اخر الاخبار

إثيوبيا تتيح للأجانب تملّك العقارات.. ومخاوف من تضخم الأسعار

أقر مجلس الوزراء الإثيوبي، الخميس، مشروع قانون جديد يسمح للأجانب بتملّك العقارات في البلاد، للمرة الأولى، منهياً بذلك حظراً دام لعقود، فيما أثيرت مخاوف من أن يؤدي هذا القرار إلى تضخم في أسعار الأراضي والمباني.

وجاء القرار الجديد خلال جلسة لمجلس الوزراء الإثيوبي برئاسة أبي أحمد، والذي أشار إلى المصادقة على عددٍ من المشاريع الأخرى، ضمن حزمة من الإصلاحات الاقتصادية الهادفة إلى جذب الاستثمارات الأجنبية، وتطوير قطاع الإسكان، وخلق فرص عمل جديدة.

وأُحيل مشروع القانون إلى البرلمان للمراجعة والمصادقة.

ويعد القانون من أبرز بنود خطة الإصلاحات الاقتصادية التي تنفذها حكومة آبي أحمد، والتي تهدف إلى تحفيز النمو عبر جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، خاصة في قطاع العقارات والبنية التحتية والإسكان.

ووفق خبراء اقتصاديين تحدثوا لـ”الشرق”، فإن فتح أبواب العقارات للأجانب تعتبر خطوة بارزة، تختلف عن الإرث السياسي الذي أرسته أنظمة أباطرة إثيوبيا والثورة الإثيوبية في عام 1974، بقيادة مينجستو هيلي ماريام، حين تم إقرار مبدأ “الأرض ملك للشعب”، والذي كرّس سيطرة الدولة على جميع الأراضي، ومنع البيع والشراء العقاري الخاص، لا سيما من قبل الأجانب.

تشجيع الاستثمار الأجنبي

ويرى الخبير الاقتصادي الإثيوبي وعضو مجلس إدارة إعادة إصلاح المؤسسات الاقتصادية، عبده جمال، أن هذه الخطوة تمثل تحولاً تاريخياً نحو الإنفتاح على العالم. وقال في تصريح لـ”الشرق” إن الحكومة الإثيوبية “أعادت طرح ملف تملك العقارات من زاوية مختلفة، تستند إلى فلسفة اقتصاد السوق، لكنه قد يثير جدلاً داخلياً واسعاً حول التوازن بين تحرير السوق وحماية السيادة الاقتصادية والاجتماعية”.

وأضاف جمال أن “الحكومة تسعى، من الناحية الاقتصادية، إلى معالجة أزمة السكن في المدن الكبرى، لا سيما في أديس أبابا، وتشجيع المستثمرين الأجانب على ضخ رؤوس أموال في مشاريع البناء والتطوير العمراني”، معتبراً أنه “يمكن أن يُعول على هذه الخطوة لخلق فرص عمل، وتحقيق نمو في الناتج المحلي الإجمالي”.

وبحسب عبده جمال، فإن الخطوة تأتي في سياق برنامج إصلاحات اقتصادية تبنتها الحكومة، وتشمل “خصخصة جزئية لقطاعات استراتيجية، مثل الاتصالات والخدمات المالية”. ومن المتوقع أن يساهم قانون تملك العقارات للأجانب في جذب الاستثمارات طويلة الأجل في قطاعات الإسكان والسياحة والخدمات، ما يوفر تدفقات نقدية أجنبية، فضلاً عن تحفيز قطاع البناء والتشييد.

في المقابل يرى بعض المعارضين أن فتح السوق العقاري أمام الأجانب قد يؤدي إلى تضخم في أسعار الأراضي والمنازل، ما يُفاقم من أزمة القدرة على التملك لدى المواطنين الإثيوبيين، خاصة في ظل غياب سياسات إسكان اجتماعي واضحة، أو ضمانات لحماية الفئات الضعيفة.

مخاوف من تضخم الأسعار

ووفقاً للخبير الاقتصادي، إبراهيم عبد الرحمن، فإنه رغم أن الخطوة تمثل “تحولاً كبيراً نحو الانفتاح”، لكن “مخاطرها تهدد الإثيوبيين في نواحي كثيرة”.

وقال عبد الرحمن في تصريح لـ”الشرق”، إن “الانتقادات تزايدت مؤخراً من أطراف سياسية وأكاديمية ترى أن تملك الأجانب للأراضي في بلد لا يزال يُعاني من صراعات داخلية ونزاعات حدودية، قد يُعرض السيادة الوطنية للمخاطر”. كما أنه يتخوف من أن يتحول تملّك الأجانب للأراضي، لا سيما في المناطق الاستراتيجية، إلى “أدوات ضغط سياسي أو توتر مجتمعي”.

وبحسب عبد الرحمن قد تكون هذه الخطوة من الحكومة الاثيوبية “قفزة نوعية نحو جذب الاستثمارات”، لكنه في الوقت نفسه “اختبار لقدرة الدولة على إدارة هذا الانفتاح من دون تفريط في الحقوق الوطنية”، مشيراً إلى أن تداعياتها “قد تؤدي إلى دخول رؤوس أموال أجنبية تتسبب في رفع أسعار العقارات، وإقصاء فئات واسعة من السكان المحليين عن السوق العقاري”.

لكن آخرين يروا أن السوق العقاري الإثيوبي “لا يزال ضعيف التنظيم”، والآليات الرقابية “هشّة”، ما يجعل فتحه للأجانب دون إطار حماية قانوني واضح “مغامرة قد تُفضي إلى المضاربة، أو حتى الاستيلاء غير المشروع”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *