اخر الاخبار

مَكْنَنَة.. معرض فني يكشف علاقة الفنان العربي بالتكنولوجيا

افتتح مركز الدرعية لفنون المستقبل، أول مركز متخصص في فنون الوسائط الجديدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، الاثنين، معرضه الفني الثاني “مَكْنَنَة: أركيولوجيا فنون الوسائط الجديدة في العالم العربي”.

ويقام المعرض بالتنسيق المشترك بين الفنانين التشكيليين والقيّمين الفنّيَين هيثم نوار وآلاء يونس في مقر المركز بالدرعية في الرياض، ويستمرّ حتى 19 يوليو القادم.

ويقدم المعرض التاريخ الغني لفنون الوسائط الجديدة في العالم العربي عبر أكثر من 70 عملاً فنياً بمشاركة 50 فناناً من الرواد العرب في هذا المجال، ويستلهم عنوانه من الكلمة العربية “مَكْنَنَة”، والتي تعني إحالة العمل إلى الآلة أو أن تكون جزءاً منه، ليطرح تساؤلاً جوهرياً حول كيفية تعامل الفنانين العرب مع التكنولوجيا، وكيف أعادوا صياغتها في قالب إبداعي، يتمحور حول الاحتياجات الرقمية، ومنطق الآلة، وصولاً إلى حفظ الذاكرة، والبيئات التخيلية. 

الفنان العربي والتكنولوجيا

وأوضحت القيّمة الفنية على المعرض الفنانة آلاء يونس في حديثها لـ”الشرق”، أن الفكرة تدور حول “التنقيب في القرن العشرين عن تجارب الفنانين العرب في استخدام تكنولوجيا عصرهم”، مشيرة إلى أن المعرض يضم أعمالاً تعود إلى عام 1923، بينها فيلم أنيميشن مصري عُرض سابقاً في المقاهي وليس في صالات السينما، إضافة إلى تجارب رقمية رائدة في الثمانينات مثل أعمال الفنانة سامية حلبي.

كما أشارت إلى أن المعرض يسلط الضوء على كيفية تفاعل الفنانين مع التكنولوجيا المتاحة لهم، كل حسب موقعه وزمانه، موضحة أن اختيار اسم “مكننة” جاء من إحالة العمل إلى الآلة أو أن يكون جزءاً منها، في محاولة لطرح سؤال حول علاقة الفنان العربي بالآلة والتقنية.

فنانون عرب وتجارب متنوّعة

ويشارك في المعرض فنانون من دول عربية عدّة، وتعرض الأعمال المختارة ضمن 4 محاور رئيسية هي: المكننة، الاستقلالية، التموجات، والغليتش، وهي موضوعات تتقاطع فيها الهموم الفنية المتكررة عبر الأجيال، والجغرافيا، والأنماط التكنولوجية.

الملصق الإعلاني لمعرض مكننة



فرصة نادرة

بدوره، أكد الفنان الأردني رائد إبراهيم في حديثه لـ”الشرق”، أهمية المشاركة بالنسبة له، ليس فقط لأنها تأتي في سياق المعارض التكنولوجية المتخصصة، بل لأنها تتيح فرصة نادرة للقاء الفنانين العرب من مختلف الدول في مساحة حوارية وإبداعية واحدة.

وأضاف: “المعرض يركز على الفنون المرتبطة بالتكنولوجيا وفنون المستقبل، وهو ما يتقاطع مع طبيعة بعض الأعمال التي أقدمها، حيث أستخدم المكونات الإلكترونية والميكانيكية لإنتاج أعمال فنية متحركة مثل عملي المعروض بعنوان (مشوش)”.

وأضاف: “أشعر بسعادة كبيرة لمشاركتي بعمل (مشوش) الذي يتم عرضه للمرة الثانية بشكل عام وللمرة الأولى في السعودية، التي باتت وجهة للفنون المستقبلية والتجارب الإبداعية النوعية”.

مركز جذب للفنون المعاصرة

من جانبه، اعتبر الفنان العُماني حسن المير أن هذا النوع من الفعاليات يمثل إضافة ضرورية لمشهد الفنون في المنطقة العربية.

وقال لـ”الشرق”: “رغم أن هذه ليست مشاركتي الأولى في السعودية، إلّا أنها زيارتي الأولى للرياض، والمشاركة في معرض يسلط الضوء على الوسائط الحديثة والابتكارات التكنولوجية في الفن المعاصر تجربة مميزة”.

وذكر أن عمله المعروض يتناول تحولات أنماط الحياة في منطقة الخليج، موضحاً: “العمل يناقش كيف أثرت التحولات الاقتصادية على نمط الحياة والعمارة، حيث هجر كثير من الخليجيين بيوتهم التقليدية وانتقلوا إلى المدن الحديثة”.

وتابع: “أتناول هذه التغيرات بأسلوب فني يستحضر البيت القديم كنقطة انطلاق لطرح الأسئلة حول التحولات الاجتماعية والاقتصادية في المنطقة”.

وأضاف: “الرياض اليوم أصبحت نقطة جذب للفنون الحديثة، ليس فقط في مجال الفنون البصرية، بل في مختلف الإبداعات الثقافية والمعمارية، هناك نهضة شاملة أراها جزءاً من مشروع متكامل للحياة الثقافية الحديثة”.

حراك ثقافي ورافد اقتصادي

وأشار الصحافي الفني السعودي عبدر الرحمن الناصر، إلى أن المعرض يجسد أحد ملامح الحراك الثقافي المتسارع في المملكة، الذي يتقاطع مع مستهدفات رؤية السعودية 2030، خاصة في إبراز الهوية الثقافية السعودية وتقديمها للعالم بلغة الفنون الحديثة.

ولفت إلى أن هذا النوع من الفعاليات يسهم في تعزيز السياحة الثقافية، وأن هذه المعارض ليست مجرد منصات للعرض، بل هي فضاءات للتفاعل الثقافي وتبادل الخبرات وتعزيز الشراكات الإبداعية على مستوى المنطقة والعالم.

وقال إن المملكة باتت قبلة للفنانين من العالم العربي والعالم أجمع، ليس فقط في الفنون البصرية، بل أيضاً في السينما والفنون الأدائية والموسيقى، خاتماً حديثه بأن تأسيس بنية تحتية قوية للثقافة والفنون، مثل استوديوهات الإنتاج والمعارض المتخصصة، ينعكس بشكل مباشر على الاقتصاد الوطني، من خلال جذب الزوار والفنانين والمستثمرين.

برنامج ثقافي متنوع

ويصاحب المعرض برنامج ثقافي متنوع، يتضمن ندوات حوارية، وعروضاً أدائية وأفلاماً، وورش عمل متخصصة، وذلك لتعزيز التفاعل المباشر مع الفنانين والمفكرين في مجال فنون الوسائط الجديدة، وفتح مساحة للنقاش حول القضايا التقنية والإبداعية المتقاطعة مع المجتمعات العربية.

يذكر أن مركز الدرعية لفنون المستقبل، هو إحدى مبادرات وزارة الثقافة السعودية، ليكون أول مركز يعنى بفنون الوسائط الجديدة والفنون الرقمية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث يشكل المركز مساحة للمبدعين من حول العالم للتعاون والتفكير والابتكار، ويركز على البحث والتوثيق وإنتاج الأعمال الفنية الجديدة المُلهمة.

كما يقدم فرصة للفنانين والباحثين إسهاماً منه في إثراء المشهد الفني في المملكة وتعزيزاً لمكانتها كوجهة عالمية لفنون الوسائط الجديدة والرقمية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *