اخر الاخبار

توقف النقل العام ليلًا يؤرق عمال حلب

حلب – محمد ديب بظت

تُغلق أبواب وسائل النقل العام في حلب عند منتصف الليل، ليقطع عشرات العمال طريق العودة من أماكن عملهم سيرًا على الأقدام، أو يبيت بعضهم في الورش والمعامل.

غياب “الباصات” و”السرافيس” في الليل وتوقف خطوط النقل، يفرض على العمال عبور مسافات طويلة تتجاوز الساعتين، وسط طرق مظلمة وأحياء تفتقر للخدمات، أو دفع أجور مرتفعة لسيارات الأجرة الخاصة بين 10 آلاف و15 ألف ليرة سورية.

المشي.. خيار قاسٍ

يعمل محمد فرح في مقهى قرب قلعة حلب، قال ل إنه أحيانًا لا يملك ما يكفي من المال لأجرة “تاكسي”، فيضطر إلى السير على قدميه من مكان عمله حتى السكن الجامعي في حي الفرقان.

وأضاف أن دخله اليومي لا يتجاوز 50 ألف ليرة سورية، وأجرة التاكسي قد تصل إلى 25 ألفًا، متسائلًا كيف له أن يتحمل ذلك؟

هذا الخيار، وإن بدا ضروريًا، لا يخلو من المخاطر، خاصة في الأحياء المظلمة ليلًا والطرق الفرعية، وسط مخاوف من التعرّض للسرقة أو الاعتداء.

أما صفوان (56 عامًا) الذي يعمل في محل للمعجنات والفطائر، فراتبه لا يتيح له ركوب سيارات الأجرة، وقد اعتاد منذ أشهر أن يعود إلى منزله سيرًا على الأقدام برفقة عدد من زملائه في العمل، وفق ما قاله ل.

وذكر أن “السرافيس” لا تتوفر بعد الساعة الثانية عشر ليلًا، فيضطر مع زملائه للمشي من حلب الجديدة إلى حي صلاح الدين، وفي الشتاء يكون الأمر أكثر صعوبة.

وأشار جمعة مرعي، وهو أحد العمال ممن قابلتهم، إلى أن العودة إلى المنزل سيرًا بعد يوم عمل طويل تعني مزيدًا من الإرهاق، ووقتًا أقل للراحة أو الجلوس مع العائلة، قائلًا “إنها صورة يومية من الاستنزاف الذي نعيشه”.

وأضاف جمعة أن تكلفة النقل صارت عبئًا كبيرًا على ميزانيته الشهرية، ففي حال اضطر لركوب “التاكسي” يوميًا، سيصرف نصف راتبه، والمواصلات العامة لا تعمل عندما ينتهي من عمله، معتبرًا أن أجرة “السرفيس” بحد ذاتها عبء عليه، والتي تبلغ 3000 ليرة.

مبيت الورشة ولا أجرة العودة

في حالات أخرى، يضطر البعض إلى النوم داخل الورشة أو المعمل حتى ساعات الصباح فقط ليستفيدوا من النقل العام خلال فترة النهار، غير أن هذا المبيت اضطراري، وينام العامل كيفما اتفق، وغالبًا ما يكون في غرف التخزين أو الزوايا الخلفية للورش، دون أسرّة أو أدنى مقومات الراحة، لكنه يظل “أقل كلفة” من العودة سيرًا أو دفع أجرة سيارة أجرة.

توقف النقل ليلًا يكشف عن أزمة أعمق تتعلّق بضعف الأجور، فمتوسط دخل العامل لا يكفي لتأمين وسيلة نقل آمنة بعد نهاية يوم عمل طويل، إذ ذكر العامل جمعة أنه لا ضير في ركوب سيارات الأجرة إن كانت يوميته 150 ألف ليرة على سبيل المثال.

ووفق ما رصدته، تتراوح أجور “التكاسي” ضمن مدينة حلب بين 15 ألفًا و35 ألف ليرة سورية للرحلة الواحدة، بينما لا يتجاوز متوسط دخل العامل الأسبوعي 400 ألف ليرة.

وفي السياق نفسه، قال “أبو فاروق” وهو عامل في أحد المطاعم، إن وسائل النقل الليلية ليست ترفًا، بل ضرورة لحماية كرامة العامل، وضمان استمراره في سوق العمل دون أن يدفع ثمنًا صحيًا أو نفسيًا مضاعفًا.

العتمة والديزل.. أعذار السائقين

سائق “سرفيس” يعمل على خط حي صلاح الدين، برر التوقف الليلي بأن ثمن المازوت مرتفع، والعتمة تشكل خطرًا، وفي حال عدم وجود ركاب في طريق العودة فالسائقون يتكبدون خسائر مالية، ولهذا السبب، ينهي معظم السائقين عملهم قبل منتصف الليل تفاديًا لأي خسارة أو مشكلات.

في المقابل، تؤمّن بعض المعامل والمطاعم وسائل نقل خاصة تقلّ موظفيها بعد انتهاء الدوام الليلي أو حتى الصباحي، غالبًا عبر سيارات صغيرة توصلهم إلى أقرب نقطة سكنية.

وطالب العمال ممن قابلتهم بتمديد ساعات عمل النقل العام إلى ما بعد منتصف الليل، أو تخصيص خطوط خاصة بالورديات الليلية، خصوصًا في الأحياء الصناعية والمناطق البعيدة.

واقترح بعضهم تفعيل نظام نقل جماعي تشرف عليه البلديات أو النقابات، بحيث يكون بأجور رمزية ويخدم فئة العمال والمياومين.

المصدر: عنب بلدي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *