اخر الاخبار

جمارك ترمب تحيي شراكة استراتيجية أوروبية ودول المحيط الهادئ

قالت مصادر أوروبية مطلعة، إن عودة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، ساهمت في إحياء خطة متعثرة لتشكيل شراكة استراتيجية بين الاتحاد الأوروبي وتكتل تجاري رئيسي في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، حسبما ذكرت صحيفة “فاينانشيال تايمز”.

واكتسبت خطط بناء روابط أقوى بين بروكسل والاتفاقية الشاملة والتقدمية للشراكة عبر المحيط الهادئ، وهي مجموعة من 12 دولة تضم كندا واليابان والمكسيك، زخماً بعد إعلان ترمب عن رسوم “يوم التحرير” الشهر الماضي.

وتأسس تكتل “الاتفاق الشامل والتقدمي للشراكة عبر المحيط الهادئ” في عام 2018، ويضم في عضويته كلاً من أستراليا، وبروناي، وكندا، وتشيلي، واليابان، وماليزيا، والمكسيك، ونيوزيلندا، وبيرو، وسنغافورة، وبريطانيا وفيتنام. 

ويوفر التكتل معاملة متساوية للمستثمرين وتكاملاً أعمق في تجارة السلع، وقد أبرم الاتحاد الأوروبي بالفعل، اتفاقيات ثنائية مع 9 من أعضاء التكتل. 

ومن بين دول التكتل، كانت نيوزيلندا وكندا وسنغافورة من أبرز المؤيدين لتوثيق العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، فيما أفاد دبلوماسيون بأن اليابان أيضاً تدعم الفكرة بشكل غير معلن.

تقارب في التجارة الرقمية والسلع

ويمثل هذا الانفتاح الجديد من جانب بروكسل على الشراكة، والتي قد تشمل تقارباً في مجاليْ التجارة الرقمية وتجارة السلع، تحولاً جوهرياً في الموقف على أعلى مستويات الاتحاد الأوروبي. 

ويرى مسؤولون من الجانبين أن هذه المبادرة من شأنها أن تجمع تحت مظلتها اقتصادات وطنية تمثل نحو 30% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وتبعث برسالة واضحة مفادها أن الغالبية العظمى من النظام التجاري العالمي، ما زالت ملتزمة بالحفاظ على النظام القائم على القواعد، والذي أصبح مهدداً بسبب تعريفات ترمب. 

ولم تُحدد بعد آلية لتحويل هذه “المشاعر الدافئة” إلى عملية حوار رسمي، إذ يرجع ذلك جزئياً إلى أن أستراليا تتولى حالياً الرئاسة الدورية للتكتل، وقد أجرت انتخابات عامة نهاية الأسبوع الجاري. 

ويُتوقع أن يؤدي تشكيل حكومة أسترالية جديدة برئاسة أنتوني ألبانيز إلى استئناف المحادثات المتعثرة بين الاتحاد الأوروبي وأستراليا بشأن اتفاق التجارة الثنائي، وهو ما قد يوفر أيضاً منبراً سياسياً لبدء حوار أوسع بين الاتحاد الأوروبي وتكتل الشراكة. 

مساران متوازيان

وقال مسؤول في المفوضية الأوروبية، إنه رغم أن الوقت لا يزال مبكراً للغاية، فإن الطرفين “دخلا مرحلة أصبحنا فيها على استعداد للنظر في نوع من التعاون المنظم مع تكتل الاتفاق الشامل والتقدمي للشراكة عبر المحيط الهادئ”. 

بدوره، قال دبلوماسي آخر من داخل التكتل، إن آليات تعزيز التعاون مع الاتحاد الأوروبي قد تُطرح خلال اجتماع وزراء التجارة المزمع عقده في إطار منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ (أبيك) في كوريا الجنوبية هذا الشهر. 

وقال مسؤول في تكتل الشراكة، إن الإطار المحتمل للتعاون قد يتخذ شكل “مسارين متوازيين”، أحدهما يشمل “مدونة سلوك جديدة” يؤكد فيها الوزراء التزامهم المشترك بقواعد منظمة التجارة العالمية، إلى جانب حوار منفصل لمناقشة توحيد القواعد في مجالات رئيسية مثل التجارة الرقمية والاستدامة. 

ومن أجل تجنب الظهور كتكتل مناهض للولايات المتحدة، ومع الاعتراف بأن بعض الشكاوى التجارية الصادرة عن واشنطن مبررة، فقد يتضمن الاتفاق المرتقب أيضاً خطوات للانخراط في جهود إصلاح منظمة التجارة العالمية. 

وقد أثارت أكثر المقترحات طموحاً لاتفاق بين التكتلين احتمال الاتفاق على “التراكم” في ما يُعرف بـ”قواعد المنشأ”، وهي القواعد التي تُستخدم في اتفاقيات التجارة الحرة لتحديد ما إذا كان المنتج يحتوي على محتوى محلي كافٍ ليكون مؤهلاً للحصول على معاملة جمركية تفضيلية. 

ويقول مؤيدو هذه الفكرة، إنها ستُسهل على الشركات في الاتحاد الأوروبي وتكتل الشراكة دمج سلاسل التوريد الخاصة بها، وتُيسر استيراد البضائع إلى أسواق بعضها البعض. 

وقالت وزارة الخارجية الكندية، إن كندا ملتزمة بتعزيز علاقاتها التجارية مع أوروبا ومنطقة المحيطين الهندي والهادئ، لكن متحدثاً رسمياً باسم الوزارة أكد أنه “لم يتم اتخاذ أي قرارات أو توقيع أي اتفاقات بعد”. 

كما أبدى رئيسا وزراء نيوزيلندا وسنغافورة دعمهما لفكرة تعميق التعاون بين التكتلين خلال الأسابيع الأخيرة. 

ومن بين المؤيدين لإبرام اتفاق سريع، سيسيليا مالمستروم، المفوضة السابقة لشؤون التجارة في الاتحاد الأوروبي والتي تعمل حالياً في معهد “بيترسون للاقتصاد الدولي”، إذ قالت إن هناك “زخماً متجدداً” واضحاً خلف هذه الفكرة. 

وأضافت: “إذا كان هذا الاتفاق سيحدث، فيجب أن يتم بسرعة، خلال هذا العام”. وتابعت: “الاتحاد الأوروبي كيان يتحرك ببطء، ولكن انظروا إلى ما حدث خلال الأشهر الثلاثة الماضية، هناك حاجة مُلحة حقيقية لمحاولة الدفاع عن التجارة القائمة على القواعد”. 

محاولات سابقة

وكانت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، قالت في تصريحات سابقة لـ “فاينانشيال تايمز” في أبريل الماضي، إن الطرفين يرغبان في التعاون لوضع “قواعد تنظم كيفية عمل التجارة العادلة على مستوى العالم بما يعود بالنفع على البشرية”. 

وأوضحت فون دير لاين، أن التكتلين يسعيان إلى استغلال حالة الاضطراب الراهنة للنظر في ما يحتاج إلى تحسين داخل منظمة التجارة العالمية، و”كيفية العمل معاً بشكل أوثق لتحقيق ذلك”. 

ولا تزال معالم أي ترتيبات محتملة قيد البحث، فقد أكدت فون دير لاين، أنه “لا توجد أي خطط لانضمام الاتحاد الأوروبي إلى التكتل”. 

وقد طُرحت هذه الفكرة في تقرير صادر عن مجلس التجارة في السويد، ثم أعيد طرحها مؤخراً في تقرير أصدرته مؤسسة “بروجيل” البحثية في بروكسل، غير أن مسؤولي المفوضية الأوروبية أكدوا أن هذا الخيار غير مطروح حالياً من جانب الاتحاد.

وكانت محاولة سابقة لتعزيز العلاقات في عام 2023، فشلت في جذب تأييد دبلوماسي، غير أن تقريراً صدر حينها عن مجلس التجارة الوطني السويدي، وهو وكالة حكومية مستقلة، رأى أن اتفاقاً بين التكتلين قد يجعلهما “محور الجاذبية في التجارة العالمية”.  

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *