اخر الاخبار

ألمانيا.. “تصويت حاسم” لإقرار تعديل دستوري

يواجه المستشار الألماني المقبل فريدريش ميرتس، تصويتاً حاسماً، الثلاثاء، على خطط لزيادة الاقتراض الحكومي، والذي يرى أنه ضروري لتعزيز الإنفاق العسكري للبلاد وضخ النمو في اقتصادها المتعثر.

وقبل تصويت البرلمان الألماني (البوندستاج) الحاسم، الثلاثاء، تعرضت خطط ميرتس لطعون قانونية من قبل أحزاب المعارضة، ومن داخل صفوفه بأنه لا “يربط المستويات التاريخية للإنفاق المخطط لها، والتي تصل إلى تريليون يورو، بمطالب الإصلاح”.

ويحتاج المستشار الألماني المقبل إلى دعم حزبه الديمقراطي المسيحي (CDU)، وشريكه المحتمل في الائتلاف الحكومي، الحزب الديمقراطي الاجتماعي (SPD)، وحزب الخضر، لإقرار حزمة الإصلاحات الرئيسية بأغلبية الثلثين.

وطعن حزب “البديل من أجل ألمانيا” اليميني المتطرف في التصويت أمام المحكمة الدستورية، مدعياً أن البوندستاج لم يمنح الخبراء الخارجيين الوقت الكافي للتدقيق في الخطط التي رفعت قيمة اليورو والأسهم، الأسبوع الماضي. 

فيما وافق كل من الاتحاد الديمقراطي المسيحي/الاتحاد الاجتماعي المسيحي، والحزب الاشتراكي الديمقراطي، وحزب الخضر من حيث المبدأ على المقترحات الأسبوع الماضي.

ويحتاج التصويت إلى موافقة ثلثي الأعضاء لإقراره.

ما خطة ميرتس؟

يقترح ميرتس أن يُعفى الإنفاق الدفاعي الذي يتجاوز 1% من الناتج المحلي الإجمالي لألمانيا من سياسة “كبح الديون”، التي تحدد العجز الهيكلي عند حد أقصاه 0.35% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.

وتم إدخال نظام “كبح الديون” في الدستور الألماني في عام 2009 من قبل المستشارة السابقة أنجيلا ميركل، في محاولة للحد من الاقتراض الحكومي بعد الأزمة المالية العالمية، حيث ارتفعت ديون الحكومة من 63% من الناتج المحلي الإجمالي إلى 81%.

وهذه القاعدة تحد من العجز الهيكلي للحكومة إلى 0.35% من الناتج المحلي الإجمالي، مع التعديل وفقاً للدورة الاقتصادية.

وبموجب مقترحات ميرتس، سيُلغى هذا الكبح عملياً فيما يتعلق بالإنفاق اللازم لدفاع البلاد.

وتعني هذه التغييرات أنه قد يتم تمويل “الإنفاق الفيدرالي على الدفاع المدني والحماية المدنية، وأجهزة الاستخبارات، وحماية أنظمة تكنولوجيا المعلومات، ومساعدة الدول التي تتعرض لهجمات تنتهك القانون الدولي” عن طريق القروض في المستقبل.

ويشمل ذلك المساعدات العسكرية لأوكرانيا، والمحددة بـ 4 مليارات يورو (4.6 مليار دولار) لعام 2025.

لماذا التصويت الآن؟

يرغب ميرتس في أن يوافق البرلمان المنتهية ولايته (يتمتع بصلاحياته كاملة حتى تنصيب البرلمان الجديد)، على تمويل بقية 500 مليار يورو للإنفاق على البنية التحتية، وإجراء تغييرات واسعة في قواعد الاستدانة، لإحياء النمو وزيادة الإنفاق العسكري في أكبر اقتصادات القارة الأوروبية.

ويتطلب التعديل المُزمع للمواد 109 و115 و143 من القانون الأساسي، أغلبية الثلثين.

ولن تحصل كتلة الأحزاب المؤيدة لهذا التعديل، على أغلبية الثلثين في البرلمان الجديد، بعد أن حقق حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف وحزب اليسار مكاسب كبيرة في انتخابات فبراير الماضي.

لذلك، يعقد البرلمان جلسة أخيرة للتصويت قبل أن يتولى النواب المنتخبون الجدد مناصبهم في البوندستاج.

وتُمثّل هذه الزيادة تحوّلاً جذرياً في بلد لطالما تردد في تحمّل ديون كبيرة أو إنفاق مبالغ طائلة على الجيش، نظرا لأهوال “ماضيه النازي”.

