اخر الاخبار

قضاة فيدراليون يبحثون تولي مسؤولية أمنهم وسط تصاعد التهديدات

بدأ عدد من القضاة الفيدراليين في الولايات المتحدة مناقشة إمكانية تولي مسؤولية الوكالة الأمنية المكلفة بتأمينهم، والتي تتبع حالياً الفرعين التنفيذي والقضائي من الحكومة، وسط تصاعد التوتر بين إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، والسلطة القضائية، وفق صحيفة “وول ستريت جورنال”.

وذكرت الصحيفة الأميركية في تقرير، الأحد، أن هذه الفكرة طُرحت خلال سلسلة اجتماعات مغلقة عُقدت في أوائل مارس الماضي، عندما اجتمع نحو 50 قاضياً في واشنطن للمشاركة في الاجتماع نصف السنوي للمؤتمر القضائي، وهو هيئة معنية بصياغة السياسات الخاصة بالقضاء الفيدرالي.

وخلال الاجتماع، تحدث أعضاء لجنة أمنية عن التهديدات التي ظهرت بالتزامن مع تصعيد الرئيس ترمب لانتقاداته ضد القضاة، الذين يصدرون أحكاماً تعارض سياساته.

والمحكمة العليا لديها قوة شرطة خاصة بها، في حين يتولى “جهاز المارشال الأميركي” (US Marshals Service) حماية القضاة الفيدراليين الآخرين، وهي مؤسسة تابعة لوزارة العدل، وتعمل تحت إشراف النائب العام بام بوندي.

تهديدات متصاعدة

وتلقى عشرات القضاة وأفراد عائلاتهم طلبات بيتزا مجهولة المصدر، أُرسلت إلى منازلهم، ما فُسر على أنه رسالة تهديد من نوع “نحن نعرف أين تعيشون”، وفق “وول ستريت جورنال”.

وفي أبريل الماضي، ألقت السلطات القبض على قاضية دائرة مقاطعة ميلووكي هانا دوجان، واتهمتها بمساعدة رجل على التهرّب من سلطات الهجرة، وسط نزاع بين إدارة ترمب ومسؤولين محليين بشأن إنفاذ قوانين الهجرة.

وفي مارس الماضي، وبعد خمسة أيام فقط من تأييد المحكمة العليا لحكم محكمة أدنى يُلزم الإدارة بدفع مستحقات المتعاقدين مع الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID)، تلقت شقيقة القاضية المحافظة بالمحكمة العليا إيمي كوني باريت تهديداً بقنبلة، وفق سجلات الشرطة.

وفي حادثة أخرى، اُستدعيت فرقة تدخل سريع (SWAT) إلى منزل أحد القضاة، بعد أن ألغى أمراً تنفيذياً يقيد حق الجنسية بالولادة.

مخاوف أمنية

وأعرب أعضاء اللجنة الأمنية عن قلقهم من احتمال أن يصدر ترمب تعليمات إلى “جهاز المارشال” المكلف بحمايتهم، بالتراجع عن أداء مهامه، رداً على أي أحكام لا تتماشى مع توجهاته، وناقشوا حلاً محتملاً مثيراً للجدل، وهو إمكانية قيادة قوة أمنية خاصة بهم.

ووصلت تلك المخاوف إلى رئيس المحكمة العليا جون روبرتس، الذي استمع إلى قضاة أعربوا خلال إفطار في إحدى قاعات الاجتماعات بالمحكمة عن قلقهم من أن الحماية الحالية ربما لا تكون كافية.

وفي هذا السياق، قدم السيناتور الديمقراطي من نيوجيرسي كوري بوكر، الخميس، مشروع قانون يمنح رئيس المحكمة العليا والمؤتمر القضائي صلاحية تعيين رئيس “جهاز المارشال”، ما يضع مسؤولية حماية القضاء بيد السلطة القضائية نفسها.

