بنس ينتقد ترمب بسبب الرسوم والعفو عن مثيري شغب الكابيتول

وجّه نائب الرئيس الأميركي السابق مايك بنس انتقادات علنية للرئيس دونالد ترمب، مبدياً اعتراضه على سلسلة من سياسات وتصريحات ترمب، وذلك في مقابلة مع شبكة CNN بُثّت الاثنين.
وأعرب بنس عن قلقه من نهج ترمب الجديد بشأن فرض رسوم جمركية شاملة، محذراً من “صدمة سعرية” محتملة ونقص في السلع قد يدفع الأميركيين للمطالبة بسياسات بديلة.
وجاءت تصريحاته رداً على قول ترمب إن على الأطفال الأميركيين “القبول بلعبتين بدلاً من ثلاثين”.
وانتقد نائب الرئيس الأميركي السابق أيضاً ما وصفه بـ”تخلّي” ترمب عن دعم أوكرانيا في حربها ضد روسيا، إضافة إلى تعيينه روبرت كينيدي جونيور وزيراً للصحة، معتبراً أن الخطوة تمثل “تهميشاً لحق الحياة”.
وأضاف أنه رغم خروجه من دائرة صنع القرار، فإنه سيواصل التعبير عن مواقفه من القضايا الخلافية، آملاً أن تصل رسالته إلى البيت الأبيض، حيث “لا أحد يُسمع ترمب الأصوات المعارضة داخلياً”، على حد قوله.
وجاءت تصريحاته بعد يوم من منحه “جائزة جون إف. كينيدي للشجاعة” لدوره في رفض مطالب ترمب بالتدخل في نتائج انتخابات 2020 خلال اقتحام أنصار ترمب مبنى الكابيتول.
وانتقد بنس قرار ترمب بالعفو عن أكثر من ألف شخص شاركوا في العنف يوم 6 يناير 2021، واعتبر أن ذلك “بعث برسالة خاطئة”، رغم حق الرئيس الدستوري في إصدار العفو.
كانت زوجة بنس وابنته برفقته في مبنى الكابيتول يوم السادس من يناير 2021، حين هتف بعض المقتحمين بعبارة “اشنقوا مايك بنس”. واستذكر نائب الرئيس السابق كيف هرع ضباط شرطة الكابيتول لتأمين المبنى رغم إصابة بعضهم.
وقال: “لم يتراجع أيّ منهم. إن شجاعتهم وبسالتهم يجب أن تُخلد للأجيال القادمة، فقد نجحوا في تأمين مبنى الكابيتول وأتاحوا لنا استئناف عملنا في اليوم نفسه واستكمال واجبنا الدستوري”.
الرسوم الجمركية
وفي ما يتعلق بالسياسة التجارية، أشار بنس إلى أن إدارة ترمب الأولى حققت نجاحاً في هذا المجال من خلال إعادة التفاوض على الاتفاقيات التجارية مع كندا والمكسيك، وفرض رسوم جمركية محددة على الواردات الصينية. لكنه اعتبر أن ترمب يسلك الآن مساراً مختلفاً تماماً.
وقال: “أشعر بالقلق من أن دعوة الرئيس الحالية إلى فرض رسوم جمركية شاملة على الأصدقاء والأعداء على حد سواء تمثل سياسة صناعية جديدة غير موجهة ضد الدول التي تسيء استخدام علاقاتها التجارية معنا، بل هي سياسة قد تؤدي إلى التضخم، وتضر بالمستهلكين، وفي النهاية تُلحق الأذى بالاقتصاد الأميركي”.
وأضاف بنس أنه أجرى العديد من المحادثات الطويلة مع ترمب بشأن التجارة خلال فترتهما في الحكم، مشيراً إلى وجود “اختلافات فلسفية عميقة” بينهما في هذا الملف، حيث يؤمن ترمب بأن “وجود حد أدنى دائم من الرسوم على جميع السلع المستوردة سيخدم الاقتصاد الأميركي”. أما بنس، فقال إنه يؤمن بـ”التجارة الحرة مع الدول الحرة”.
وتابع: “ينبغي لنا أن نتعامل مع شركائنا التجاريين في العالم الحر من أجل خفض الحواجز الجمركية، وتقليل العوائق غير الجمركية، وتقليص الدعم الحكومي.. أما فيما يخص الأنظمة السلطوية، فعلينا أن نكون صارمين ونبقى كذلك، وأن نطالبها بفتح أسواقها واحترام حقوق الملكية الفكرية لدينا”.
