“الصحة العالمية” تتبنى “اتفاقاً تاريخياً” لمكافحة الأوبئة

تبنَّت الدول الأعضاء في منظمة الصحة العالمية، اتفاقاً تاريخياً، الثلاثاء، بشأن كيفية الاستعداد لأي أوبئة مستقبلية، في أعقاب تفشي فيروس كورونا الذي حصد أرواح الملايين بين عامَي 2020 و2022، فيما أكد وزير الصحة والخدمات الإنسانية الأميركي روبرت إف كينيدي جونيور أن الولايات المتحدة لن تشارك في هذه الاتفاقية.
وبعد 3 سنوات من المفاوضات، تبنَّت جمعية الصحة العالمية في جنيف الاتفاق الملزم قانونياً. ورحبت الدول الأعضاء بالمنظمة بتبنّي هذا الاتفاق بتصفيق حار.
ويُنظَر إلى الاتفاق على نطاق واسع على أنه انتصار للمنظمة الأممية، في وقت عانت فيه المنظمات متعددة الأطراف من ضغوط شديدة نتيجة التخفيضات الحادة في التمويل الأجنبي الأميركي.
وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم جيبرييسوس إن الاتفاق هو “انتصار للصحة العامة والعلم والعمل متعدد الأطراف. سيضمن لنا، بشكل جماعي، أن نتمكن من حماية العالم بشكل أفضل من تهديدات الأوبئة المستقبلية”.
في المقابل، اعتبر كينيدي جونيور في تصريحات لشبكة Fox News الأميركية، أن اتفاقية منظمة الصحة العالمية ستؤدي إلى تثبيت جميع الاختلالات في استجابة المنظمة الأممية للأوبئة.
وسيضمن الاتفاق أن تكون الأدوية والعلاجات واللقاحات متاحة عالمياً عند حدوث أي وباء، إذ يتطلب من الشركات المشاركة تخصيص 20% من لقاحاتها وأدويتها واختباراتها لمنظمة الصحة العالمية خلال الجائحة لضمان وصول الدول الفقيرة إليها.
ومع ذلك، غادر المفاوضون الأميركيون المناقشات بشأن الاتفاق بعد أن بدأ الرئيس دونالد ترمب عملية انسحاب تمتد لـ12 شهراً من المنظمة -وهي أكبر داعم مالي لمنظمة الصحة العالمية- عندما تولى منصبه في يناير.
ونتيجة لذلك، لن تكون الولايات المتحدة ملزمة بالاتفاق، ولن تواجه دول أعضاء في منظمة الصحة العالمية أي عقوبات إذا فشلت في تنفيذه.
التحدي الأخير
تم التوصل إلى الاتفاق بعد أن طالبت سلوفاكيا بإجراء تصويت، الاثنين، حيث طالب رئيس وزرائها روبرت فيتسو، الذي يشكك في لقاح فيروس كورونا، أن تتحدى بلاده اعتماد الاتفاق.
وصوتت 124 دولة لصالح الاتفاق، ولم تصوت أي دولة ضده، بينما امتنعت 11 دولة، بما في ذلك بولندا وإسرائيل وإيطاليا وروسيا وسلوفاكيا وإيران.
ورحب بعض خبراء الصحة بالاتفاق باعتباره خطوة نحو مزيد من العدالة في الصحة العالمية بعد أن تعرضت البلدان الفقيرة لنقص في اللقاحات والتشخيصات خلال جائحة فيروس كورونا.
ولن يدخل الاتفاق حيز التنفيذ حتى يتم التوصل إلى اتفاق بشأن ملحق يتعلق بمشاركة المعلومات الخاصة بالعوامل الممرضة.
وستبدأ المفاوضات بشأن هذا في يوليو بهدف تقديم الملحق إلى جمعية الصحة العالمية لاعتماده، حسبما ذكرت منظمة الصحة العالمية.
بينما أشار مصدر دبلوماسي غربي إلى أن الاتفاق قد يستغرق نحو عامين ليتم التوصل إليه.
تهيئة العالم لمواجهة الأوبئة
في أبريل، أعلنت منظمة الصحة العالمية أن الدول الأعضاء توصلت إلى اتفاق لتهيئة العالم لمواجهة الأوبئة المستقبلية، بعد مفاوضات استمرت لأكثر من 3 سنوات.
وقالت منظمة الصحة العالمية في بيان: “بعد مفاوضات مكثَّفة على مدى أكثر من ثلاث سنوات، خطت الدول الأعضاء خطوة كبيرة إلى الأمام في الجهود المبذولة لجعل العالم أكثر أماناً من الأوبئة”.
وإلى جانب تقاسم الأدوية واللقاحات، يُعد التمويل نقطة خلاف رئيسية، بما في ذلك إنشاء صندوق مخصَّص، أو طريقة للاستفادة من الموارد المتاحة، مثل صندوق البنك الدولي للوقاية من الأوبئة بقيمة مليار دولار.
وتسببت مخاوف بعض الناقدين في تعقيد المفاوضات؛ إذ أشاروا إلى أن الاتفاقية قد تقوّض السيادة الوطنية من خلال منحها صلاحيات واسعة لوكالة تابعة للأمم المتحدة.
وبدوره، نفى المدير العام للمنظمة الأممية، في وقت سابق، هذه التصريحات، إذ قال إن الاتفاق سيساعد الدول على حماية نفسها من تفشي الأوبئة بشكل أفضل.