موسم تلقيح النخيل ينشط في دير الزور

دير الزور – عبادة الشيخ
مع انطلاق موسم التلقيح، يعلق مزارعو النخيل في دير الزور شرقي سوريا آمالهم على إنتاج جيد وموسم مبشر، في زراعة لشجرة تمثل جزءًا أصيلًا من هويتهم وتراثهم.
يبدأ موسم تلقيح النخيل مطلع نيسان وينتهي منتصف أيار، ويرتبط بالظروف المناخية للمنطقة، فهو يختلف من منطقة لأخرى، كما أن أغلبية أصحاب مزارع النخيل يلقحون الأشجار بأنفسهم، أو عبر عمال مياومة بأجرة تبلغ 50 ألف ليرة يوميًا.
ويجوب المزارعون بساتين النخيل المنتشرة على ضفاف نهر “الفرات”، حاملين معهم “العثوق” أو “الشماريخ” الذكرية المحملة بحبوب اللقاح الذهبية، لتلقيح الأزهار الأنثوية لضمان عقد الثمار ونموها بشكل صحي ووفير.
وتتنوع طرق تلقيح النخيل بين التقليدية التي تعتمد على الصعود إلى النخلة ووضع “الشماريخ” الذكرية يدويًا داخل العذوق الأنثوية، والطرق الحديثة التي تستخدم فيها بعض المزارع الصغيرة مضخات هوائية لنثر حبوب اللقاح.
طقوس وتقاليد متوارثة
يستقبل أهالي دير الزور موسم التلقيح بطقوس خاصة، إذ تبدأ الاستعدادات قبل أسابيع عبر تهيئة البساتين وتنظيفها، ومع ظهور أولى “العثوق” الذكرية، ينطلق المزارعون في رحلة صعود النخيل لتلقيح الأزهار الأنثوية، حاملين معهم خبرة الأجداد وأدواتهم البسيطة.
قال سالم المسلط وهو من مزارعي النخيل في مدينة البوكمال شرقي دير الزور، إن المزارعين تعلموا المهنة من آبائهم وأجدادهم، معتبرًا أنها ليست مجرد عمل، بل هي “فن وعشق للنخلة”.
وأضاف ل أن لكل نوع من النخيل وقته وطريقته في التلقيح، ويعرفها المزارعون بالخبرة والممارسة، لافتًا إلى مشاركة النساء والأطفال في جوانب أخرى من عملية تلقيح النخيل، مثل جمع “العثوق” الذكرية وتجهيزها، وحتى إعداد وجبات الطعام للمزارعين خلال أيام العمل الطويلة في البساتين.
الحاج علي الصالح (65 عامًا)، وهو مزارع نخيل من ريف دير الزور الشرقي، تحدث ل عن أهمية هذه المرحلة قائلًا، إن “موسم التلقيح هو عصب إنتاج التمور”.
وأضاف أنه في حال لم يتم التلقيح بشكل جيد وفي الوقت المناسب، فإن المزارع يخسر جزءًا كبيرًا من المحصول، معتبرًا أن هذه العملية تحتاج إلى صبر ودقة ومعرفة بأنواع النخيل ومواعيد تزهيرها.
وذكر أن المزارعين ينتظرون هذا الموسم بفارغ الصبر، فهو يمثل مصدر رزق لكثير من العائلات في المنطقة، ويأمل أن يكون هذا العام موسمًا مباركًا ويعوض عن بعض الخسائر في السنوات الماضية.
المهندس الزراعي راغب الحنيش من مدينة البوكمال، قال ل، إن تلقيح النخيل ضروري لضمان إنتاج الثمار وتحسين جودتها وكميتها، فهو أساس نجاح موسم التمور.
ولفت الهندس إلى أبرز أخطاء التلقيح التي تؤدي إلى الفشل، وهي التوقيت غير المناسب لاستخدام لقاح، وعدم كفاية الكمية أو سوء التوزيع.
أما بالنسبة لموعد قطاف التمور، فعادة ما يكون بعد حوالي 5-8 أشهر من التلقيح، وذلك بعد مرور الثمار بمراحل النمو المختلفة وصولًا إلى مرحلة التمر والنضج الكامل.
تحديات تواجه المزارعين
رغم أهمية موسم التلقيح، قال عدد من المزارعين ممن التقت بهم في بلدة السيال بريف دير الزور الشرقي، إنهم يواجهون تحديات عديدة، منها ارتفاع تكاليف الأيدي العاملة، خاصة مع هجرة الكثير من الشباب بحثًا عن فرص عمل أخرى.
ويواجه المزارعون شح المياه وتأثيره على نمو النخيل وإنتاجه، وصعوبة الحصول على الأسمدة والمبيدات، وارتفاع أسعارها في الأسواق المحلية، وتأثير بقايا مخلفات الحرب والألغام المحتملة في بعض المناطق الزراعية، ما يعوق الوصول إلى بعض البساتين.
ويحتاج قطاع النخيل في دير الزور إلى المزيد من الدعم والاهتمام من الجهات المعنية، وتقديم الدعم الفني والمادي للمزارعين لمواجهة التحديات وتحسين جودة الإنتاج وزيادة القدرة التنافسية في الأسواق.
وفي 28 من نيسان الماضي، عُقدت ندوة علمية لمناقشة واقع زراعة النخيل وسبل استثمار هذه الثروة وآليات تطويرها، تحت عنوان “الممارسات الجيدة لتلقيح النخيل”، بحضور وزير الزراعة، أمجد بدر، ومحافظ دير الزور، غسان السيد أحمد.
وبشكل سنوي، يقام مهرجان “النخيل” في بلدة الباغوز على الحدود السورية- العراقية شرقي دير الزور، لإبراز التراث الزراعي في البلدة وثقافة النخيل لدى سكانها ومزارعيها.
تضم الباغوز ما يقارب 10000 شجرة نخيل، تعرض ما يقارب 2500 منها للتلف والحرق، أو تضررت حين طالتها القذائف والانفجارات وشظاياها خلال المعارك التي شهدتها المنطقة سابقًا بين “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) وتنظيم “الدولة الإسلامية”.
مرتبط
المصدر: عنب بلدي