدًا على تراث إسلامي خالد.

في تقرير حول الموضوع، أشار موقع الجزيرة مباشر إلى أنه مع حلول شهر رمضان المبارك، تتزين مآذن المساجد الكبرى في تركيا بعبارات مضيئة ترحب بالشهر الكريم، في تقليد عثماني عريق يُعرف باسم “المحيا”.

تاريخ هذا التقليد يعود إلى حقبة الخلافة العثمانية في تركيا، وتحديدا في القرن السادس عشر، وقد بدأ في مسجد السلطان أحمد الشهير في إسطنبول، حسبما صرح الدكتور عمر قورقماز، أستاذ الأديان والثقافة الإسلامية، للجزيرة مباشر.
وكان العثمانيون يزينون مساجدهم عبر تعليق حبال بين المآذن، تُكتب عليها عبارات إسلامية مثل “الأخوة”، و”أهلًا وسهلًا يا رمضان”، و”هذا شهر الصدقة”، ومثل هذه العبارات تُحددها المشيخة الإسلامية أو الشؤون الدينية حاليا.

رمزية المحيا وأبعاده الفلسفية
وأشار قورقماز إلى أنه من تفسيرات المحيا أنه يعكس فلسفة عثمانية تسعى إلى رفع قيمة الوحي وإعادته إلى السماء من خلال الضوء، أو أنه محاولة لجمع النجوم على هيئة كلمات إسلامية مضيئة بين المآذن.

ويُعلق المحيا عادةً على المساجد الكبرى فقط، وقد تطورت صناعته بمرور الزمن، ففديما استخدمت فيه قديمًا الحبال السميكة، أما الآن فقد حل محلها أسلاك فولاذية أكثر تطورًا.

المحياجي.. تقليد وراثي
وأوضح قورقماز أن تصميم المحيا وصناعته تقليد وراثي، تتوارثه عائلات متخصصة تعرف باسم “المحياجي”، حيث كان يُصنع في البداية باستخدام المصابيح الزيتية، قبل أن يستبدل بها في العصر الحديث المصابيح الكهربائية.

وأشار قورقماز أيضا إلى أن المحيا كان يُستخدم لتحديد موعد الإفطار، حيث تبدأ إنارته مع أذان المغرب، ليكون بذلك إشارة بصرية للصائمين، كما يُعد جزءًا من الثقافة الإسلامية الاجتماعية التي أبدع العثمانيون في نقشها على الحجر والمآذن.

وفي بعض الأوقات، كان المحيا يحمل رموزا خاصة، فعلى سبيل المثال، خلال فصل الشتاء كان المحياجيون يضعون “شمسية” أعلى المحيا للدلالة على أن الليلة ممطرة، وتغيرت العبارات حسب مراحل الشهر، فمع بدايته تُكتب عبارات الترحيب مثل “أهلًا يا رمضان”، وفي نهايته تظهر عبارات الوداع.

ويلاحظ خلال رمضان الحالي تركيز المحيا على قيمة العائلة، إذ تتزين منارات المساجد في إسطنبول بعبارات تعلي من قيمة العائلة كونها واحدة من أكبر النعم.

وذكر قورقماز أنه خلال الحرب العالمية الأولى، تحوّل المحيا إلى وسيلة لنشر رسائل الدعم للجنود على جبهات القتال، فأُضيئت المآذن بعبارات مثل “لا تنسَ إخوانك في الجبهات” و”لا تنسَ الشهداء”، مما يعكس الدور الاجتماعي والثقافي للمحيا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *