خلاف أم اختلاف؟.. هل أنتهى شهر العسل بين ترامب ونتنياهو؟

كشف مصدر مطلع، اليوم الجمعة، أن إدارة ترامب تمارس ضغوطا شديدة على تل أبيب للتوصل إلى اتفاق يوقف النار قبل زيارته المرتقبة للمنطقة.
وحسب صحيفة « هآرتس» العبرية، ذكرالمصدر أن هناك ضغوط أمريكية على إسرائيل من أجل التوصل إلى توقيع اتفاق هدنة مع حركة حماس في قطاع غزة، قبل الزيارة المرتقبة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط.
كما أضاف المصدر أن الإدارة الأمريكية ترى أهمية بالغة لهذا الأمر، وقد أبلغت تل أبيب أنه إذا لم تسر قدمًا مع الولايات المتحدة نحو اتفاق، فستُترك وشأنها.
إلى ذلك، أبلغ المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، عائلات الأسرى الإسرائيليين، الاثنين الماضي، في واشنطن أن “الضغط العسكري يُعرّض الرهائن للخطر”، حسب “هآرتس”.
وتشهد بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو توترا متزايدا في الكثير من ملفات المنطقة.
ولعل أبرز الملفات العالقة بين الطرفين هو الملف النووي الإيراني، حيث ترى إسرائيل أن أي تسوية مع إيران ستكون فاشلة، وتُعتبر المفاوضات الأمريكية مع طهران في أبريل الماضي، بشأن إحياء الاتفاق النووي، بمثابة خيبة أمل إضافية لطرف حكومي إسرائيلي يتبنى سياسة القوة.
ففي حين أن نتنياهو يصر على أن الحل النهائي يكمن في الحرب الشاملة ضد إيران وأذرعها، على رأسها حزب الله وحماس، يرى ترامب أن المفاوضات والضغوط الاقتصادية هي السبيل الأمثل لتحقيق الأهداف الاستراتيجية، حتى وإن شابها بعض المجازفات.
التقرير الصادر عن موقع “إسرائيل هيوم” يكشف حجم التوتر بين ترامب ونتنياهو، حيث تشير مصادر مقربة من البيت الأبيض إلى أن الرئيس الأمريكي قرر المضي قدما في خطواته في منطقة الشرق الأوسط دون انتظار تل أبيب.
فقد أصيب ترامب بخيبة أمل عميقة من محاولة نتنياهو دفع واشنطن إلى العمل العسكري ضد إيران، وهو ما يراه ترامب تهورا غير مبرر.
ووفقا لتلك المصادر، فقد وصلت العلاقات بين الجانبين إلى أدنى مستوياتها، في وقت كانت فيه إسرائيل تتوقع من واشنطن التحرك بشكل أكثر حزما ضد إيران.
لكن ما يثير الاستغراب هو أن ترامب لم يتوقف عند حدود هذا الخلاف، بل بادر بالإعلان عن سلسلة من المفاجآت التي عمقت الفجوة بين الحليفين، أبرزها إعلان محادثات نووية مع إيران، وتقرير آخر حول وقف إطلاق النار مع الحوثيين في اليمن.
هذه التحولات فاجأت تل أبيب، التي كانت تأمل في أن تستمر واشنطن في سياستها القائمة على الضغط العسكري ضد إيران وحلفائها في المنطقة.
وأشار بعض المراقبين إلى أن الرئيس ترامب لن ينتظر نهاية الحرب في غزة، ولا حتى استكمال العمليات العسكرية ضد حماس، بل سينطلق في اتجاه تعزيز تحالفاته مع السعودية.
فقد أبدى ترامب استعداده لتقديم صفقة استراتيجية مع الرياض تتضمن تعزيز العلاقات الاقتصادية والتعاون في مواجهة التهديدات الإيرانية، وذلك في وقت كان فيه نتنياهو يواصل تمديد العمليات العسكرية في غزة.
وبالرغم من أن بعض المراقبين يرون أن الطلاق بين الجانبين أمر مستبعد نظرا لأهمية التحالف الاستراتيجي، إلا أن واقع المنطقة قد يحمل في طياته مفاجآت عدة.
وبعد موافقة مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي على خطة الجيش لتوسيع عملياته في قطاع غزة، وإعادة احتلال قطاع غزة بالكامل، والتي ستشمل غزو قطاع القطاع والسيطرة على أراضيه، حسب مسؤول إسرائيلي، رفض عدد من الدول الخطة الإسرائيلية.
فقد قال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، إن “ما يتردد عن احتمالات توسيع العدوان على قطاع غزة مرفوض تماما”، داعيا المجتمع الدولي إلى “التصدي لها”.
وأضاف عبد العاطي في مؤتمر صحفي مع وزير خارجية الجبل الأسود: “مصر تواصل جهودها لوقف المذابح الإسرائيلية، ولا بد من العودة لاتفاق وقف إطلاق النار ووقف الانتهاك الممنهج لتجويع الفلسطينيين”.
وتابع: “مر أكثر من 60 يوم على منع إدخال المساعدات، وهذا أمر مخجل للمجتمع الدولي ولا يمكن القبول به”.
واعتبر الوزير المصري أن إسرائيل “ملزمة قانونا بتوفير المأكل والمشرب للفلسطينيين، باعتبارها سلطة احتلال”.
كما أعربت الصين عن “قلقها البالغ”، إزاء خطة إسرائيل لتوسيع العمليات العسكرية في قطاع غزة، والتي قالت إسرائيل إنها ستؤدي إلى المزيد من عمليات نزوح الفلسطينيين إلى الجنوب.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، لين جيان، في مؤتمر صحفي دوري ردا على سؤال حول خطط إسرائيل لتوسيع العمليات العسكرية في القطاع: “تشعر الصين بقلق بالغ إزاء الوضع الفلسطيني الإسرائيلي الحالي”.
وأضاف المتحدث: “تعارض الصين العمليات العسكرية الإسرائيلية المستمرة في غزة، وتأمل أن تقوم جميع الأطراف بتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بشكل مستمر وفعال والعودة إلى المسار الصحيح من أجل التوصل إلى حل سياسي.
وأعرب وزير الخارجية الفرنسى جان نويل بارو، اليوم الثلاثاء، عن إدانته الشديدة لخطة الحكومة الإسرائيلية “للسيطرة” على قطاع غزة، معتبرا أن هذا الأمر يتعارض مع القانون الدولى.
وقال بارو، في تصريحات صحفية اليوم، “هذا أمر غير مقبول”، معتبرا أن الحكومة الإسرائيلية تنتهك القانون الإنساني.
و قالت حركة “حماس”، اليوم الثلاثاء، إن خطة إسرائيل لتوسيع العملية العسكرية في غزة ونقل المزيد من سكان القطاع إلى الجنوب تمثل “قرارا صريحا بالتضحية” بالرهائن في القطاع.
وأكدت الحركة المسلحة أن الخطة تُعيد إنتاج “فشل (إسرائيل) الذي بدأ قبل 18 شهرا دون أن تنجح في تحقيق أي من أهدافها المعلنة”، وتابعت “حماس” بالقول إن “تهديدات وخطط” رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، إيال زامير، “لن ترهبها”.
وأردفت “حماس” في بيانها بالقول: ” نحن أصحاب الأرض وسنبقى عليها، وندعو الدول العربية والإسلامية، والمجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياتهم والتحرك الفوري لِلَجم حكومة الاحتلال الفاشي وكبح جرائمها الوحشية”، على حد قولها.
وأعرب المتحدث باسم الأمم المتحدة عن قلق الأمين العام أنطونيو غوتيريش بشأن التقارير التي تفيد بخطط إسرائيل لتوسيع العمليات البرية وإطالة أمد وجودها العسكري في غزة، الأمر الذي “سيؤدي حتما إلى مقتل أعداد لا تُحصى من المدنيين وتدمير غزة بشكل أكبر”.
وفي رده على أسئلة الصحفيين في نيويورك، شدد نائب المتحدث باسم الأمم المتحدة فرحان حق إن ما هو ضروري الآن هو إنهاء العنف، “وليس مزيد من وفيات المدنيين والدمار”.
وأضاف: “غزة جزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية المستقبلية، ويجب أن تبقى كذلك. ويواصل الأمين العام الدعوة إلى وقف فوري ودائم لإطلاق النار. يجب إطلاق سراح الرهائن فورا ودون قيد أو شرط”.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قد كشف أمس الاثنين، عن تفاصيل خطة جديدة في غزة، أبرز سماتها أن الهجوم الموسع على حركة حماس سيكون “مكثفا” من قبل الجيش الإسرائيلي، وأن القطاع سيشهد “نقل المزيد من الفلسطينيين في غزة من أجل سلامتهم”.
وفي تفاصيل الخطة، حسب نتنياهو، فإن الجنود الإسرائيليين لن يدخلوا غزة ويشنوا غارات ثم ينسحبوا، بل “النية هي عكس ذلك”، وإن الهجوم الجديد على غزة سيكون بمثابة “عملية عسكرية مكثفة بهدف هزيمة حماس”.
وقدم المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي إيفي ديفرين توضيحات لاحقة في بيان، ووصف الخطة التي يعملون عليها بأنها ستكون “أكثر تنظيما للقضاء على حماس والإفراج عن المختطفين”.
كما أكد أن إسرائيل تجهز لعملية عسكرية موسعة تتضمن نقل السكان لجنوب قطاع غزة، مشيرًا إلى تكرار نموذج رفح في مناطق أخرى من قطاع غزة.
الخطةُ وُصفت بـ “الاستراتيجية” وأُطلق عليها اسم “عربات جدعون”، وستعمل من خلالها إسرائيل على احتلال قطاع غزة وإبعاد السكان إلى الجنوب تحديدا نحو رفح، ليتم بعدها شن ضربات مدروسة على حماس.
كما سيعمل الجانب الإسرائيلي على إنشاء منطقة آمنة بين خاني ونس ورفح، يتم توجيه المدنيين لها، حيث أن مناطق شمالي قطاع غزة منها بيت حانون وبيت لاهيا وجباليا هي المستهدفة.
وستكون رفح وفق الجيش الاسرائيلي منطقة العمليات الانسانية بحيث يتواجد فيها الطعام والمواد الغذائية والحماية، كما يقول الجيش.
وبحسب محللين، فإن الخطة الإسرائيلية الجديدة هدفُها توسيعُ العمليات العسكرية في غزة وتعزيز فكرةِ الهجرة الطوعية لسكان القطاع المدمر.