اخر الاخبار

باتفاقيات “تاريخية”.. ترمب يختتم أول أيام زيارته للسعودية

اختتم الرئيس الأميركي دونالد ترمب اليوم الأول من زيارته إلى السعودية، الثلاثاء، بعد سلسلة من اللقاءات والاتفاقيات التي من المتوقع أن ترسم ملامح مرحلة جديدة من التعاون بين البلدين في عدة مجالات أبرزها الذكاء الاصطناعي والدفاع والطاقة.

وبدأ الرئيس الأميركي اليوم الذي وصفه على “تروث سوشيال” بـ”اليوم العظيم”،  بلقاء مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في الديوان الملكي، والتوقيع على “وثيقة الشراكة الاقتصادية الإستراتيجية” بين حكومتي البلدين، كما شهدا تبادل وإعلان عددٍ من الاتفاقيات ومذكرات التعاون الثنائية.

ووصف البيت الأبيض في بيان الاتفاقيات المبرمة بين البلدين بأنها “تاريخية وجوهرية”، وتمثل “بداية فترة ذهبية جديدة من الشراكة بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية”.

وحملت الاتفاقيات والمذكرات المبرمة بين البلدين بعداً لا يقتصر على تبادل المصالح التجارية والاستثمارية فحسب، بل يمضي إلى ما هو أبعد من ذلك، ليؤسس لمرحلة من التكامل الإستراتيجي.

التقنيات المتقدمة

ومن المتوقع أن يسهم التعاون بين السعودية والولايات المتحدة في مجالات استخدام الطاقة المتنوعة في فتح آفاق جديدة لتوفير طاقة نظيفة مستدامة وبتكلفة تنافسية، إلى جانب تطوير منظومة علمية وتقنية متقدمة، وفقاً لوكالة الأنباء السعودية “واس”.

ووقعت وزارتا الطاقة السعودية والأميركية على مذكرة تفاهم للتعاون في مجال الطاقة تركز على استكشاف إمكانات الابتكار، والتطوير، والتمويل، وتنفيذ مشاريع البنية التحتية للطاقة.

واستند التعاون السعودي الأميركي إلى استخدام أحدث التقنيات المتقدمة؛ ما سيسهم في خفض تكلفة إنتاج الطاقة على المدى الطويل بشكل كبير، فيما يتجاوز الأثر الإيجابي لهذا التعاون البعد الاقتصادي، ليشمل كذلك تنمية رأس المال البشري، بحسب “واس”.

ومن المتوقع أن توفر مشروعات الطاقة في المملكة المزيد من فرص العمل عالية المهارة، خاصةً في المجالات التقنية المرتبطة بتشغيل وصيانة كل أشكال الطاقة.

وفي هذا الشأن، سيتضمن التعاون بين البلدين أيضاً برامج مكثفة لتدريب وتأهيل الكوادر السعودية في تخصصات الطاقة، والفيزياء، والسلامة، وهندسة المواد، وغيرها من المجالات المتصلة بها.

الشراكة الدفاعية

وفي ظل سعي الرياض لتعزيز قدراتها العسكرية، يُسهم التعاون العسكري بين البلدين في دعم جهود المملكة لتطوير قطاع التصنيع العسكري، من خلال نقل المعرفة وتوطين الوظائف التقنية، إلى جانب تنمية الكفاءات البشرية المتخصصة في مجالات التصنيع والتطوير، ودعم تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030، وعلى رأسها الوصول إلى تصنيع 50% من احتياجات المملكة العسكرية محلياً.

ووقعت وزارتي الدفاع السعودية والأميركية مذكرة نوايا لتحديث وتطوير قدرات القوات المسلحة السعودية من خلال القدرات الدفاعية المستقبلية.

كما تم توقيع خطاب نوايا؛ لإكمال الأعمال وتعزيز التعاون المشترك، وتطوير المتطلبات المتعلقة بالذخيرة، والتدريب، وخدمات الإسناد، والصيانة، وتحديث الأنظمة، وقطع الغيار، والتعليم للأنظمة البرية والجوية لوزارة الحرس الوطني.

ووقعت الرياض وواشنطن على أكبر “صفقة مبيعات دفاعية” في التاريخ بقيمة تقارب 142 مليار دولار، ما يوفر للمملكة معدات قتالية متطورة من أكثر من 12 شركة دفاعية أميركية.

الذكاء الاصطناعي 

وبشأن تقنيات العصر الحديث والذكاء الاصطناعي، من المتوقع أن تسهم الشراكة الاستراتيجية بين المملكة والولايات المتحدة في هذا المجال في توفير عشرات الآلاف من الوظائف النوعية، وزيادة الناتج المحلي بحلول عام 2030.

ومن المتوقع أن تستثمر شركة DataVolt السعودية المتخصصة في استثمار وتطوير وتشغيل مراكز البيانات على مستوى العالم، بقيمة 20 مليار دولار في مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي وبنية الطاقة التحتية داخل الولايات المتحدة.

تلتزم شركات كبرى مثل جوجل وDataVolt وأوراكل وSalesforce وAMD وأوبر باستثمار 80 مليار دولار في تقنيات متطورة وتحولية في كلا البلدين.

ويعزز التعاون الاستثماري بين البلدين في قطاع التقنية والذكاء الاصطناعي، جهود تأهيل المواهب الرقمية السعودية عبر دعم أكاديميات عالمية مثل أبل، وجوجل، وأمازون، ومايكروسوفت، ما يُسهم في استمرار النمو المتسارع للوظائف التقنية، التي ارتفعت إلى 381 ألف وظيفة في عام 2024، مقارنة بـ150 ألف في عام 2018، بنسبة نمو بلغت 153%.

ويمتد التعاون السعودي-الأميركي ليشمل مجالات اقتصاد الفضاء، إذ يعمل الجانبان على استكشاف فرص واعدة من خلال تنفيذ مهام فضائية مشتركة، وتطوير برامج لتدريب رواد الفضاء على الرحلات طويلة الأمد، إلى جانب الاستثمار في تقنيات الفضاء والأقمار الاصطناعية لخدمة البشرية.

قطاع الطيران

وفي قطاع الطيران، يشكل التعاون بين السعودية والولايات المتحدة في القطاع، ركيزة أساسية ضمن جهود المملكة لتحديث بنيتها التحتية اللوجستية، وتعزيز مكانتها مركزاً إقليمياً وعالمياً في مجال النقل الجوي.

واتفق البلدان على تحديث اتفاقية النقل الجوي، بما يسمح لشركات الطيران الأميركية بنقل البضائع بين السعودية ودول ثالثة دون الحاجة للتوقف في الولايات المتحدة، وهو ما يُعد ميزة مهمة لمراكز الشحن الجوي، كما ستتمتع الناقلات السعودية بالحقوق ذاتها في خدمة السوق الأميركية.

وسيسهم هذا التعاون في تبني شركات الطيران السعودية لأحدث التقنيات وتطوير الخدمات التشغيلية، بما يضمن تقديم خدمات نقل جوي عالية الجودة للمواطنين والمسافرين من المملكة وإليها بحسب “واس”.

وتعد اتفاقية النقل الجوي بين البلدين أداة لتعزيز قدرات الشحن الجوي، إذ تستهدف الوصول إلى حجم تبادل شحن يصل إلى 4.5 ملايين طن سنوياً بحلول عام 2030، وهو ما من شأنه أن يسهم في تعزيز حركة التبادل التجاري بين البلدين.

الخدمات الصحية

وفيما يتعلق بالقطاع الصحي، يشكل التعاون بين السعودية والولايات المتحدة خطوة نحو نقل المعرفة وتوطين التقنيات الطبية المتقدمة، بما يسهم في رفع كفاءة الخدمات الصحية لدعم جودة الحياة، وفقاً لوكالة الأنباء السعودية.