لكنه استدرك قائلاً: “أعتقد أن هذا النوع من السياسات الجمركية، الذي يتّسم بالشمولية والتعميم ويفرض الرسوم على الأصدقاء والخصوم معاً، لا يصب في مصلحة الشعب الأميركي”.
وأشار بنس إلى أن الأميركيين قد يواجهون “صدمة أسعار” مفاجئة عند انتهاء فترة التجميد البالغة 90 يوماً، والتي أعلن عنها ترمب في 10 أبريل، والمتعلقة برسومه الانتقامية المرتفعة السابقة.
وأوضح أنه يساوره القلق من أن “انتهاء فترة التجميد التي تستمر 90 يوماً، والتي أقرت الإدارة ذاتها بأنها قد تؤدي إلى صدمة في الأسعار، قد يتبعها نقص في السلع أيضاً”.
وعند سؤاله عن تعليق ترمب الأخير بأن “الأطفال قد يكتفون بدميتين بدلاً من 30، وربما تكلف الدميتان بضع دولارات أكثر من المعتاد”، أجاب بنس بأن البضائع الرخيصة هي من العناصر التي تسمح للأميركيين بالعيش ضمن حدود دخلهم.
وأردف: “لدي ابنتان بالغتان، و3 حفيدات صغيرات، وبصراحة، الحفاظ على أسعار الدمى معقولة، وعلى لعب الأطفال في متناول الجميع، هو جزء حقيقي من الحلم الأميركي”.
وتابع: “أعتقد أن الشعب الأميركي سيرى نتائج هذه السياسات، وسيطالب بنهج مختلف”.
كما خالف بنس ترمب في تصريحاته المتكررة التي يدعو فيها إلى ضم كندا لتصبح الولاية الأميركية الـ51. وقال: “أعتقد أن كندا كانت حليفاً عظيماً لنا، فقد قاتل جنودها إلى جانب الجنود الأميركيين وسقطوا شهداء في كل حرب خضناها منذ الحرب العالمية الأولى”.
“بوتين لا يريد السلام، بل أوكرانيا”
وخالف بنس أيضاً ترمب في موقفه من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بعد أن صرّح الرئيس الأميركي الأسبوع الماضي، بأنه يصدّق نظيره الروسي عندما يقول إنه يريد السلام مع أوكرانيا، رغم أن روسيا غزت البلاد قبل أكثر من 3 سنوات.
وقال بنس: “إذا كانت السنوات الثلاث الماضية تعلمنا شيئاً، فهو أن فلاديمير بوتين لا يريد السلام .. إنه يريد أوكرانيا. وحقيقة أننا الآن بعد ما يقارب شهرين من اتفاق وقف إطلاق نار وافقت عليه أوكرانيا بينما تواصل روسيا المماطلة وتقديم الأعذار، تؤكد هذه النقطة”.
وأضاف نائب الرئيس السابق أن “بوتين لا يفهم سوى لغة القوة”.
وتابع: “لهذا السبب بالتحديد، علينا في هذه اللحظة أن نوضح أن الولايات المتحدة ستواصل قيادة العالم الحر، وستواصل تزويد أوكرانيا بالدعم العسكري الذي تحتاجه لصدّ الغزو الروسي وتحقيق سلام عادل ودائم”.
وأشار إلى أن “الدعم المتذبذب الذي أظهرته الإدارة خلال الأشهر الأخيرة، لم يؤدِ إلا إلى تشجيع روسيا”.
وتحدث بنس كذلك عن أهمية الدور الأميركي في النظام العالمي بعد الحرب العالمية الثانية، ودعا إلى استمرار الدور القوي لواشنطن على الساحة الدولية، في وقت انسحب فيه ترمب من عدد من الاتفاقيات الدولية، وناشد الدول الأوروبية زيادة إنفاقها الدفاعي.
ولفت إلى حلف شمال الأطلسي “الناتو”، وقال إنه إذا نجح بوتين في أوكرانيا، فسيكون من المتوقع أن يغزو دولة عضواً في الحلف.
وزاد: “بالنسبة لي، المسألة لا تتعلق بأوكرانيا فقط. أنا مؤمن تماماً بأنه إذا اجتاح فلاديمير بوتين أوكرانيا، فستكون مجرد مسألة وقت قبل أن يتجاوز حدود دولة يوجد فيها جنود أميركيون سيتعين عليهم محاربته”.
وأردف: “أنا متمسك بمبدأ (الرئيس الراحل رونالد) ريجان القديم: إذا كنت مستعداً لمحاربة أعدائنا على أرضك، فسنزوّدك بما تحتاجه لتقاتلهم هناك حتى لا نضطر نحن لمحاربتهم هنا”.
ووصف بنس اللقاء المتوتر الذي جمع ترمب ونائبه جي دي فانس بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في المكتب البيضاوي في فبراير الماضي بأنه “مؤسف”.
وقال: “أعتقد أن الرئيس زيلينسكي لم يُنصح بشكل جيد عندما اختار أن يعرض قضيته أمام وسائل الإعلام داخل المكتب البيضاوي، وأعتقد أن ردّ الرئيس وإدارته في تلك اللحظة كان مؤسفاً”. لكنه أشار إلى لقاء آخر جمع ترمب وزيلينسكي في الفاتيكان على هامش جنازة البابا فرنسيس، وقال: “يبدو أننا استعدنا الحوار مرة أخرى”.
وأوضح أن الاتفاق الذي وقعته واشنطن مع كييف الأسبوع الماضي، والذي يمنح الولايات المتحدة حق الوصول إلى الموارد المعدنية في أوكرانيا مقابل إنشاء صندوق استثماري فيها، “يوجه رسالة مدوية إلى موسكو مفادها أن أميركا وأوكرانيا باقون هنا”.
قلق بشأن دور روبرت كينيدي الابن
وانتقد النائب السابق للرئيس الأميركي اختيار ترمب روبرت كينيدي الابن، السياسي المستقل الذي كان مرشحاً رئاسياً سابقاً وغادر السباق لاحقاً ليدعم ترمب، لتولي منصب وزير الصحة والخدمات الإنسانية.
وقال بنس إن قلقه من كينيدي في البداية كان بسبب دعمه لحق الإجهاض.
وأوضح أن مجرد فكرة أن يرشّح رئيس جمهوري شخصاً يدعم الإجهاض لقيادة وزارة الصحة والخدمات الإنسانية هو أمر غير مقبول بالنسبة لي،مشيراً إلى أن “السياسات المتعلقة بقدسية الحياة وحماية الضمير كلها تمر عبر هذه الوزارة، ولذلك كنت قلقا”.
كما انتقد بنس التاريخ الطويل لكينيدي في التشكيك بسلامة وفعالية اللقاحات، خاصة في ظل تفشي الحصبة بعدة ولايات أميركية، وتركّزها حاليا في غرب تكساس.
وكان كينيدي قد طلب من مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها الأسبوع الماضي تنفيذ “عملية علمية شاملة” للنظر في علاج الحصبة وأمراض أخرى باستخدام أدوية وعلاجات بديلة مثل الفيتامينات، حسبما قالت وزارة الصحة في بيان.
وعلق بنس: “أنا قلق من أن يكون لدينا وزير في الصحة له مسيرة مهنية طويلة في تقويض ثقة العامة في اللقاحات”. وأضاف: “ينبغي أن يكون العكس هو الصحيح، وآمل أن تستمر الأصوات في البلاد بالتعبير عن موقفها من هذه المسألة من أجل أطفالنا وأحفادنا”.
إشادة بإجراءات الهجرة وبعض رموز إدارة ترمب
في المقابل، أثنى بنس على بعض عناصر إدارة ترمب الحالية، خاصة فيما يتعلق بمحاربة الهجرة غير النظامية.
وقال إنه يثق تماماً بالمدعية العامة بام بوندي، واصفاً توم هومان، المسؤول عن ملف الحدود في إدارة ترمب، بأنه “رجل قانون عظيم”.
وعند سؤاله عن تصريح ترمب الأخير بشأن ما إذا كان جميع الأشخاص على الأراضي الأميركية يستحقون الإجراءات القانونية: “لا أعلم، لست محامياً”، قال بنس إنه يثق بأن الإدارة “ستتعامل مع قضايا الإجراءات القانونية وفقا لما يكفله نظامنا القضائي”.
وأضاف: “أعتقد أن أحد الجوانب العبقرية في نظامنا ودستورنا هو أن الحريات والضمانات المكرّسة فيه تُمنح للأشخاص داخل أميركا، وليس فقط للمواطنين. وأنا واثق تماماً من أن الإدارة تدرك ذلك”.