ترمب وفلسطين يتصدران افتتاح مهرجان كان في دورته الـ78

افتتحت الدورة الـ78 لمهرجان كان السينمائي، مساء الثلاثاء، بمزيج قوي من الرسائل الإنسانية والسياسية، وسط أجواء عالمية مشحونة بالأزمات.
وعلى غير العادة، لم تكن الأضواء مسلطة فقط على السجادة الحمراء، بل على كلمات النجمين جولييت بينوش وروبرت دي نيرو، اللذين حملا قضايا فلسطين والديمقراطية إلى قلب قصر المهرجانات.
ألقت رئيسة لجنة التحكيم، الممثلة الفرنسية جولييت بينوش، كلمة مؤثرة خصصتها لتكريم المصورة الصحفية الفلسطينية فاطمة حسونة، التي قُتلت في قصف إسرائيلي على غزة قبل أسابيع من عرض فيلم وثائقي عنها ضمن قسم ACID.
قالت بينوش بصوت متأثر: “كان ينبغي أن تكون فاطمة معنا الليلة. الفن هو الشهادة الأقوى على حياتنا وأحلامنا”.
بينوش دعت إلى مواجهة الجهل بالمعرفة، والخوف بالتعاطف، قائلة: “مهمتنا اليوم أن نحلم، أن نرسم عالماً جديداً، أكثر عدلاً ورحمة”.
“خطر على الفنون والديمقراطية”
بعد كلمة بينوش، تلقى روبرت دي نيرو السعفة الذهبية الفخرية، واستغل اللحظة لتوجيه هجوم ناري على الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي وصفه بـ” رئيس أميركا الجاهل” و” التهديد المباشر للفنون والديمقراطية”.
قال دي نيرو: “في بلدي، نحن نقاتل بجنون من أجل ديمقراطية كنا نعتبرها مضمونة. الفن بطبيعته ديمقراطي، يحتفي بالتنوع ويجمع الناس، ولهذا يُنظر إليه كعدو من قبل الطغاة والفاشيين”.
جاءت تصريحاته كرد فعل على إعلان ترمب عزمه فرض تعريفة جمركية بنسبة 100% على الأفلام المُنتجة خارج الولايات المتحدة، ما أثار حالة من الذهول داخل أوساط السينما العالمية.
دي نيرو سخر قائلاً: “لا يمكنكم وضع سعر على الإبداع، لكن من الواضح أنه يمكنكم فرض ضريبة عليه”.
النجم الحائز على الأوسكار شدد على أن “السكوت لم يعد خياراً”، داعياً إلى مقاومة سياسات الانغلاق والتحريض عبر الفن والتنظيم والتصويت.
دي كابريو يكرم أستاذه
قبل خطاب دي نيرو، قدّم ليوناردو دي كابريو مداخلة خاصة عبّر فيها عن امتنانه لمعلمه وأول من فتح له أبواب التمثيل في هوليوود، مسترجعاً تجربته المبكرة أمام دي نيرو في فيلم This Boy’s Life (1993).
قال دي كابريو: “كل ممثل شاب في هوليوود درس أعمال دي نيرو. لم يكن مجرد ممثل عظيم، بل هو الممثل”.
رسالة دي كابريو حملت بعداً شخصياً وإنسانياً، مؤكداً أن تأثير دي نيرو يتجاوز حدود الفن ليصبح درساً في الالتزام الأخلاقي تجاه المهنة والعالم.
احتجاجات تربك السجادة الحمراء
بعيداً عن التصريحات، شهدت السجادة الحمراء وقفة احتجاجية مفاجئة نفذها عمال مهرجان كان تحت لواء حركة “Sous Les Écrans La Déche” (تحت الشاشات.. الفقر)، للمطالبة بإدماجهم في نظام التأمين ضد البطالة الخاص بقطاع الترفيه الفرنسي.
رفع المتظاهرون لافتات حمراء، وأطلقوا صافرات أثناء مرور النجوم، مما أجبر الشرطة على التدخل السريع لفض التجمع.
الحركة، التي تضم نحو 300 عامل من مختلف المهرجانات الفرنسية، تطالب منذ سنوات بالحصول على حقوق اجتماعية أسوة بزملائهم في القطاع الفني.
التضامن مع المحتجين تجلى في ارتداء المخرجة جوستين ترييه وعضوة لجنة التحكيم بايال كاباديا شارات حمراء، في إشارة واضحة لدعم قضايا عمال الكواليس الذين يبقون عادة بعيداً عن الأضواء.
فيلم Leave One Day
رغم سخونة المشهد السياسي، افتتح المهرجان فعالياته بعرض الفيلم الموسيقي الفرنسي Leave One Day للمخرجة أميلي بونان، وهو أول فيلم روائي طويل لها وأول فيلم افتتاحي من هذا النوع في تاريخ كان.
الفيلم، الذي ينتمي إلى نوعية الكوميديا الموسيقية، حصل على استقبال حافل من الجمهور، بينما أُهديت الأمسية إلى ذكرى الممثلة البلجيكية إيميلي ديكين، التي توفيت في مارس الماضي عن 43 عاماً.
وفي لفتة رمزية، أعلن المخرج الأميركي كوينتن تارانتينو انطلاق فعاليات المهرجان ضمن حضوره كضيف شرف لقسم Cannes Classics.