تحديات تواجه مرضى السرطان في سوريا

– عمر علاء الدين
أطلقت وزارة الصحة السورية نداء إنسانيًا عاجلًا لتوفير الأدوية لعلاج لمرضى السرطان في سوريا، في ظل نقص حاد بالأدوية الأساسية لعلاج المرض.
وخلال مؤتمر صحفي عُقد في 26 من آذار الماضي، قال مدير التخطيط والتعاون الدولي في وزارة الصحة، زهير قراط، إن وزارة الصحة تطلق من خلال هذا المؤتمر نداء إنسانيًا عاجلًا لكل الجهات الفاعلة في المجتمع الدولي (الأمم المتحدة، منظمة الصحة العالمية، منظمة يونيسف، الاتحاد الأوروبي) وللدول الشقيقة والصديقة وللصناديق الإنسانية للمنظمات غير الحكومية لدعم مرضى السرطان في سوريا وتوفير الأدوية لهم.
رئيس اللجنة الوطنية للدم والأورام في وزارة الصحة، جميل الدبل، قال ل، إن 7 محافظات سورية بحاجة لمراكز علاج سرطان، غير أن المراكز الأساسية الفاعلة تعاني من نقص حاد على مستوى الأدوية والأجهزة، مع غياب تام لأي نظام معلومات حول هؤلاء المرضى لتحديد إمكانية علاجهم وتكلفتها، مؤكدًا أن الوضع بالغ في الصعوبة.
المدير التنفيذي لمنظمة “أوسوم”، محمد زاهد المصري، أكد في حديث ل، تلبية المنظمة للنداء الإنساني الذي أطلقته الوزارة عبر توفير الدعم المالي والاستشارة الطبية.
20 ألفًا مهددون بتوقف العلاج
رئيس اللجنة الوطنية للدم والأورام، جميل الدبل، قال، إن 80% من مرضى السرطان في سوريا هم بحاجة سريعة وعاجلة لتأمين العلاج الكيماوي، مؤكدًا أن النظام السابق كان لا يولي اهتمامًا لهؤلاء المرضى، حيث لا نظام معلومات يمكن الاستناد إليه في عملية الإحصاء وتقديم العلاج، ولا نظام اقتصادي واضح لدعم جهود مكافحة السرطان، وأن عملية العلاج كانت تتم بعشوائية.
الدبل، وفي حديثه ل، أوضح أن التحديات العاجلة تكمن في النقص الشديد والحاد في الأدوية من حيث الكم والنوع والتي لا تغطي الاحتياجات الحالية، مضيفًا أن نوعية الأدوية غير جيدة وأسعارها مرتفعة مقارنة بالأنواع الأصلية، كما أن النظام السابق سلم صناعة الأدوية السرطانية لشركات إيرانية، كانت هي المحتكر الرئيس لهذا القطاع، وضخت هذه الأدوية في السوق.
وأضاف الدبل، “للأسف لا توجد قائمة أدوية سنوية يمكن العمل عليها، كما أن عدد مرضى السرطان في سوريا غير واضح، مما يعني عدم وجود نسب شفاء واضحة”.
اللجنة الوطنية للدم والأورام قسمت قائمة الأدوية لثلاثة أنواع هي الأدوية الأساسية والأدوية الضرورية والأدوية الشاملة.
%80 من الأدوية الأساسية (التي تتيح الحد الأدنى لعلاج المرضى وتبرز الحاجة لها بشكل أساسي وعاجل) غير موجودة في سوريا، بحسب رئيس اللجنة الوطنية للدم والأورام، جميل الدبل.
وأشار رئيس اللجنة الوطنية للأورام إلى أن من 15 إلى 20 ألف مريض مهددون بتوقف العلاج بسبب عدم وجود كمية كافية من الأدوية.
أما عن الصعوبات البعيدة المدى فتتلخص، بحسب الدبل، في عدم وجود الأجهزة الكافية للعلاج والوقاية، على سبيل المثال حيث لا يوجد جهاز “بيت سي تي” (PET-CT) الذي يشخص السرطان في مرحلة مبكرة.
وبحسب الموقع الطبي المتخصص “مايو كلينك”، فإن “بيت سي تي” يسمى “فحص التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني”، وهو فحص تصويري يمكن أن يساعد على الكشف عن الوظيفة الأيضية أو الكيماوية الحيوية للأنسجة والأعضاء.
وتكون فحوصات “التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني” عبر هذا الجهاز مفيدة، حسب الموقع، بـ”الكشف عن وجود سرطان والكشف عما إذا كان السرطان قد انتشر أم لا، والتحقق من فعالية علاج السرطان، واكتشاف عودة السرطان”.
وبحسب الدبل، لا يوجد في سوريا نظام إجراء التلوينات المناعية للتشريح المرضي، كما لا يوجد النظام “فلو سايسومتري” (Flow cytometry) الذي يعني فحص التدفق الخلوي ويستخدم هذا الاختبار عادة في تشخيص ومراقبة سرطانات الدم مثل سرطان الغدد الليمفاوية وسرطان الدم.
يبلغ عدد مراكز علاج السرطان في سوريا من 15 إلى 20 مركزًا تتوزع في 7 محافظات (دمشق، اللاذقية، طرطوس، حمص، حماة، حلب، إدلب)، ويتم الاعتماد بشكل أساسي على المراكز الحكومية لعلاج السرطان، بسبب التكلفة العالية للعلاج، وهو ما لا ما تملكه الدولة السورية حاليًا، بحسب رئيس اللجنة الوطنية للأورام.
وهناك حاجة إلى مراكز جديدة في دير الزور ودرعا وريف دمشق حاليًا، كما أن هناك مركزًا صغيرًا في السويداء بحاجة لتفعيل، وفي المستقبل هناك حاجة إلى مراكز بالحسكة والقامشلي مع غياب المعلومات عن هاتين المحافظتين، وفق ما قاله جميل الدبل.
ووجه الدبل رسالة إلى منظمة الصحة العالمية، ومنظمات المجتمع المدني قال فيها، “إن كل إنسان له الحق في تلقي العلاج، خصوصًا مرضى السرطان، سواء أكان هذا العلاج يقدم من الحكومات أو عبر منظمة الصحة العالمية، وفي وضعنا الحالي في سوريا تتعذر هذه الإمكانية للظروف التي ذكرها، لذلك سوريا تناشد المجمع الدولي للتدخل والمساعدة وإلا سوف نفقد الأرواح بالتدريج، ومعاناة مريض السرطان لا تعنيه لوحده فقط بل تمثل معاناته ومعاناة أسرته ومعاناة المجتمع بأسره”.
استجابة للنداء
بدوره، قال المدير التنفيذي لمنظمة “أوسوم” (UOSSM)، محمد زاهد المصري، إن مناشدة وزارة الصحة تأتي في مكانها، مؤكدًا أن لدى المنظمة معلومات حول امتناع النظام السابق عن تقديم العلاج بشكل كافٍ لمرضى السرطان بذريعة العقوبات، رغم أن المساعدات الطبية، كانت وما زالت مستثناة من العقوبات المفروضة على سوريا.
“أوسوم” اختصار لـ”اتحاد منظمات الإغاثة والرعاية الطبية“، وهي منظمة غير حكومية غير ربحية تقدم المساعدة الطبية وخدمات الرعاية الصحية للمتضررين من الأزمات في سوريا وبلدان أخرى، تأسست في عام 2012 بالعاصمة الفرنسية باريس.
المصري، أكد في حديث ل، أن المناشدة التي قامت بها وزارة الصحة مطلوبة جدًا في الوقت الحالي، داعيًا كل الفاعلين والمعنيين بهذا الأمر لحشد الجهود من أجل تخفيف معاناة مرضى السرطان والشروع في حل لهذه المشكلة.
وفي السابق وخصوصًا بالنسبة للمنظمات التي تعمل في شمال غربي سوريا ومن ضمنها “أوسوم”، كان موضوع علاج مرضى السرطان معقدًا ويتم عبر مراكز محدودة جدًا أو يتم نقلهم إلى تركيا، كما قال المصري.
ووفقًا لتقرير لـ”الجمعية الطبية السورية الأمريكية” (سامز) ومنظمة الإغاثة الدولية والجمعية (Relief International)، عام 2023، فإن الأماكن التي كانت غير خاضعة لسيطرة النظام السابق، ويتم تمويل توفير الرعاية الصحية فيها من قبل مانحين خارجيين (منظمات المجتمع المدني)، في حين تعتبر الرعاية الصحية لمرضى السرطان فيها من المستوى الثالث وبالتالي لا يتم تمويلها من قبل هؤلاء المانحين، ويُطلب من المنظمات غير الحكومية جمع التبرعات بشكل مستقل لهذه الحالات، لذلك، فإن توفر خدمات التشخيص والعلاج المجانية للسرطان محدود للغاية بالنسبة للسكان حيث يعيش 90% تحت خط الفقر.
لكن في الوقت الحالي، فإن مدير منظمة “أوسوم” أكد ل، أن المنظمة ستتجاوب مع مناشدة وزارة الصحة السورية، وسيكون هناك تواصل مع الوزارة من أجل تنسيق الاستجابة لهذه المناشدة، مضيفًا، “سنحاول أن نقوم بدورنا بالشكل المطلوب من خلال توفير التمويل والأدوية والاستشارات الخبيرة من قبل أطبائنا”.
إحصائيات
في 18 من كانون الأول 2024، قدمت محفظة “BMC” البحثية مراجعة منهجية للسرطان والصراع في سوريا، ضمت معظم الأبحاث التي تناولت مرض السرطان ومكافحته في سوريا، وخلصت هذه المراجعة إلى عدة نتائج أبرزها:
شهدت نسبة الوفيات جراء السرطان في سوريا زيادة بنسبة 31.7% مقارنة بـ2015، و بمعدل وفيات إجمالي قدره 89.6 وفاة لكل 100 ألف شخص في عام 2022.
شهدت نسبة الإصابة بمرض السرطان في سوريا زيادة بنسبة 40% مقارنة مع عام 2015، بمعدل إجمالي 135.7 إصابة لكل 100 ألف شخص في عام 2022.
تتراوح تكاليف معالجة السرطان في سوريا بين 100 دولار و1000 دولار شهريًا، وهو ما ورد أنه مكلف للغاية بالنسبة للمواطن السوري العادي، بحسب دراسة أجريت عام 2016.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية
أرسل/أرسلي تصحيحًا
مرتبط
المصدر: عنب بلدي