اخر الاخبار

غالية.. قصة فلسطينية عاشت حياة التهجير والحروب منذ 1948

أُجبرت الفلسطينية غالية أبو مطير منذ كانت في الرابعة من عمرها، على العيش في خيمة بخان يونس، جنوب قطاع غزة، بعد أن فرت عائلتها من منزلها بعد نكبة 1984، هرباً من الهجوم الإسرائيلي.

وبعد 77 عاماً، عادت غالية لتعيش حياة الهرب من القتل، داخل خيمة على أطراف غزة.

ودمرت الحرب الإسرائيلية المستمرة منذ 19 شهراً أغلب مناطق غزة، وقتلت أكثر من 53 ألف فلسطيني، ودفعت أغلب السكان البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة إلى النزوح عدة مرات، وفرضت عليهم حصاراً كاملاً، ومنعت دخول الغذاء والماء والدواء.

وقالت غالية البالغة من العمر 81 عاماً، لوكالة “أسوشيتد برس”: “اليوم نحن في نكبة أكبر من النكبة التي رأيناها من قبل”.

وتعيش غالية في خيم مع أبنائها وبناتها الباقين على قيد الحياة، و45 حفيداً.

وأضافت: “حياتنا كلها رعب، الرعب ليل ونهار، الصواريخ والطائرات الحربية تحلق فوق رؤوسنا، لو كنا أمواتاً لكان ذلك أرحم”.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنه “بعد انتهاء الحرب الحالية بهزيمة حماس”، ستستمر إسرائيل في “السيطرة على غزة، وستشجع الفلسطينيين على مغادرة القطاع”، في إطار سعيه لتهجير السكان قسراً من أراضيهم، رغم المعارضة الدولية لهذه الخطة.

رحلة الهروب بعد “النكبة” 

هجّرت إسرائيل حوالي 200 ألف فلسطيني من أراضيهم خلال نكبة 1948، إلى قطاع غزة، المنطقة الساحلية الصغيرة. 

ويشكل أحفاد الفلسطينيين المهجرين أكثر من 70% من سكان غزة الحاليين.

لا تتذكر غالية الكثير عن قريتها الأصلية وادي حنين، وهي قرية صغيرة تكثر فيها بساتين الحمضيات، وتقع جنوب شرق تل أبيب. 

فر والداها ومعها وإخوتها الثلاثة، بينما كانت القوات الإسرائيلية تتوغل في المنطقة، وتقتل وتطرد الفلسطينيين من منازلهم.

وقالت غالية: “لم نغادر إلا بالملابس التي كانت علينا، لا هويات، لا شيء”، متذكرة رحلة الهروب على طول ساحل البحر الأبيض المتوسط وسط إطلاق النار. وقالت إن والدها وضع الأطفال خلفه محاولاً حمايتهم.

ومشت عائلة أبو مطير 75 كيلومتراً إلى خان يونس، حيث استقروا في مدينة خيام نشأت لإيواء الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين. وهناك، قدمت “الأونروا”، الوكالة الأممية التي تم إنشاؤها في حينها لرعايتهم مؤقتاً، كما كان يُعتقد، بينما كان قطاع غزة يخضع للحكم المصري.

وبعد قضاء عامين في خيمة، انتقلت عائلتها جنوباً إلى رفح، وبنت منزلاً في المنطقة.

وتوفي والد غالية بسبب المرض في أوائل الخمسينيات، وعندما اقتحمت القوات الإسرائيلية غزة في عام 1956، فرّت العائلة مرة أخرى إلى وسط غزة، قبل أن تعود إلى رفح.

وفي السنوات التي تلت حرب عام 1967، عندما احتلت إسرائيل غزة والضفة الغربية، غادرت والدة غالية وإخوتها إلى الأردن.

“لا حرب تشبه الحرب الحالية”

وقالت غالية: “لقد شهدت كل الحروب، لكن لا توجد حرب تشبه هذه الحرب”.

قبل عام، فرت عائلتها من رفح عندما شنت القوات الإسرائيلية هجوماً برياً على المدينة. وهم يعيشون الآن في خيام مترامية الأطراف في المواصي على الساحل خارج خان يونس.

وقتلت غارة جوية أحد أبنائها، تاركاً وراءه 3 بنات وابناً وزوجته الحامل، التي وضعت مولودها في وقت لاحق. كما قتلت إسرائيل أيضا ثلاثة من أحفادها.

وطوال فترة الحرب، قادت “الأونروا” جهود إغاثة واسعة النطاق لإبقاء الفلسطينيين على قيد الحياة. لكن على مدى الأسابيع العشرة الماضية، منعت إسرائيل دخول جميع المواد الغذائية والوقود والأدوية والإمدادات الأخرى إلى غزة.

ويشهد قطاع غزة أزمة جوع حادة، وسوءاً للتغذية، مع نفاد المخزونات الغذائية والأدوية ونقص المياه.

وقالت غالية: “هنا في المواصي، لا يوجد طعام ولا ماء، الطائرات تضربنا، يُلقى بأطفالنا ضحايا أمامنا”.

تتذكر غالية المرات القليلة التي تمكنت فيها من مغادرة غزة على مدى عقود من الاحتلال الإسرائيلي.

في إحدى المرات، ذهبت في زيارة جماعية إلى القدس. وبينما كانت حافلتهم تمر عبر إسرائيل، كان السائق ينادي بأسماء البلدات الفلسطينية التاريخية خلال المرور أمامها.

ومروا على مقربة من قرية وادي حنين التي ولدت فيها. وقالت: “لكننا لم ننزل من الحافلة”.

وذكرت أن هذه القرية أصبحت الآن تسمى “ناس زيونا”، ولم يبق منها سوى منزل أو منزلين، ومسجد تم تحويله إلى كنيس يهودي.

واعتادت الحلم بالعودة إلى وادي حنين، أما الآن فهي تريد فقط العودة إلى رفح، وفق قولها، رغم أن المدينة سويت معظم مبانيها بالأرض، بما في ذلك منزل عائلتها.

“الصمود” وحق العودة

نشأت أجيال في غزة منذ عام 1948 على فكرة “الصمود”، وضرورة الثبات على أرضهم، وحقهم في العودة إلى ديارهم القديمة داخل إسرائيل. 

وتعارض إسرائيل عودة اللاجئين إلى منازلهم، قائلة إن عودتهم الجماعية ستجعل البلاد من دون أغلبية يهودية.

وقال أمجد الشوا، مدير شبكة المنظمات الأهلية في غزة لـ”أسوشيتد برس”، إن “إسرائيل جعلت غزة غير صالحة للعيش لعقود قادمة”، ولكنه أكد أنه “لن يغادر أبداً” القطاع.

ونشأت نور أبو مريم، البالغة من العمر 21 عاماً في مدينة غزة، وهي تعرف قصة أجدادها الذين طردتهم إسرائيل من بلدتهم خارج مدينة عسقلان عام 1948.

وأُجبرت عائلتها على الفرار من منزلها في مدينة غزة في أوائل الحرب. وعادوا خلال وقف إطلاق النار الذي استمر شهرين في وقت سابق من هذا العام. وتخضع منطقتهم الآن لأوامر الإخلاء الإسرائيلية، ويخشون من إجبارهم على الانتقال مرة أخرى.

وقالت: “يمكنني أن أبقى صامدة إذا توفرت ضروريات الحياة مثل الغذاء والمياه النظيفة والمنازل، ولكن المجاعة هي من قد تجبرنا على الهجرة”.

من جهتها، قالت خلود اللحام، البالغة من العمر 23 عاماً، والتي نزحت إلى دير البلح، إنها “مصممة” على البقاء.

وأضافت: “إنها أرض آبائنا وأجدادنا منذ آلاف السنين، لقد تعرضت للغزو والاحتلال على مر القرون، فهل من المعقول أن نتركها بهذه السهولة؟”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *