الهند وباكستان نحو الخطوات التالية مع استمرار وقف النار

يناقش قائدا العمليات العسكرية في الهند وباكستان، الاثنين، الخطوات التالية للجارتين المسلحتين نووياً، بعد وقف إطلاق النار الذي أعاد الهدوء إلى الحدود، بعد أعنف قتال بينهما منذ ما يقرب من ثلاثة عقود.
ولم ترد أي تقارير عن وقوع انفجارات أو قذائف خلال الليل، بعد بعض الانتهاكات التي وردت في مستهل تطبيق وقف إطلاق النار، إذ قال الجيش الهندي إن ليلة الأحد كانت أول ليلة هادئة في الأيام القليلة الماضية على طول الحدود، على الرغم من أن بعض المدارس لا تزال مغلقة.
جاء وقف إطلاق النار يوم السبت في منطقة الهيمالايا، الذي أعلنه الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بعد جهود وساطة دولية مكثفة، قادتها الولايات المتحدة، وشاركت فيها المملكة العربية السعودية عبر تحرك دبلوماسي مباشر شمل إسلام أباد ونيودلهي.
وقال مسؤول كبير في الجيش الهندي إن الجيش أرسل رسالة “عبر خط ساخن” إلى باكستان، الأحد، بشأن انتهاكات وقف إطلاق النار في اليوم السابق، مشيرا إلى نية نيودلهي الرد على المزيد من هذه الوقائع.
ونفى متحدث باسم الجيش الباكستاني حدوث أي انتهاكات.
وقالت وزارة الخارجية الهندية في بيان لها، يوم السبت، إن قائدي العمليات العسكرية لكلا الجانبين سيتحدثان مع بعضهما البعض الاثنين في الساعة 1200 (0630 بتوقيت جرينتش)، ولم تصدر باكستان أي تعليق على خطط الاتصال.
انطلقت شرارة التوترات الأخيرة في 22 أبريل الماضي، عندما استهدفت عبوة ناسفة حافلة سياحية في منطقة باهالجام، في كشمير الخاضعة للسيطرة الهندية، ما أدى إلى سقوط 26 مدنياً، بينهم 25 هندياً، وسائح من نيبال.
اتهمت السلطات الهندية تنظيم “جبهة المقاومة الإسلامية”، المرتبط بجماعة “لشكر طيبة” الباكستانية، بالمسؤولية عن الهجوم، مشيرة إلى ضلوع عنصر سابق في القوات الخاصة الباكستانية يُدعى هاشم موسى.
وردّت نيودلهي بعد نحو أسبوعين بعملية عسكرية واسعة النطاق حملت اسم “السيندور”، استهدفت خلالها تسعة مواقع قالت إنها تُستخدم كمراكز قيادة وتدريب لمسلحين داخل الأراضي الباكستانية وفي كشمير.
وبادرت إسلام أباد إلى تنفيذ عملية مضادة باسم “البنيان المرصوص”، طالت منشآت عسكرية هندية في لاداخ والبنجاب، وتبادل الجانبان إطلاق الصواريخ واستخدام المسيّرات، ما أدى إلى سقوط عدد من الضحايا المدنيين.
وفي حين شكرت باكستان، واشنطن على توسطها لوقف إطلاق النار ورحبت بعرض ترمب للتوسط في النزاع مع الهند حول كشمير، لم تعلق نيودلهي على مشاركة الولايات المتحدة في الهدنة أو إجراء محادثات في موقع محايد.
وترفض الهند، التي تقول إن النزاعات مع باكستان يجب أن تُحل مباشرة بين الجارتين، مشاركة أي طرف ثالث.
وتحكم كل من الهند ذات الأغلبية الهندوسية وباكستان المسلمة جزءاً من إقليم كشمير الواقع في جبال الهيمالايا، لكن كلا الطرفين يطالب بالسيادة الكاملة على الإقليم.
وتتهم الهند باكستان بالمسؤولية عن أعمال التمرد في الجزء الخاضع لها من كشمير التي بدأت في 1989، لكن باكستان تقول إنها لا تقدم سوى الدعم المعنوي والسياسي والدبلوماسي للانفصاليين في كشمير.
وشهدت المنطقة 3 حروب، وعدد من الاشتباكات الحدودية، أبرزها في 1999، و2019، لكن التصعيد الأخير يُعد الأخطر منذ عقدين، لا سيما مع تفكك الإطارين الدبلوماسيين الرئيسيين: “اتفاقية شِملا”، و”معاهدة مياه نهر السند”، بعد أن أعلنت الهند تجميد الأولى، وقررت باكستان تعليق العمل بالثانية.
ويرى خبراء أن وقف إطلاق النار الراهن، رغم هشاشته، يشكل فرصة لاحتواء أزمة كادت أن تتحول إلى صراع مفتوح في منطقة شديدة الحساسية.