لكن ميرتس، البالغ من العمر 69 عاماً، والذي فاز تحالفه المحافظ (الاتحاد الديمقراطي المسيحي/الاتحاد الاجتماعي المسيحي) بأكبر عدد من المقاعد في انتخابات فبراير، دعا إلى اتخاذ إجراءات سريعة مع تزايد المخاوف من تراجع التزام الولايات المتحدة المُستمر منذ عقود بالدفاع الأوروبي، في عهد الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

في مُقابلة مع قناة ARD الألمانية العامة، الأحد، قال ميرتس إن “الوضع قد ساء في الأسابيع الأخيرة”، مُشيراً إلى مبادرات ترمب تجاه روسيا لإنهاء حرب أوكرانيا وتراجع التزامه تجاه حلف شمال الأطلسي (الناتو).

وقال ميرتس: “لهذا السبب علينا التحرك بسرعة”.

بجانبها قالت وزيرة الخارجية الألمانية المنتهية ولايتها، أنالينا بيربوك، إن المقترحات كانت “إشارة قوية إلى أن ألمانيا جادة بشأن أمنها، وأمن أوكرانيا، وأمن أوروبا”.

ما المطلوب لتمرير التعديلات؟

ولتمرير حزمة التعديلات الدستورية الثلاث، يحتاج ميرتس إلى تأمين أغلبية الثلثين في البرلمان. وعندما ينعقد البرلمان الجديد، في 25 مارس، يُتوقع أن يقوم حزب “البديل من أجل ألمانيا” (AfD) اليميني المتطرف، والذي يتهمه نقاده بأنه “مُوال للكرملين”، إلى جانب حزب اليسار الذي يعارض زيادة الإنفاق العسكري، بعرقلة هذه التعديلات.

وتعهّد ميرتس، بأن يتم توسيع الإنفاق الدفاعي، مع رفع حدود الدين لتتجاوز 1% من الناتج المحلي الإجمالي، ليشمل تكاليف أجهزة الاستخبارات وحماية المدنيين، وهو مطلب رئيسي دفع به حزب الخضر خلال المفاوضات.

كما وعد بتخصيص 50 مليار يورو من صندوق البنية التحتية المقترح البالغ 500 مليار يورو لسياسات تغير المناخ، ولكن الرقم الصادر عن اتفاق أعلى بكثير، إذ يبلغ 100 مليار يورو وفق التقارير.

وارتفع الإنفاق الدفاعي في ألمانيا بنسبة 23.2% العام الماضي، مما ساهم في تحقيق زيادة قياسية بلغت 11.7% في الإنفاق الدفاعي الأوروبي.

دعم الخضر والاشتراكيين الديمقراطيين

قُبيل التصويت الحاسم في البوندستاج القديم، أعرب قادة أحزاب يمين الوسط، الاتحاد الديمقراطي المسيحي (CDU)، والاشتراكيون الديمقراطيون (SPD)، والخضر، عن تفاؤلهم بتحقيق أغلبية الثلثين اللازمة الثلاثاء.

هذه الأغلبية المطلقة ضرورية للتعديل المُزمع للمواد 109 و115 و143 من القانون الأساسي.

تحدث زعيم الاتحاد الديمقراطي المسيحي، فريدريش ميرتس، وزعيم الكتلة البرلمانية للحزب الاشتراكي الديمقراطي، لارس كلينجبيل، اللذان يُجري حزباهما محادثات لتشكيل الحكومة الائتلافية القادمة، بعد اجتماعات الكتلة البرلمانية للحزب، والتي لم تشهد سوى عدد قليل جداً من المعارضين، وفق موقع DW.

في تصويت تجريبي في الكتلة البرلمانية للخضر، كان هناك صوتاً واحداً ضد المقترحات. وقالت فرانزيسكا برانتنر، القائدة المشاركة للخضر، إنه لا توجد صعوبات تلوح في الأفق.

في البرلمان الجديد، من المرجح ألا يكون لدى المستشار القادم ميرتس، طريقة واضحة لحشد الأصوات الكافية لإقرار الحزمة. لذلك، فهو يراهن على الحزب الاشتراكي الديمقراطي والمحافظين والخضر في البرلمان المنتهية ولايته لإقرار التغييرات.

أحد العوامل التي قد تُعكّر صفو الأمور هو الاقتراحات العاجلة التي قدمها المشرعون من حزب الديمقراطيين الأحرار، الذي يركز على قطاع الأعمال، وحزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف، والتي تم تقديمها بالفعل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *