الذكاء الاصطناعي والاحتيال المالي.. ما الذي يجب أن تفعله البنوك؟

أحدث الذكاء الاصطناعي تحولًا جذريًا في أساليب الاحتيال المالي، فقد أصبح المحتالون قادرين على تجاوز أنظمة التحقق الصوتي وإنتاج وثائق مالية وشخصية مزيفة خلال وقت قصير. ومع تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي، أصبح الاحتيال أكثر تعقيدًا وواقعية.
في هذا المقال، سنذكر أبرز الطرق التي يستخدم فيها المحتالون الذكاء الاصطناعي في عمليات الاحتيال المالي، وكيف يمكن للبنوك مواجهة هذا الخطر المتنامي.
أولًا: ما طرق استخدام الذكاء الاصطناعي في عمليات الاحتيال المالي؟
يستخدم المحتالون تقنيات الذكاء الاصطناعي بعدة طرق مختلفة لإجراء عمليات احتيال مالي، وأبرز هذه الطرق:
استخدام تقنية التزييف العميق لتسهيل انتحال الهوية
شهد عام 2024 أكبر عملية انتحال احتيالية باستخدام الذكاء الاصطناعي، عندما خسرت شركة Arup البريطانية نحو 25 مليون دولار بعد أن خدع المحتالون أحد موظفيها خلال مكالمة فيديو مباشرة استخدموا فيها وجوه وأصوات مزيفة لكبار المديرين التنفيذيين.
تعتمد تقنية التزييف العميق على خوارزميات معقدة يمكنها تقليد ملامح الوجه والصوت بدقة باستخدام صورة واحدة ودقيقة صوتية واحدة فقط. ويمكن عرض هذه المقاطع المزيفة بنحو مباشر أو مُسجل، مما يزيد صعوبة اكتشافها.
تصميم مواقع إلكترونية مزيفة بالذكاء الاصطناعي
يُستخدم الذكاء الاصطناعي لتصميم مواقع إلكترونية احتيالية تحاكي منصات استثمارية أو مصرفية حقيقية بنحو شبه متطابق، ويمكنها التفاعل مع الزوار كأنها أصلية.
ومن الأمثلة البارزة على هذا النوع من الاحتيال تقليد موقع Exante المالي، حيث خدع المحتالون الضحايا لإرسال أموالهم إلى حساب معين في بنك JPMorgan، معتقدين أنهم يقومون باستثمارات حقيقية.
الاستفادة من الذكاء الاصطناعي لتجاوز أدوات التحقق البيومتري
حتى مع تطور أدوات التحقق من الهوية عبر الكاميرا، فإن الذكاء الاصطناعي أصبح قادرًا على تجاوزها باستخدام تقنية التزييف العميق. كما أن بعض البرامج التجارية تتيح تجاوز أشهر أدوات التحقق مقابل مبالغ رمزية، وهي متاحة لأي شخص.
استخدام الذكاء الاصطناعي لاحتيال الهوية وإنشاء حسابات مزيفة
يتيح الذكاء الاصطناعي إنشاء هويات مزيفة تجمع بين بيانات حقيقية ووهمية تُعرف بالهويات الاصطناعية. وتُستخدم هذه الهويات للحصول على خدمات مالية، وبناء سجل ائتماني، ثم نهب الأموال والاختفاء.
ووفقًا لتقرير صادر عن Equifax، فإن نحو ثلث التنبيهات الكاذبة التي ترصدها الشركة ترتبط بهويات اصطناعية يصعب كشفها بالوسائل التقليدية.
ثانيًا: ما الذي يجب أن تفعله البنوك؟
يمكن للبنوك والمؤسسات المالية أن تحمي عملائها من عمليات الاحتيال المدعومة بالذكاء الاصطناعي بعدة طرق، أبرزها:
الاعتماد على المصادقة المتعددة العوامل (MFA)
يجب على البنوك تعزيز استخدام المصادقة الثنائية والمصادقة المتعددة العوامل؛ لأنها تُعدّ أكثر الوسائل أمانًا ضد هجمات الذكاء الاصطناعي. كما ينبغي توعية العملاء بعدم مشاركة رموز التحقق مع أي جهة خارجية.
تحسين آليات التحقق من الهوية
على البنوك تطوير أنظمة لتعرف الهويات المزيفة، باستخدام تقنيات متقدمة لاختبار النماذج التوليدية والكشف عن الثغرات في البيانات.
تقييم المخاطر عند فتح الحسابات
ينبغي للبنوك تنفيذ فحوصات شاملة عند إنشاء حسابات جديدة، مثل مطابقة بيانات الاسم والعنوان والرقم الوطني مع السجلات العامة ومنصات التواصل. كما يمكن فرض قيود مؤقتة على العمليات المالية إلى حين التحقق من صحة الحساب.
الخاتمة
أصبح تنفيذ عمليات احتيال معقدة بالذكاء الاصطناعي متاحًا لأي شخص دون الحاجة إلى خبرة تقنية. ومع انتشار أدوات الذكاء الاصطناعي المفتوحة المصدر، تزداد أهمية أن تتخذ البنوك إجراءات استباقية لحماية الأنظمة المالية والعملاء من هذا التهديد المتطور.