منصة Reis الخفيَّة.. هل تستعد تركيا لتطوير أول غواصة نووية؟

قالت مجلة The National Interest، إن الغواصة Reis المصمَّمة على الطراز الألماني Type 214، والتي تعمل بالديزل والكهرباء بنظام الدفع المستقل على الهواء AIP تمثل قمة الهندسة والاقتصاد التركي.
وبدأت غواصة فئة Reis التركية رحلة تطويرها بمقترح بسيط في عام 2006، تبعه اختيار Type 214 في عام 2008.
وجرى توقيع عقد في عام 2009 مع HDW/MFI، المعروفة الآن باسم TKMS، وتم إقراره في عام 2011.
وجرى وضع أول غواصة من فئتها، وهي TCG Piri Reis، في عام 2015، وتم إطلاقها بعد 4 سنوات، وتكليفها رسمياً في البحرية التركية في أغسطس من العام الماضي.
وبدأت الغواصة الثانية من هذه الفئة، وهي الغواصة TCG Hzir Reis، تجاربها البحرية العام الماضي، ومن المقرر أن تدخل الخدمة في وقت لاحق من العام الجاري.
أما الغواصة الثالثة في هذه الفئة، وهي الغواصة TCG Murat Reis، فهي قيد التجهيز استعداداً للتسليم العام المقبل.
وتوجد 3 غواصات أخرى قيد الإنشاء، وهي الغواصة TCG Aydin Reis، والغواصة TCG Selman Reis، والغواصة TCG Seydi Ali Reis، وستدخل الخدمة بحلول عام 2029.
وقالت المجلة الأميركية إن هذه الغواصات ليست مفيدة في حد ذاتها فحسب، بل يُرجَّح أيضاً أن تُشكل منصة اختبار لتطوير تركيا مستقبلاً لقوة غواصات تعمل بالطاقة النووية محلية الصنع.
وأضافت أن الدروس المستفادة من تصميم هذه الغواصة “متعددة الاستخدامات، والخفيَّة، ستُطبَّق مباشرة على الغواصات النووية التي لا مفر منها، والتي تحلم أنقرة ببنائها لنفسها”.
مواصفات الغواصات Reis
تبلغ إزاحة غواصات فئة Reis نحو 1860 طنّاً عند ظهورها على السطح و2013 طنّاً عند غمرها.
ويتم تصنيع هياكل الغواصة من سبائك الفولاذ المقاوم للصدأ، عالية المقاومة للتآكل، مزوَّدة ببلاستيك مقوى بالألياف (FRP) في السطح العلوي والأشرعة لتعزيز المتانة.
أما الحاجز المخروطي الأمامي والخلفي، وهما مكونان هيكليان أساسيان، فقد تم بناؤهما محلياً في جولجوك، ما يمثل إنجازاً مهمَّاً في قدرات بناء السفن التركية المتميزة.
ويعمل نظام الدفع المستقل عن الهواء بخليتيّ وقود من نوع سيمنز، بغشاء إلكتروليت بوليمري (PEM)، بقدرة 120 كيلوواط، وبطاريات عالية السعة.
وهذا الدفع الهجين، المعزَّز بمحرك رئيسي من نوع سيمنز بيرماسين بقدرة 3900 كيلوواط، ومولدين ديزل، يُمكِّن الغواصات من البقاء مغمورة لمدة تصل إلى أسبوعين، مقارنة بـ4 أيام فقط للغواصات التقليدية التي تعمل بالديزل والكهرباء، وإجراء عمليات لمدة 12 أسبوعاً دون الحاجة إلى إعادة إمداد.
وتستطيع الغواصة من فئة Reis الغوص حتى عمق 300 متر، والوصول إلى سرعة 20 عقدة تحت الماء، ما يسمح لها بعبور البحر الأبيض المتوسط دون الحاجة إلى الغطس السطحي.
كما يمكن لهذه الغواصات الإبحار إلى الولايات المتحدة دون الحاجة إلى إعادة التزوّد بالوقود، ما يوفر مرونة تشغيلية لا مثيل لها.