وأضافت الوكالة أن التعاون يهدف لتطوير الخدمات الصحية الرقمية في السعودية عبر برامج سحابية متطورة، واستحداث أنظمة وأجهزة حديثة لشبكة مراكز غسيل الكلى في المستشفيات السعودية، ومن ذلك إدخال تقنية العلاج بالبروتون كخيار أكثر أماناً لوظائف الكلى، وتوسيع نطاق خدمات الغسيل الكلوي البريتوني؛ ما يعزز من جودة الرعاية الصحية الرقمية والافتراضية في المملكة.

منتدى الاستثمار السعودي الأميركي

وعقب التوقيع على الاتفاقيات في الديوان الملكي، توجه ترمب والأمير محمد بن سلمان إلى مركز الملك عبد العزيز الدولي للمؤتمرات للمشاركة في المنتدى السعودي الأميركي الذي شهد حضور قادة أكبر الشركات الأميركية والسعودية.

وأعلن الأمير محمد بن سلمان في كلمة بالمنتدى، اعتزامه رفع الاستثمارات السعودية الجديدة في الولايات المتحدة الأميركية إلى تريليون دولار، من 600 مليار دولار المعلن عنها سابقاً.

وقال: “اليوم نعمل على فرص شراكة بقيمة 600 مليار دولار، من بينها اتفاقيات تزيد عن 300 ملياراً تمّ الإعلان عنها خلال هذا المنتدى. وسنعمل في الشهور القادمة على المرحلة الثانية لإتمام بقية الاتفاقيات لرفعها إلى تريليون دولار”.

من جهته، أكد ترمب في كلمته على أن واشنطن والرياض اتخذتا خطوات بـ”اتجاه جعل العلاقة أقوى وأوثق من أي وقت مضى”، مشيراً إلى صفقات تجارية بمليارات الدولارات متوقعة مع شركات كبرى، منها أمازون وأوراكل وغيرهما.

وتطرق الرئيس الأميركي في كلمته المطولة إلى عدة ملفات إقليمية ودولية، ومن أبرزها إعلانه عزمه رفع العقوبات عن سوريا بعد مناقشات مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

وأشار ترمب إلى أنه اتخذ خطوات لاستعادة العلاقات الطبيعية مع سوريا، معرباً عن أمله في أن تنجح الحكومة السورية الجديدة في أداء مهامها.

كما تطرق ترمب في كلمته إلى الملف الإيراني، إذ شدد على أن بلاده لن تسمح لإيران أبداً بتهديد الولايات المتحدة وحلفائها بتنفيذ “أعمال إرهابية أو هجوم نووي”.

ولفت إلى أنه في حال رفضت طهران “غصن الزيتون”، و”استمرت في مهاجمة جيرانها”، فلن يكون أمام واشنطن إلا “فرض أقصى الضغوط”، و”دفع الصادرات الإيرانية إلى الصفر”.

وأعرب الرئيس الأميركي عن رغبته بالتوصل إلى اتفاق مع إيران، وقال: “أستطيع التوصل إلى اتفاق مع إيران، وسأكون سعيداً جداً إذا تمكنا من جعل منطقتكم والعالم مكاناً أكثر أماناً”.

زيارة الدرعية

وعقب المشاركة في المنتدى السعودي الأميركي، زار ترمب مع ولي العهد حي الطريف التاريخي في الدرعية المسجّل ضمن قائمة اليونيسكو للتراث العالمي، وعاصمة الدولة السعودية الأولى.

وشاهد ولي العهد والرئيس الأميركي عرضاً تراثياً من الفن الشعبي السعودي، كما تم التقاط صورة تذكارية من أمام قصر سلوى، أحد القصور التاريخية الذي كان مركزاً للحُكم في عهد الدولة السعودية الأولى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *