اخر الاخبار

إدارة ترمب تخطط لترحيل مهاجرين من مناطق نزاعات لبلدانهم

أعدت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب خطة لاستخدام ما يصل إلى 250 مليون دولار من أموال المساعدات الخارجية، لتمويل عمليات ترحيل وإعادة أفراد من مناطق تشهد نزاعات نشطة، بما في ذلك نحو 700 ألف مهاجر أوكراني وهايتي فروا إلى الولايات المتحدة هرباً من العنف المستمر والمتصاعد في بلادهم، وفقاً لوثائق داخلية أولية اطلعت عليها صحيفة “واشنطن بوست”. 

وتشير الوثائق إلى أن المقترح، الذي لم يُكشف عنه سابقاً، كان قيد الإعداد قبل إعلان ذي صلة صدر في 5 مايو الجاري عن وزارة الأمن الداخلي، أفاد بأن المهاجرين الذين يختارون “العودة الطوعية” إلى بلدانهم سيكونون مؤهلين للحصول على منحة مالية بقيمة ألف دولار من الحكومة الأميركية.

ورغم أن الإدارات الأميركية السابقة دعمت استخدام أموال دافعي الضرائب لتمويل العودة الطوعية للمهاجرين، فإن المقترح، الذي أُعد في عهد ترمب يُعد “استثنائياً”، نظراً لأنه يشمل أشخاصاً فروا من مناطق خطرة في العالم، ويبدو أنه يستهدف تجاوز المنظمة الدولية للهجرة، التابعة للأمم المتحدة، والتي تضطلع عادةً بمساعدة المهاجرين في العودة إلى بلدانهم، وفق “واشنطن بوست”.

ويتزامن هذا المقترح أيضاً مع مسعى الإدارة المثير للجدل لخفض المساعدات الخارجية بشكل حاد، عبر تفكيك الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) وإنهاء 80% من برامجها، بما في ذلك البرامج التي كانت موجهة لأوكرانيا وهايتي ودول أخرى تعاني من اضطرابات. 

جنسيات عربية

وتشير مسودة الوثائق إلى أن الخطة لا تقتصر على الأوكرانيين والهايتيين فحسب، بل تشمل أيضاً أفغاناً وفلسطينيين وليبيين وسودانيين وسوريين ويمنيين، باعتبارهم أهدافاً محتملة لبرنامج الترحيل الطوعي. 

وأفادت المسودة بأن المكتب التابع للأمم المتحدة والمعني بشؤون الهجرة لا يدعم إعادة الأشخاص إلى أي من تلك الدول. 

ورغم وصف هذه المسودة بـ”غير النهائية”، ووصف متحدث باسم وزارة الأمن الداخلي لها بأنها “قديمة”، وقعت وزارة الأمن الداخلي اتفاقاً مع وزارة الخارجية الأسبوع الماضي، يتضمن الإجراءات نفسها، بما في ذلك مبلغ الـ250 مليون دولار من المساعدات الخارجية، دون أن يحدد الاتفاق جنسيات بعينها ستُستهدف بالعودة الطوعية. 

ووصف منتقدو المقترح، ومن بينهم مسؤولون حكوميون سابقون، الخطة بأنها “غير إنسانية، وتتناقض مع القيم الأميركية الراسخة”، إذ تدفع بأشخاص لجأوا إلى الولايات المتحدة إلى العودة إلى بلدان قد يُقتلون فيها.

كما أثار المنتقدون تساؤلات بشأن ما إذا كان هذا المخطط يُعد إساءة استخدام أموال المساعدات الخارجية التي خُصصت أساساً لدعم اللاجئين وإعادة توطينهم. 

ويأتي ذلك، بينما تحاول إدارة ترمب التوسط لوقف إطلاق النار في أوكرانيا، والتي أوقع الصراع فيها مئات الآلاف من الضحايا والجرحى على الجانبين. أما هايتي، فتعاني من عنف العصابات وتداعيات سنوات من عدم الاستقرار السياسي. 

وتحذر وزارة الخارجية الأميركية من السفر إلى كل من أوكرانيا وهايتي بسبب المخاطر الأمنية الجسيمة، كما ينص القانون الدولي على عدم إعادة اللاجئين إلى بلدانهم إذا كانت حياتهم أو حريتهم مهددة هناك. 

حماية مؤقتة

وكانت إدارة الرئيس السابق جو بايدن قد منحت الأوكرانيين والهايتيين ما يُعرف بوضع “الحماية المؤقتة”، ما يسمح لهم بالبقاء في الولايات المتحدة طالما تعذر عليهم العودة إلى بلدانهم بأمان. 

وتشير الوثائق، التي اطلعت عليها “واشنطن بوست”، إلى أن أكثر من 200 ألف أوكراني و500 ألف هايتي يمكن أن تشملهم خطة الترحيل الطوعي. 

ومنحت إدارة بايدن وضع الحماية المؤقتة للأوكرانيين في عام 2022، عقب اندلاع الحرب الروسية، بينما يتمتع الهايتيون بهذا الوضع منذ عام 2010، بعد الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد، وأودى بحياة الآلاف، وتم تمديده مراراً بسبب استمرار الأوضاع غير الآمنة. 

وأكدت المتحدثة باسم وزارة الأمن الداخلي، تريشيا ماكلوجلين، صحة الوثائق التي أُعدت بين أواخر أبريل ومطلع مايو، لكنها اعتبرتها “قديمة”، مشيرة إلى أن وزيرة الأمن الداخلي، كريستي نويم، لم تتخذ قراراً “نهائياً” بعد بشأن الحماية المؤقتة للأوكرانيين أو الهايتيين.

وأضافت ماكلوجلين في بيان: “تعمل وزارة الأمن الداخلي ووزارة الخارجية على تنفيذ أجندة الرئيس من خلال استخدام أموال المساعدات الخارجية لمساعدة من هم في البلاد بشكل غير قانوني على الترحيل الطوعي”، في إشارة على ما يبدو إلى المهاجرين الذين أُلغي وضع الحماية المؤقتة لديهم. 

وفي بيان آخر، أكدت وزارة الخارجية أنها، بالتعاون مع وزارة الأمن الداخلي، تسعى لتقديم “دعم للسفر وحوافز مالية” لتشجيع المهاجرين على مغادرة الولايات المتحدة طوعاً، مع الالتزام بالأوامر القضائية ذات الصلة. 

ويتماشى الدفع نحو الترحيل الطوعي مع أسلوب إدارة ترمب في تبني أساليب “غير تقليدية”، بل و”مثيرة للجدل” أحياناً، في ترحيل المهاجرين وغيرهم من الأجانب، بما في ذلك الترحيل القسري أو ترحيل أشخاص إلى دول ليست دولهم الأصلية. 

وفي ما يتعلق بأوكرانيا، حث دبلوماسيون أميركيون في يناير الماضي، مسؤولين في كييف على استقبال مواطنيها الذين يُرحلون من الولايات المتحدة، وربما أيضاً استقبال عدد غير محدد من المُرحلين من دول أخرى. 

وبينما سعت إدارة بايدن إلى تمديد الحماية المؤقتة للهايتيين حتى فبراير 2026، ألمحت وزارة الأمن الداخلي في عهد ترمب إلى أنها قد تلغي هذا الوضع اعتباراً من الصيف المقبل. 

وخلال حملته الانتخابية لعام 2024، انتقد ترمب مراراً المهاجرين الهايتيين في الولايات المتحدة، وروج شائعات بشأن أنهم “أكلوا الكلاب والقطط” في ولاية أوهايو. 

ومن المقرر أن تمول إدارة ترمب برنامج الترحيل الطوعي من خلال مكتب السكان واللاجئين والهجرة التابع لوزارة الخارجية، باستخدام أموال خصصها الكونجرس لتأجير طائرات أو شراء تذاكر على الرحلات التجارية، بحسب ما ورد في الوثائق التي اطلعت عليها “واشنطن بوست”. 

المهاجرون الأفغان

ويشرف مكتب السكان واللاجئين والهجرة عادة على إعادة توطين اللاجئين داخل الولايات المتحدة، لا على ترحيلهم. 

لكن في ظل إدارة ترمب الثانية، توقفت غالبية برامج إعادة التوطين، باستثناء نحو 50 جنوب إفريقياً من البيض، قال ترمب إنهم يتعرضون للتمييز العنصري. 

وقال مصدر مطلع على مناقشات الإدارة إنه من المتوقع أن يكون المهاجرون الأفغان أول مجموعة كبيرة تُستهدف بحزم الترحيل الطوعي، رغم المخاطر التي قد يواجهونها لدى العودة إلى وطنهم تحت حكم طالبان. 

وبحسب المقترح، فإن أموال المساعدات الخارجية التي ستُستخدم في عمليات الترحيل الطوعي ستأتي من صندوق مساعدة المهاجرين واللاجئين، الذي يُستخدم تقليدياً في إعادة توطين اللاجئين داخل الولايات المتحدة، أو في مساعدة الأشخاص على العودة إلى أوطانهم عندما يُعتبر ذلك آمناً. 

وكان ترمب قد أصدر، فور توليه الرئاسة، أمراً تنفيذياً يقضي بتجميد المساعدات الخارجية لمدة 90 يوماً، لكن وزير الخارجية حينها، ماركو روبيو، سمح باستخدام بعض أموال الصندوق لدعم أنشطة منقذة للحياة، أو لإعادة مواطني دول ثالثة إلى بلدانهم الأصلية، أو إلى دول ثالثة آمنة”. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *