مصر تسلّم مفاتيح موانئها للإمارات.. استثمار أم سيطرة؟

وطن في ظل أزمة اقتصادية خانقة، أعلنت مصر رسميًا عن توقيع اتفاق ضخم مع مجموعة موانئ أبوظبي لتطوير منطقة لوجستية متكاملة في شرق بورسعيد، أحد أهم المواقع الاستراتيجية على بوابة قناة السويس الشمالية. الإعلان لم يكن مجرد خبر اقتصادي، بل خطوة سياسية عميقة أثارت مخاوفًا بشأن السيادة المصرية على موانئها الحيوية.
الاتفاق جرى بإشراف مباشر من رئيس الحكومة المصرية، وبتوجيهات موثقة من محمد بن زايد، رئيس دولة الإمارات. وتشير التفاصيل إلى أن موانئ أبوظبي باتت تدير أكثر من ميناء مصري بالفعل، من بينها سفاجا، الغردقة، العين السخنة، شرم الشيخ، والآن تضع يدها على بورسعيد.
ويُعد هذا التوسع الإماراتي جزءًا من استراتيجية “أبوظبي للموانئ” التي تملك وتدير 34 ميناء حول العالم وتتحكم في أسطول يضم 250 سفينة، ما يجعلها فاعلًا كبيرًا في صناعة النقل البحري العالمي.
لكن السؤال الذي يفرض نفسه: هل هذه استثمارات أم سيطرة استراتيجية؟
أصوات مصرية عديدة داخل وخارج البلاد عبّرت عن قلق متزايد من تسليم موانئ مصرية حيوية لأطراف أجنبية، دون إشراك الرأي العام أو البرلمان. فالموانئ ليست فقط بوابات اقتصادية، بل مكونات جوهرية من الأمن القومي والسيادة البحرية.
وفي وقت سابق، أثارت اتفاقيات أخرى مثل تنازل مصر عن تيران وصنافير، جدلاً مشابهًا بشأن مدى خضوع القرار السيادي المصري لضغوط مالية واستراتيجية خارجية. واليوم، بعد قناة السويس وتيران وصنافير، تبدو مصر وكأنها تفتح أبوابها أمام خصخصة القرار البحري واللوجستي بالكامل.
الحكومة تصف المشروع بأنه استثمار ضخم يخلق فرص عمل ويعزز التنمية، لكن المعارضين يرونه تنازلًا صريحًا عن مفاتيح السيادة مقابل الدولار النفطي.
الجدل لن يتوقف هنا، فالموانئ التي تُدار من الخارج، هي بلاد تُحكم من الخارج. فهل تصبح موانئ مصر مشاريع ربحية لدول أجنبية؟ أم أن مصر بدأت مرحلة جديدة من بيع السيادة بالتقسيط؟