أنصار أوروبا يتقدمون نتائج انتخابات بولندا البرتغال رومانيا

أظهرت نتائج انتخابات أجريت في 3 دول أوروبية هي بولندا ورومانيا والبرتغال، التي يتنافس فيها المؤيدون للاتحاد الأوروبي مع اليمينيين القوميين المعجبين بالرئيس الأميركي دونالد ترمب، فوز رئيس بلدية وارسو، رافال ترزاسكوفسكي، ومرشح تيار الوسط في بوخارست، نيكوشور دان، وكلاهما مؤيد لأوروبا، في حين حقق زعيم التحالف الديمقراطي ورئيس الوزراء الحالي، لويس مونتينيجرو، فوزاً بالانتخابات البرلمانية في لشبونة.
وبحسب ما أوردته “بلومبرغ”، فقد حقق رئيس بلدية وارسو، رافال ترزاسكوفسكي ومرشح حزب الائتلاف المدني (KO) الوسطي الحاكم، فوزاً صعباً في الانتخابات الرئاسية البولندية بنسبة 31.2%، فيما فاز مرشح تيار الوسط في رومانيا، نيكوشور دان، بالجولة الثانية بحصوله على أكثر من 5.83 مليون صوت.
وحصل ترزاسكوفسكي على المركز الأول بنسبة 31.2% من الأصوات، متقدماً على كارول ناوروكي، المرشح المدعوم من حزب “القانون والعدالة” القومي، الذي حصل على 29.7%، فيما كان الفارق أضيق بكثير من 4-7 نقاط مئوية في استطلاعات الرأي التي سبقت التصويت.
وحال تأكيد هذه النتيجة، ستعني أن ترزاسكوفسكي وناوروكي سيتنافسان وجهاً لوجه في جولة الإعادة المقررة في الأول من يونيو المقبل، لتحديد ما إذا كانت بولندا ستتمسك بثبات بالمسار المؤيد لأوروبا الذي رسمه رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك، أم ستقترب من المؤيدين القوميين لترمب.
وقال ترزاسكوفسكي لأنصاره: “نسعى لتحقيق النصر. قلتُ إن النتيجة ستكون متقاربة، وهي متقاربة بالفعل. أمامنا الكثير من العمل، ونحتاج إلى عزيمة”، فيما قال ناوروكي لأنصاره بأنه “واثق من الفوز في الجولة الثانية”، ودعا اليمين المتطرف إلى دعمه و”إنقاذ بولندا”.
وحصل مرشحا اليمين المتطرف، سلافومير مينتزن وجزيجورز براون، على أكثر من 21% مجتمعين، وهي نسبة عالية تاريخياً، إذ أُجري التصويت في بولندا بالتزامن مع جولة الإعادة الرئاسية في رومانيا، والتي بدا فيها عمدة بوخارست الوسطي، في طريقه لهزيمة النائب اليميني المتشدد، جورج سيميون، المشكك في الاتحاد الأوروبي.
وفي بولندا، يتمتع الرئيس بسلطة نقض القوانين، وسيمكن فوز ترزاسكوفسكي في الجولة الثانية، حكومة توسك من تنفيذ أجندة تتضمن التراجع عن الإصلاحات القضائية التي أدخلها حزب القانون والعدالة، والتي يقول النقاد إنها “قوضت استقلال المحاكم”.
وتعهد ترزاسكوفسكي بتعزيز دور بولندا كلاعب رئيسي في صميم صنع السياسات الأوروبية، والعمل مع الحكومة للتراجع عن التعديلات القضائية التي أجراها حزب القانون والعدالة.
بدوره، يرى ناوروكي أن الانتخابات فرصة لمنع توسك من الوصول إلى سلطة مطلقة، وللتصدي للقيم الليبرالية التي يمثلها ترزاسكوفسكي، الذي كان، بصفته عمدة وارسو، راعياً لمسيرات المثليين ومزدوجي التوجه الجنسي والمتحولين جنسياً.
وعلى عكس بعض المشككين الآخرين في الاتحاد الأوروبي في أوروبا الوسطى، يدعم ناوروكي المساعدات العسكرية لأوكرانيا في مواجهة روسيا، ومع ذلك، فقد استغل المشاعر المعادية لأوكرانيا بين بعض البولنديين الذين سئموا من تدفق اللاجئين من جارتهم.
انتخابات رومانيا
وفي رومانيا، فاز الوسطي المؤيد للاتحاد الأوروبي، نيكوشور دان، في جولة الإعادة الرئاسية، متغلباً على منافس قومي متطرف متشكك في الاتحاد الأوروبي، والذي تصدّر الجولة الأولى، وأثار مخاوف بشأن التوجه الموالي للغرب في البلاد.
وحصل دان، عالم الرياضيات البالغ من العمر 55 عاماً ورئيس بلدية العاصمة بوخارست، على أكثر من 54% من الأصوات، مقارنةً بنحو 46% لجورج سيميون، مشجع كرة قدم سابق تحول إلى زعيم لحزب “AUR” اليميني المتطرف، وذلك بعد فرز أكثر من 97% من الأصوات، وفق ما أوردت صحيفة “فاينانشيال تايمز”.
ويُتوّج فوز رئيس البلدية، أشهراً من الاضطرابات السياسية والاقتصادية التي اندلعت إثر إلغاء تصويت سابق بسبب تدخل روسي مزعوم، ما وضع بوخارست في مرمى نيران موسكو وواشنطن، وأحدث انقساماً في البلاد بشأن مسارها المستقبلي.
وبعد فوزه، قال دان: “الانتخابات لا تتعلق بالسياسيين، بل بالمجتمعات. والمجتمع الذي فاز اليوم يريد تغييرات جذرية”. وأقر بغضب “المجتمع الخاسر”، ووعد بإجراء إصلاحات لمكافحة الفساد وتحسين سيادة القانون.
بدوره، أعلن سيميون، تحقيق “نصر واضح” نيابةً عن الشعب الروماني، مؤكداً أنه لا يزال يثق في صحة فرز جميع الأصوات، وفي وقت لاحق، قال محدث باسمه في تصريحات لصحيفة “فاينانشيال تايمز”: “سنطلب إعادة فرز الأصوات إذا كانت لدينا مخاوف من حدوث تزوير”.
وصعد سيميون إلى الصدارة بفضل غضب الناخبين من إلغاء السلطات للانتخابات الرئاسية العام الماضي، بسبب تدخل روسي مزعوم لصالح مرشح قومي متطرف آخر، كالين جورجيسكو، الذي تصدّر الجولة الأولى من التصويت في نوفمبر الماضي بشكل مفاجئ.
ومُنع جورجيسكو من الترشح مجدداً، لكنه أيّد سيميون، الذي صرّح بأنه سيجعل جورجيسكو “رئيساً للوزراء في حال فوزه”.
وسيواجه دان مهمة صعبة تتمثل في تعيين رئيس وزراء وحكومة جديدة فاعلة قادرة على إقرار الإصلاحات اللازمة، لتجنب فقدان مكانة المستثمر الجاذبة والحصول على تمويل الاتحاد الأوروبي.
حكومة أقلية في البرتغال
وفي البرتغال، كانت النتائج تتجه نحو حكومة أقلية أخرى بعد فوز حزب التحالف الديمقراطي اليميني الوسطي في الانتخابات العامة، لكنه فشل في الحصول على الأغلبية البرلمانية في تصويت شهد تقدماً كبيراً لحزب شعبوي يميني متشدد، بحسب ما أوردته “أسوشيتد برس”.
وقال زعيم التحالف الديمقراطي ورئيس الوزراء الحالي، لويس مونتينيجرو، إنه مستعد لمناقشة الحلول مع الأحزاب الأخرى، فيما شكر في تصريحاته أنصاره وعائلته و”العائلة السياسية” التي دافعت عنه ضد الهجمات المتعلقة بصفقات أبرمتها شركة أسسها قبل توليه قيادة الحزب، والتي يملكها الآن أبناؤه.
وبعد فرز 99.2% من الأصوات، حصل التحالف الديمقراطي على 89 مقعداً على الأقل في الجمعية الوطنية (البرلمان البرتغالي) المكونة من 230 مقعداً، وفي تجسيدٍ دراماتيكي للتغيرات الجذرية في المشهد السياسي البرتغالي، ارتفع دعم حزب “تشيجا” الشعبوي مرة أخرى. فقد حصد ما لا يقل عن 58 مقعداً، مقارنة بـ 50 مقعداً العام الماضي، ويتحدى الاشتراكيين من يسار الوسط كثاني أكبر حزب في البرتغال.
بدوره، أعلن الزعيم الاشتراكي، بيدرو نونو سانتوس، استقالته بعد أن حل حزبه في المركز الثاني، وخسر العديد من المقاعد، ما أدى إلى تقاربه مع حزب “تشيجا” اليميني المتطرف، الجديد نسبياً.
وبددت الانتخابات العامة الثالثة في البرتغال خلال ثلاث سنوات، الأحد، الآمال في أن يُنهي الاقتراع أسوأ موجة من عدم الاستقرار السياسي منذ عقود في الدولة العضو في الاتحاد الأوروبي، والتي يبلغ عدد سكانها 10.6 مليون نسمة.
ومما زاد من حالة عدم اليقين في المناخ الانتخابي في البرتغال، أن زيادة الدعم لحزب “تشيجا” تعني أن الحزب اليميني المتشدد قد يحتل المركز الثاني بتركيزه على الحد من الهجرة ومكافحة الفساد، متحدياً الاشتراكيين اليساريين الوسطيين كثاني أكبر حزب في البرتغال.
وأدى الإحباط العام من الأحزاب الرئيسية في البرتغال إلى تفتت المشهد السياسي بشكل متزايد، وتحدى الجهود المبذولة لتوحيد السياسات المتعلقة بالقضايا الوطنية الملحة مثل الهجرة والإسكان وتكاليف المعيشة.
وتعد الهجرة والإسكان قضيتان رئيسيتان في البرتغال، إذ يدين حزب “تشيجا” بنجاحه الكبير لمطالباته بتشديد سياسة الهجرة، والتي لاقت صدى واسعاً لدى الناخبين.
وشهدت البرتغال ارتفاعاً حاداً في الهجرة، ففي عام 2018، كان عدد المهاجرين الشرعيين في البلاد أقل من نصف مليون، وبحلول أوائل هذا العام، تجاوز عددهم 1.5 مليون، كثير منهم برازيليون وآسيويون يعملون في قطاعي السياحة والزراعة.