غير أن إعادة تفسيرها فعليًا ومحاولة إعداد الوجبات جاءت مؤخرًا ضمن مشروع بحثي بقيادة الباحث جويسكو بارجاموفيتش من جامعة هارفارد، بمشاركة خبراء من عدة تخصصات.
التحدي الأكبر كان في اللغة، إذ إن بعض المصطلحات لم تعد مفهومة أو أن المكونات التي تشير إليها لم تعد متوفرة، أو أن النصوص نفسها تفتقر إلى المقادير الدقيقة، وهو أمر لم يظهر في وصفات الطهي الحديثة إلا خلال القرون القليلة الماضية.
تضم هذه الألواح تعليمات لإعداد حساء، وفطائر محشوة بطيور مغردة، وقمح أخضر، وأكثر من 25 نوعًا من اليخنات النباتية واللحمية، إضافة إلى وجبات تشمل دماء وحيوانات صغيرة مطهوة، وهي مكونات قد تبدو غريبة بالنسبة للذوق المعاصر.
وعلى الرغم من أن التعليمات لم تكن مفصلة كمثل وصفات اليوم، إلا أنها تقدم لمحة عن فن الطهي في حضارة بلاد الرافدين، وتظهر أن بعض عناصر المطبخ العراقي الحديث مثل لحم الضأن والكزبرة كانت موجودة منذ آلاف السنين.
وتكمن أهمية هذه الألواح في كونها تمثل “جزيرة معرفية فريدة” كما وصفها بارجاموفيتش، تسلط الضوء على العمق الثقافي للتغذية في الحضارات القديمة، وتؤكد أن الطهي كان ولا يزال عنصرًا جوهريًا في التواصل الإنساني وتوارث المعرفة.
