رسالة إلى 130 دولة وتحركات في واشنطن.. أرض الصومال قد تغيّر موازين القوى الأفريقية

أطلقت حكومة أرض الصومال حملة دبلوماسية مكثفة تهدف إلى الحصول على اعتراف دولي باستقلالها، حيث وجهت نداءات إلى أكثر من 130 دولة، مدعومة بتحركات داخلية في الولايات المتحدة الأمريكية لدعم هذا المسعى.
الحراك الدبلوماسي لأرض الصومال
في أغسطس 2024، أعلنت وزارة الخارجية في أرض الصـومال عن تشكيل فريق عمل وزاري متخصص لوضع استراتيجية تهدف إلى تعزيز جهود الاعتراف الدولي بالإقليم.
وتأتي هذه الخطوة في سياق مذكرة تفاهم وقعتها أرض الصـومال مع إثيوبيا في يناير 2024، تمنح الأخيرة حق الوصول إلى البحر عبر ميناء بربرة، مقابل دعم إثيوبيا لمساعي أرض الصـومال للحصول على اعتراف دولي.
وفي حديثه خلال الاحتفالات الرسمية باليوم الوطني، كشف رئيس أرض الصومال عبد الرحمن محمد عبد الله إرو أنه أرسل سلسلة من الرسائل الرئاسية إلى أكثر من 130 دولة حول العالم بما في ذلك رؤساء ورؤساء وزراء وملوك وأمراء يحثهم على الاعتراف بجمهورية أرض الصـومال.
وفي هذا السياق، قال الصحفي والمحلل السياسي علي جبريل خلال حديث مع وكالة ستيب نيوز: “أعتقد أنه لا يزال من الصعب الاعتراف سريعاً على أرض الصـومال، ولكن هناك حراك سياسي تقوده الولايات المتحدة على أساس مصالح سياسية، بما في ذلك مطار بربرة، وميناء بربرة وهو ميناء مهم. إثيوبيا التي وقعت في السابق اتفاقية كبرى مع أرض الصـومال بشأن قاعدة بحرية، تعمل الآن على استبدالها بالاعتراف. وقد تسبب هذا في الكثير من الضجة التي أثرت على منطقة القرن الأفريقي.”
وأضاف الرئيس أن السياسة الخارجية لأرض الصومال ترتكز على مبادئ السلام والاحترام المتبادل والشراكة البناءة، وأعرب عن استعداد أرض الصومال لبناء علاقات تعاونية متينة مع جميع الدول، لا سيما في منطقة ذات أهمية جيوسياسية واستراتيجية متزايدة.
وعبّر الرئيس إرو عن امتنانه للدول التي طورت علاقات ودية وتعاونًا مستمرًا مع أرض الصـومال، وذكر إثيوبيا والإمارات العربية المتحدة والمملكة المتحدة والولايات المتحدة وجيبوتي وتايوان وتركيا وكينيا وغيرها.
الموقف الأمريكي والتحركات الداخلية
شهدت الولايات المتحدة تحركات داخلية ملحوظة لدعم الاعتراف بأرض الصـومال. ففي ديسمبر 2024، قدم النائب الجمهوري سكوت بيري مشروع قانون في الكونغرس يدعو إلى الاعتراف بأرض الصومال كدولة مستقلة، مستندًا إلى استقرارها السياسي والتزامها بالديمقراطية وأهميتها الاستراتيجية.
ومؤخراً نشرت دراسة أعدتها مساعدة وزير الخارجية للشؤون الأفريقية السابقة جنداي فريزر وآخرون، ونشرها مركز هوفر التابع لجامعة ستانفورد، وتعد واحدة من أهم ما كُتب بشأن العلاقة بين الولايات المتحدة وأرض الصـومال، وخلاصة هذه الدراسة الهامة، والتي تُعتبر كاتبتها من قادة التيار الأفريقاني للحزب الجمهوري، دعت الولايات المتحدة للاعتراف أحاديًا باستقلال الإقليم كدولة مستقلة عن الصومال.
كما أشار علي جبريل إلى أهمية التحالفات السياسية في حال الاعتراف قائلاً: “إذا حصلت أرض الصـومال على اعتراف دولي، طبعاً ستكون ضمن حماية عسكرية من الدول المتحالفة مثل أمريكا، إثيوبيا والإمارات.”
ردود الفعل الإقليمية والدولية
أثارت مذكرة التفاهم بين أرض الصـومال وإثيوبيا ردود فعل غاضبة من الحكومة الفيدرالية الصومالية. فقد وقع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود قانونًا يلغي الاتفاق، مؤكداً التزام حكومته بصون وحدة البلاد، رغم التحديات التي تواجهها.
وفي هذا الصدد، قال علي جبريل: “رغم كفاحها في مواجهة الوضع الأمني الصعب والانتخابات وضعف الحكم، فإن الحكومة الصومالية عازمة الآن على بذل قصارى جهدها لمواجهة إعلان رئيس أرض الصومال سعيه للحصول على الاعتراف الدولي.”
وفيما يخص المواقف الإقليمية، علّق جبريل أيضًا على معارضة جيبوتي، قائلاً: “جيبوتي، عدوة أرض الصومال وحدودها المشتركة معها، لا ترغب في انفصال أرض الصومال عنها، نظرًا لمصالحها الاقتصادية في الموانئ وأهمية البحر الأحمر، مما يجعلها أهم دولة مطلة على البحر في القرن الأفريقي. إثيوبيا مهتمة بإيجاد ممر بحري، وترى في أرض الصومال مصالحها. إثيوبيا من الدول التي تدعم الاعتراف بأرض الصومال.”
الإنجازات الداخلية والدعوات للاعتراف
مرت 34 عامًا منذ أن أعلنت أرض الصـومال انفصالها عن جمهورية الصومال الفيدرالية في عام 1991. ومنذ ذلك الحين، ركزت على بناء مؤسسات قوية، وتعزيز الأمن، وتنظيم انتخابات ديمقراطية.
ويدعم علي جبريل هذه الرؤية قائلاً: “مرت 34 عامًا منذ انفصال أرض الصـومال عن بقية الصومال، وخلال ذلك الوقت ركزت على بناء حكومة وإدارة شفافة. كما عززت أرض الصومال السلام والأمن في بلادها. لقد انتخبوا ستة رؤساء باستخدام نظام الصوت الواحد للشخص الواحد. وأعتقد أن العالم يجب أن ينظر اليوم إلى قضية أرض الصومال، التي حققت تقدماً كبيراً في مجالات الديمقراطية والأمن والاقتصاد. أرض الصومال جاهزة للاعتراف الذي كانت تسعى إليه منذ 34 عامًا.”
ورغم المعارضة الداخلية والإقليمية، فإن التحركات الدبلوماسية التي تقودها أرض الصـومال، مدعومة ببعض القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة، قد تُعيد رسم المشهد السياسي في القرن الأفريقي. ومع تعاظم الدور الجيوسياسي لميناء بربرة ودخول أطراف كبرى على خط الأزمة، فإن ملف الاعتراف الدولي بأرض الصـومال لم يعد مسألة “إذا”، بل “متى وكيف”.
المصدر: وكالة ستيب الاخبارية