هل تستعد مصر لحرب مع إسرائيل؟.. تقارير تثير “ذعر” تل أبيب وخبير مصري يكشف “الحقيقة”

في خضم تصاعد التوترات بين مصر وإسرائيل في ظل الحرب على غزة، خرجت تقارير إسرائيلية بتحذيرات مثيرة للجدل، تزعم أن مصر تبني مطارات عسكرية سرية في سيناء استعدادًا لاحتمال اندلاع مواجهة مستقبلية مع إسرائيل، بينما كشف خبير عسكري مصري عن تفاصيل ما يدور في سيناء و”خطة” تل أبيب بضربة استباقية “إعلامية” ضد القاهرة.
تحذير استخباراتي إسرائيلي يثير القلق
تواصل وسائل إعلام إسرائيلية الحديث عن “تحركات عسكرية مصرية مقلقة” في سيناء، ومن بين ذلك حديث ضابط استخبارات زعم خلالها أن مصر أنشأت مطارات عسكرية ومراكز رادار في سيناء، إلى جانب توسيع مستودعات الأسلحة وحفر أنفاق لتخزين الصواريخ.
ورأى الضابط الإسرائيلي أن هذه المنشآت “لا علاقة لها بمكافحة الإرهاب”، بل تُصمم حسب تعبيره “لمواجهة إسرائيل في حال اندلاع حرب مستقبلية”، في إشارة إلى تغيّر في الاستراتيجية المصرية بحسب زعمه.
من جانبه، فنّد اللواء محمد عبد الواحد، الخبير العسكري والاستراتيجي، في حديث لوكالة ستيب نيوز هذه التصريحات الإسرائيلية ووضعها في سياقها السياسي والدعائي، قائلًا: “الزج باسم مصر بدأ منذ ديسمبر 2023، عندما فشلت إسرائيل في تحقيق أهدافها المُعلنة من الحرب، مثل القضاء على حماس وتحرير الأسرى. فقد مضى أشهر دون تحقيق تلك الأهداف”.
وأضاف أن إسرائيل بدأت آنذاك في “تحميل مصر مسؤولية غير مباشرة”، متذرعةً بمعبر رفح، والأنفاق، والمساعدات المفترضة لحماس. وأوضح: “أعتقد أن هذه التصريحات تبدو مبالغًا فيها، وتهدف إلى إثارة القلق وتشتيت انتباه الرأي العام الدولي عن جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي ضد الفلسطينيين”.
وأكد عبد الواحد على أهمية النظر إلى طبيعة المصدر، قائلاً: “يجب أن نُحلل تصريحات هذا الضابط في سياقها الأصلي. من هو هذا الضابط؟ هو ضابط سابق في الاستخبارات الإسرائيلية، وليس مسؤولًا حاليًا، مما يُقلل من الوزن الرسمي لتصريحاته”.
لكن “عبد الواحد” يشير إلى أن هذه التقارير تعكس في الوقت نفسه وجهة نظر داخل الأوساط الأمنية الإسرائيلية، وتُظهر أن هناك دائمًا تفكيرًا استباقيًا فيما يتعلق بمصر، وبأي تهديد يُحتمل أن يمسّ أمن إسرائيل.
دوافع ودلالات
نُشرت تقارير تهاجم تحركات الجيش المصري عبر القناة 14 الإسرائيلية، وهي قناة ذات توجه يميني متطرف.
وأوضح اللواء عبد الواحد أن: “القناة 14 الإسرائيلية معروفة بدعمها غير المشروط لسياسات الحكومة، سواء في القضاء أو في الحرب على غزة، وهي تُتهم بالتحريض على ارتكاب جرائم حرب في غزة”.
وأشار إلى أن هذه التصريحات جزء من “ضربة إعلامية استباقية”، تهدف لتقويض التحرك الدبلوماسي المصري المتوقع ضد التصعيد الإسرائيلي، لا سيما بعد الاحتلال الإسرائيلي لمحور “فيلادلفيا” وتهجير سكان رفح قسرًا.
ويقول: “الهدف الرئيسي من تلك التصريحات هو تعبئة الرأي العام الداخلي، ولكنها تحمل أيضًا رسائل أخرى، موجهة إلى مصر”، مشدداً على أن الحكومة الحالية بقيادة نتنياهو تهتم بشدة بأمن حدودها، حتى لو كانت تلك الحدود مع دولة قوية مثل مصر، وهذا التوجه يُخدم أهداف الحكومة ويُثير القلق حول استقرار الحدود الجنوبية.
ويتعامل الإعلام الإسرائيلي بحرية نسبية في تغطية الملفات الأمنية والعسكرية، حتى لو شملت اتهامات استفزازية لدول مثل مصر، بينما يتسم الإعلام المصري بالحذر الشديد في مثل هذه القضايا، بسبب الحساسية الشعبية تجاه إسرائيل.
هذا التفاوت الإعلامي يعكس اختلافًا جوهريًا في الأهداف، فالإعلام الإسرائيلي يُستخدم أحيانًا كأداة ضغط داخلي وخارجي، بينما يسعى الإعلام المصري لتجنب التصعيد الداخلي.
التزام مصر باتفاقية السلام
يؤكد الخبير العسكري المصري أنه رغم التصريحات التحريضية، فإن مصر لا تزال ملتزمة باتفاقية السلام الموقعة مع إسرائيل منذ عام 1979، ويقول: “تُفضل القاهرة الحفاظ على الاستقرار الإقليمي عبر القنوات الدبلوماسية والأمنية، خاصة في ظل التوترات الناجمة عن حرب غزة”.
لكنه يشير أيضاً إلى أن مصر كانت قد هدّدت سابقًا بتعليق اتفاقية السلام، أو العلاقات الدبلوماسية، أو حتى العلاقات التجارية، في حال تم خرق محاور معينة مثل محور “فيلادلفيا”، أو إذا حدث تغيير ديموغرافي في غزة من خلال تهجير السكان.
وبالفعل قامت القوات الإسرائيلية باحتلال محور فيلادلفيا، واستولت على منطقة رفح، ودفعت بسكانها للنزوح القسري إلى مناطق أخرى، لكن القاهرة لا تزال تتأنى بتقييم العلاقة مع تل أبيب.
ويضيف: “فيما يتعلق بالحديث عن إنشاء مطارات عسكرية جديدة، لا توجد بيانات رسمية تؤكد أو تنفي، لكن الإجراءات الأمنية المتزايدة في سيناء تُفسر في إطار مكافحة الإرهاب والاستعداد لتداعيات إقليمية محتملة”.
التوازن العسكري بين مصر وإسرائيل
وفيما ما إذا اندلعت مواجهة عسكرية ما بين مصر وتل أبيب، قد تكون واحدة من أصعب المواجهات، رغم خوض القاهرة 4 حروب سابقة ضد إسرائيل وتحقيقها مكاسب ببعضها.
ويقول اللواء عبد الواحد: “تتفوق إسرائيل نوعيًا في بعض النواحي العسكرية مثل الطائرات والتكنولوجيا الدفاعية، بينما تمتلك مصر ميزة عددية وخبرة ميدانية معتبرة”.
ويضيف: “الجيش المصري يتميز بقوات مشاة قوية وبحرية مصنفة ضمن الأقوى عالميًا، بينما تعتمد إسرائيل بشكل أكبر على القوة الجوية والدفاع الصاروخي بدعم أمريكي”.
وعلى سبيل المثال، تمتلك إسرائيل طائرات متقدمة من طراز “F15” و”F35″، بينما تعتمد مصر حاليًا على طائرات “F16” وتسعى لإبرام صفقة مع الصين للحصول على مقاتلات من الجيل الخامس مثل “J20″، وهو ما قد يعيد بعض التوازن.
وفي مجال الدفاع الجوي، تتفوق إسرائيل بمنظومات متعددة تشمل القبة الحديدية، و”آرو 3″، وغيرها، وكلها مدعومة من الولايات المتحدة. في المقابل، تعمل مصر على تعزيز دفاعها الجوي من خلال صفقات محتملة مع الصين.
ويؤكد “عبد الواحد” أن مصر تمتلك قوات مشاة أكبر عددًا وأكثر خبرة في الاشتباك المباشر، وهي ميزة تفتقر إليها إسرائيل التي تتحاشى مثل هذه المواجهات المباشرة.
كما يشدد بذات الوقت على أن ” مصر لا تسعى حاليًا إلى مواجهة مباشرة، خاصة في ظل الانحياز الأمريكي الكامل لإسرائيل، وهو ما يدفع القاهرة إلى تغليب الخيارات السياسية والدبلوماسية”.
مستقبل العلاقات المصرية الإسرائيلية
مع استمرار الاحتلال الإسرائيلي لمحور فيلادلفيا وتهجير الفلسطينيين، تُواجه العلاقات المصرية الإسرائيلية اختبارات حاسمة.
ويتحدث الخبير المصر أن مصر تعتبر أي محاولة لتغيير ديموغرافية غزة خطًا أحمر، وقد تردّ بسلسلة من الإجراءات تبدأ بتجميد العلاقات الاقتصادية والسياسية، وقد تصل إلى تعليق اتفاقية السلام.
يذكر أن مصر وإسرائيل وقعتا اتفاقية السلام في كامب ديفيد عام 1979، وهي أول اتفاقية من نوعها بين إسرائيل ودولة عربية، ومنذ ذلك الحين، لم تقع حروب مباشرة بين البلدين، لكن العلاقات شهدت فترات توتر، خاصة خلال الأزمات الإقليمية مثل حرب غزة.
اقرأ أيضاً|| ترامب “يستفز مصر” ويعطي أوامره “العاجلة” بشأن قناة السويس وخبير يكشف كيف سترد القاهرة

إعداد: جهاد عبد الله
https://www.youtube.com/watch?v=T4qXHwcnKQ
المصدر: وكالة ستيب الاخبارية