وتم تجهيز الغواصات بمجموعة أسلحة، وأجهزة استشعار معيارية، بما في ذلك طوربيدات ثقيلة الوزن من طراز Mk48 Mod 6AT وDM2A4، وصواريخ مضادة للسفن من طراز Sub-Harpoon، وألغام.
دمج صاروخ كروز
وتُدمج تركيا أنظمة محلية متعددة، مثل طوربيد Akya الثقيل وصاروخ Atmaca المضاد للسفن.
كما تُخطط لدمج صاروخ كروز Gezgin، وهو نظير لصاروخ Tomahawk لا يزال قيد التطوير.
وطُوِّرت منظومة إدارة القتال على متن الغواصة بواسطة شركات تركية مثل “هافيلسان” و”أسيلسان”، حيث تُدمَج أجهزة استشعار متطورة مع الأسلحة عبر واجهة ISUS 90-72.
وتعمل أجهزة السونار المتقدمة، والاتصالات عبر الأقمار الاصطناعية، والهوائيات العائمة، وأنظمة مكافحة الطوربيد، بما في ذلك نظام Sea Crypsis القوي، المرخَّص من شركة Ultra Electronics، على تعزيز الوعي الظرفي والقدرة على البقاء.
سعر الغواصة التركية Reis
وتُقدر قيمة غواصات فئة Reis التركية بـ 2.3 مليار دولار للغواصة الواحدة.
وأدى المستوى العالي من التوطين، إلى جانب ترقيات البنية الأساسية في جولجوك، إلى تعزيز القاعدة الصناعية الدفاعية في تركيا، حيث تتطلب كل غواصة ما يقدر بنحو 1.5 مليون ساعة عمل.
بحر إيجة والبحر الأسود
ستُشكل الغواصة التركية الجديدة رافدةً قويةً للقوة، خاصة في بحر إيجة، حيث تتنافس أنقرة مع أثينا على الهيمنة.
كما ستساعد هذه الغواصة تركيا في موازنة روسيا بالبحر الأسود المتنازع عليه. وتُشغِّل البحرية التركية حالياً 12 غواصة تعمل بالديزل والكهرباء، جميعها تفتقر إلى أنظمة الدفع الذاتي (AIP)، ما يحد من فاعليتها، ولكن بحلول عام 2029، ستزيد إضافة 6 غواصات من فئة Reis، الأسطول إلى 18 غواصة، حيث تُوفر السفن المجهَّزة بنظام الدفع الذاتي (AIP) قدرة فائقة على التخفي والتحمل.
وتتميز غواصات فئة Reis بخصائص صوتية وحرارية ومغناطيسية منخفضة، بالإضافة إلى تصميم هيكل أكثر هدوءاً، ما يجعلها أصولاً فعَّالة للعمليات السرية في المياه المتنازع عليها.
وفي بحر إيجه، ستواجه غواصات فئة Reis الغواصات اليونانية الخمس المزوَّدة بنظام الدفع الهوائي المستقل (AIP).
وفي الوقت نفسه، تُعزز فئة Reis في البحر الأسود قدرة تركيا على اختراق شبكات منع الوصول/منع دخول المنطقة الروسية (A2/AD).
“إضافة مهمة”
وبموجب اتفاقية مونترو، التي تمنع الدول غير المطلة على البحر الأسود من نشر غواصات في المنطقة، يُمثل الأسطول التركي الثقل الموازن الرئيسي لحلف شمال الأطلسي (الناتو) تحت الماء في وجه روسيا.
وتُعد هذه الغواصة إضافة مهمة إلى ترسانة تركيا المتنامية. وستُخل بالتوازن الاستراتيجي. ويرجَّح أن تُفاقم المنافسة مع اليونانيين والروس، وبشكلٍ متزايد مع الإسرائيليين، وهو ما تسعى إليه أنقرة تحديداً لتصبح القوة الإقليمية المهيمنة، على حد قول مجلة “The National Interest”.
وتضيف المجلة: “بمجرد أن يعتاد الأتراك على هذه الغواصات الأحدث، سيشرعون في بناء غواصات تعمل بالطاقة النووية، ما يضعهم في عداد الدول التي تمتلك غواصات تعمل بالطاقة النووية، وقد لا تصب عواقب ذلك في مصلحة الولايات المتحدة على المدى البعيد”.