مسؤول أممي يدافع عن استخدامه مصطلح إبادة جماعية لوصف وضع غزة

دافع وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية توم فليتشر، عن استخدامه مصطلح “الإبادة الجماعية” لوصف الوضع في غزة، مشدداً على أن “العالم لا يجب أن يكرر أخطاء الماضي في التغاضي عن الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي”.
ويُعد فليتشر أول مسؤول أممي يستخدم مصطلح “إبادة جماعية” فيما يتعلق بالحرب الإسرائيلية على غزة، وهو توصيف ترفضه إسرائيل، فيما لا تزال عدة دول متحفظة على تبنيه، رغم تزايد الانتقادات لعملياتها العسكرية.
وقال فليتشر في مقابلة مع وكالة “أسوشيتد برس”، إن كلمته القوية التي ألقاها هذا الأسبوع أمام مجلس الأمن كانت تهدف إلى تسليط الضوء على ما وصفه بـ”تآكل النظام الدولي القائم على القواعد”، في ظل القصف الإسرائيلي المستمر لغزة والحصار المفروض منذ شهور على المساعدات.
وأضاف: “لست محامياً، أنا إنساني. مهمتي هي إدخال المساعدات، وجذب انتباه العالم، والمساعدة في تهيئة الظروف لإيصال المساعدات وإنقاذ أكبر عدد ممكن من الأرواح قبل فوات الأوان”.
وأشار إلى أنه “لا يريد ارتكاب نفس الخطأ الذي حدث في الانتهاكات الكبرى السابقة للقانون الدولي، حين لم يتم تسميتها أو مواجهتها في الوقت المناسب”.
وكان فليتشر، وهو دبلوماسي بريطاني سابق، قد أجرى خلال الأسابيع الماضية سلسلة لقاءات مع مسؤولين إسرائيليين، في مسعى لإقناعهم بالسماح بإدخال الغذاء والوقود والدواء إلى غزة، حيث يواجه 2.3 مليون فلسطيني أزمة إنسانية خانقة.
ولم تدخل أي مساعدات إنسانية إلى غزة منذ الثاني من مارس الماضي، وحذر مرصد عالمي للجوع من أن نصف مليون شخص يمثلون ربع سكان القطاع يواجهون خطر المجاعة.
وتتهم إسرائيل “حماس” بسرقة المساعدات، وهو ما تنفيه الحركة. وتمنع تل أبيب إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة حتى تفرج “حماس” عن جميع المحتجزين المتبقين.
لكن فليتشر أكد أن الأمم المتحدة لديها “إجراءات صارمة ونقاط توزيع وإشراف تهدف إلى منع وصول المساعدات إلى حماس”، مشدداً على أن “خطة الأمم المتحدة هي الأفضل لإنقاذ ملايين الأرواح”.
“مؤسسة غزة الإنسانية”
ويدفع مسؤولون أميركيون وإسرائيليون الأمم المتحدة للمساعدة في دعم منظمة جديدة تُدعى “مؤسسة غزة الإنسانية” التي يُفترض أن تنفذ نظاماً لتوزيع المساعدات استناداً إلى خطط مشابهة لتلك التي وضعتها تل أبيب.
لكن إسرائيل سعت، الخميس، إلى النأي بنفسها عن هذه الجهود، معلنة أنها لن تمول هذه العمليات، ولن تتولى مسؤولية توزيع المساعدات.
وقال السفير الإسرائيلي دانون: “سنسهّل لهم الأمر وسنمكنهم. تعلمون، بعضهم سيتعين عليه عبور مناطق تقع تحت سيطرتنا، لكننا بالتأكيد لن نمولهم”.
ويعتقد كثيرون في المجتمع الإنساني، بمن فيهم فليتشر، أن النظام الجديد يهدف إلى استبدال نظام التوزيع الحالي الذي تديره الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة الدولية الأخرى.
وقال فليتشر: “ما سمعته هو نظام يبدو لي غير إنساني للغاية”، مشيراً إلى أن الناس “سيُجبرون على مغادرة أماكنهم، ويُنقلون عمداً إلى مناطق احتجاز، ويُطلب منهم إبراز بطاقاتهم الشخصية، وغير ذلك من الممارسات التي لا تستند إلى الحاجة الإنسانية”.
وأضاف أن محامي الأمم المتحدة وشركاء منظمات غير ربحية حذروا من أن موافقة الأمم المتحدة على هذا المقترح “ستقوّض مبادئنا الإنسانية”، وتفتح الباب أمام قوى احتلال أخرى لتحديد من يحصل على المساعدات وكيفية توزيعها.
وستبدأ “مؤسسة إغاثة غزة” المدعومة من الولايات المتحدة عملها في القطاع قبل نهاية مايو الجاري، وذلك بموجب خطة لتوزيع المساعدات أثارت انتقادات حادة.
وقال المدير التنفيذي للمؤسسة، جيك وود، وهو أحد قدامى المحاربين في الجيش الأميركي وأحد مؤسسي مجموعة إغاثة الكوارث “تيم روبيكون”، إن المسؤولين الإسرائيليين وافقوا على السماح للمؤسسة بتوزيع المساعدات مؤقتاً عبر الأنظمة القائمة في غزة، إلى حين بناء مواقع توزيع جديدة تطالب بها إسرائيل.
كما وافقت إسرائيل، وفقاً لبيان صادر عن المؤسسة، الأربعاء الماضي، على إنشاء مزيد من المواقع لتوزيع المساعدات في جميع أنحاء قطاع غزة، وعلى البحث عن طرق لإيصال المساعدات إلى من هم في حالة سوء تغذية شديدة، أو المصابين جراء القتال، أو كبار السن، أو الأطفال الذين لا يستطيعون التنقل لمسافات طويلة للوصول إلى مراكز التوزيع.
وعبّر وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو عقب إجرائه اتصالاً هاتفياً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، عن انزعاجه من الوضع الإنساني في قطاع غزة، معرباً عن انفتاح بلاده على “أي خطة بديلة” لـ”مؤسسة إغاثة غزة” المدعومة من الولايات المتحدة.
لكن فليتشر قال إنه غير مقتنع من خلال اجتماعاته “بوجود الإرادة لإيجاد وسيلة تضمن التوافق مع القانون الإنساني الأساسي”.