“الطائرة” السورية بلا ألقاب –

– هاني كرزي
افتقرت رياضة كرة الطائرة للاهتمام والدعم في سوريا لعقود من الزمن، إذ عانت من إهمال النظام السوري السابق، ما انعكس بشكل سلبي على مستوى المنتخبات السورية المشاركة في البطولات القارية، ولا سيما المنتخب الأول الذي فشل طوال تاريخه في تحقيق أي لقب، ويأمل السوريون أن تحظى كرة الطائرة بالدعم لتطوير مستوى الأندية والمنتخبات مع العهد الجديد في البلاد.
حال رياضة كرة الطائرة كان كحال باقي الرياضات في سوريا، إذ عانت من الفساد والإهمال من الاتحاد الرياضي الذي كان يديره النظام السوري السابق، وكان يحرص على إرسال منتخباته وأنديته للمشاركة في البطولات الخارجية، كوسيلة لتلميع صورته عربيًا وعالميًا.
منتخب بلا بطولات
منتخب سوريا الأول لكرة الطائرة فشل طوال تاريخه في تحقيق أي لقب بمختلف البطولات، وعجز عن التأهل إلى كأس العالم، بينما شارك مرة واحدة فقط من أصل 20 بطولة في كآس آسيا.
المشاركة الوحيدة في كأس آسيا كانت عام 1979، حقق خلالها المركز العاشر بالبطولة التي أقيمت في البحرين، وفاز حينها في ثلاث مباريات وخسر في خمس.
كما شارك في دورة الألعاب العربية لكرة الطائرة ثلاث مرات من أصل 11 بطولة، وحصد المركز الثاني خلال البطولة التي أقيمت في سوريا عام 1965، بينما حقق المركز الثالث عامي 1957 و1992.
شارك المنتخب السوري الأول لكرة الطائرة مرتين من أصل 16 مرة، في بطولة ألعاب البحر الأبيض المتوسط، وحقق المركز السادس عام 1971 في تركيا، بينما حصد المركز الرابع عام 1987 في سوريا.
كما شارك مرتين في بطولة غرب آسيا، وحقق المركز الثالث عام 2002 في إيران، والمركز السادس عام 2005 في قطر.
فساد وغياب الدعم
اصطدمت كرة الطائرة السورية بالكثير من التحديات التي عاقت تطورها، وأثرت تلك العقبات على المدربين واللاعبين على حد سواء، وبالتالي انعكس ذلك على مستوى الأندية والمنتخبات السورية.
عقب اندلاع الثورة السورية، تحكم النظام السوري السابق بكرة الطائرة عبر المكتب التنفيذي، إضافة إلى هجرة الكثير من اللاعبين والمدربين خارج سوريا، وعزوف آخرين عن ممارسة هذه الرياضة، ما تسبب في تراجعها بشكل كبير.
أحمد القاسم لاعب ومدرب سابق في كرة الطائرة، أكد ل أن كرة الطائرة في سوريا تعرضت لإهمال كبير، وغاب بريقها منذ نهاية السبعينيات، ولم يعد الاتحاد الرياضي يقدم أي اهتمام لهذه اللعبة التي كانت تحظى بشعبية جماهيرية في تلك الفترة، ويمارسها الرجال والنساء.
القاسم الذي لعب مع أندية الكرامة والوثبة والمنتخب السوري، لفت إلى أن سبب تراجع كرة الطائرة يعود إلى عدم وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، في ظل انتشار الفساد و”الواسطات”، إذ إن هذه الرياضة تحتاج إلى حرفية ومهارة لإتقانها، وبالتالي يجب توفير مدربين مؤهلين للمساعدة في تطوير مستوى اللاعبين، ابتداء من الفئات العمرية الصغرية، لكن معظم المدربين كانوا بلا خبرة أو ثقافة في كرة الطائرة.
وأشار القاسم إلى مشكلة أخرى تتمثل في عدم إعداد الحكام وتأهيلهم بشكل جيد عبر الدورات التدريبية، إضافة إلى تقاضيهم رواتب ضئيلة على المباريات، والأهم من ذلك أن التغطية الإعلامية لرياضة كرة الطائرة كانت ضعيفة جدًا.
محمود الصالح، لاعب كرة طائرة في الدوري السوري، أكد أن اللاعبين يعانون من غياب الدعم المادي، فمعظم الأندية فقيرة ولا تصرف رواتب للاعبيها الذين لا يستطيعون إمضاء وقت طويل في التدريب بلا مقابل مادي، ما يضطرهم لإهمال التدريبات من أجل التفرغ لأعمالهم وتأمين مصدر دخل.
وأضاف الصالح ل أن هناك نقصًا كبيرًا في الجوانب اللوجستية الخاصة بالتدريب من كرات وشباك وألبسة وأحذية، إضافة إلى عدم توفر الصالات الرياضية الخاصة بالتدريب، وبالتالي “كنا نضطر للتدرب في ساحات مكشوفة وغير مجهزة بأرضيات ملائمة، ما يتسبب في إصابة اللاعبين”.
خطوات لإنعاش كرة الطائرة
تحديات كثيرة تعرقل تطور كرة الطائرة السورية، ومع بدء عهد جديد في الرياضة السورية، تعالت الأصوات المطالبة باتخاذ خطوات جدية للنهوض بهذه الرياضة.
عقب سقوط النظام السوري، بدأ الاتحاد الرياضي العام العمل على إعادة إحياء كرة الطائرة، وكانت أولى خطواته في 21 من كانون الأول 2024، حيث قرر تعيين الكابتن منهل الشيخ حامد، رئيسًا للاتحاد السوري للكرة الطائرة.
وقال الاتحاد الرياضي لكرة الطائرة في بيان، “عندما توكل الأمور لأهل الاختصاص تسير السفينة قُدُمًا نحو بر الأمان، منهل الشيخ حامد ربّان الكرة الطائرة وعرّابها بخطى ثابتة للنهوض والسير نحو الأمام”.
الكابتن منهل الشيخ حامد كان سابقًا رئيس الاتحاد السوري الحر لكرة الطائرة، وكان له دور في تطوير مستوى هذه الرياضة بالشمال السوري.
اتحاد كرة الطائرة عمل على تنشيط هذه الرياضة ريثما تعود المنافسات الرسمية، إذ أطلق، في 17 من شباط الماضي، بطولة تنشيطية لكرة الطائرة “بطولة النصر”، بمشاركة ثمانية أندية من مختلف المحافظات السورية.
ضمت المجموعة الأولى في هذه البطولة أندية القطيفة وإدلب والسودا وكفرحور، بينما ضمت المجموعة الثانية أندية السلمية والوحدة والاتحاد ودرعا.
وفاز نادي القطيفة ببطولة النصر لكرة الطائرة، بعد تغلبه في المباراة النهائية على نادي إدلب بثلاثة أشواط مقابل لا شيء.
كما أعلن اتحاد كرة الطائرة، في 2 من آذار الحالي، عن افتتاح دورة لتأهيل مدربي كرة الطائرة، لكنه أصدر بيانًا آخر، في 8 من الشهر الحالي، قرر خلاله تأجيل الدورة حتى إشعار آخر، عقب تصاعد الأحداث في الساحل السوري.
مطالب ملحّة
تأمل الجماهير السورية أن يكون المستقبل أفضل للكرة السورية بما فيها كرة الطائرة، ودعا المدرب أحمد القاسم إلى تقديم الدعم المادي والرواتب لكل القائمين على هذه الرياضة، من لاعبين ومدربين وحكام وإداريين، معتبرًا ذلك الخطوة الأبرز والأهم لبدء العمل في مشوار انتشال كرة الطائرة من القاع.
وطالب القاسم بإنشاء وزارة للرياضة، تضم كوادر مؤهلة وقادرة على تطوير جميع الرياضات في سوريا بما فيها كرة الطائرة، وبنفس الوقت تعمل هذه الوزارة على زيادة التغطية الإعلامية والاهتمام بكرة الطائرة التي عانت من الإهمال لعقود من الزمن.
في السياق ذاته، أكد اللاعب محمود الصالح ضرورة تأمين مراكز تدريبية وتجهيزات كاملة من ألبسة وشباك وأحذية وكرات، وتطوير الفئات العمرية الصغيرة، وتأهيل الحكام والمدربين بشكل أكاديمي، ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب بعيدًا عن “الواسطات” والمحسوبيات.
في حين قال الصحفي الرياضي حسين مصطفى، إن الاهتمام في بناء القواعد هو أساس النجاح، ليكون لدينا منتخب قوي في السنوات المقبلة.
وأضاف مصطفى أنه يجب العمل بجدية على استدعاء اللاعبين المغتربين، “لأننا نمتلك عددًا كبيرًا من اللاعبين في الخارج”، ولكن للأسف الاتحادات الماضية فشلت في الاستفادة من هؤلاء اللاعبين.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية
أرسل/أرسلي تصحيحًا
مرتبط
المصدر: عنب بلدي