وقال بوكر في بيان، إن مشروع القانون ضروري لأن ترمب “أوضح تماماً من خلال أقواله وأفعاله أنه لا يحترم القانون، ولا أوامر المحكمة، ولا سلامة قضاتنا، ولا مؤسساتنا”.

وأضاف بوكر أن “تبعية جهاز المارشال للسلطتين التنفيذية والقضائية في آن واحد تمهد الطريق لأزمة دستورية”.

من جانبه، اعتبر قاضي المحكمة الجزئية للمنطقة الغربية في واشنطن جون كوهينور، الذي استُدعي فريق تدخل سريع إلى منزله، المقترح بنقل تبعية “جهاز المارشال” إلى السلطة القضائية أنه “فكرة رائعة”.

وقال كوهينور: “لم يكن هناك، طيلة 43 عاماً قضيتها على المنصة، ما يدعو للقلق من أن جهاز المارشال لن يقوم بواجبه كما ينبغي، إلا في السنوات الأخيرة”.

وقال قضاة فيدراليون حاليون وسابقون إن إدارة ترمب لم تُبلغ القضاة بأي نية لإلغاء أو إضعاف حماية “جهاز المارشال”.

وفي بيان صادر عن البيت الأبيض، قال مسؤول في وزارة العدل إن المارشال “سيواصلون حماية أمن وسلامة القضاة الفيدراليين”، مضيفاً: “أي إشارة عكس ذلك ليست فقط عبثية، بل خاطئة أيضاً”.

عملية معقدة سياسياً

وأشار القاضي المتقاعد جيريمي فوجل، المدير التنفيذي لمعهد “بيركلي” القضائي، إلى أن نقل تبعية جهاز المارشال إلى السلطة القضائية سيكون عملية معقدة سياسياً. 

مع ذلك، فإن مجرد قلق بعض القضاة من إمكانية سحب الحماية يعكس حالة التوتر المتصاعد في العلاقة مع السلطة التنفيذية.

وقال فوجل: “لحسن الحظ، لم يتعرض أحد لهجوم بالفعل مؤخراً، لكن هناك أجواءً يشوبها القلق”، مضيفاً أن “الضغط النفسي الناتج عن التعامل مع هذا الوضع ليس بالأمر الهين”.

ولفتت “وول ستريت جورنال” إلى أن القضاة الفيدراليين يقفون في طليعة المواجهة القانونية مع أجندة ترمب السياسية. فمع إبطال عدد من قرارات الرئيس أو تعليقها مؤقتاً، بما في ذلك ترحيل مقيمين أميركيين دون إجراءات قانونية وسحب التمويل والموظفين من بعض الوكالات الفيدرالية، تحول القضاة في نظر مؤيدي ترمب إلى عقبة رئيسية.

ويقول القضاة إن هناك حاجة ملحة لزيادة الميزانية المخصصة لتأمينهم في ظل التهديدات المتزايدة. وظل عدد أفراد الأمن القضائي ثابتاً إلى حد كبير في السنوات الأخيرة، رغم أن جهاز المارشال أفاد بأن التهديدات التي تستهدف 800 مبنى قضائياً فيدرالياً ونحو 2700 قاضٍ فيدرالي يشملهم نطاق حمايته قد تضاعفت.

وأفاد الجهاز في أحدث تقرير سنوي له بأنه يحقق في آلاف البلاغات والرسائل التي ترد إلى الجهاز القضائي سنوياً.

ويؤدي “جهاز المارشال” أيضاً مهاماً واسعة النطاق تشمل نقل السجناء، واعتقال الفارين من العدالة وإدارة برنامج حماية الشهود، كما يلعب الجهاز دوراً في تنفيذ أوامر المحاكم.

وقال كارل كولك، المدير المساعد السابق لقسم أمن القضاء في الجهاز، إن ما يقلقه هو الأزمة الدستورية التي يمكن أن تحدث إذا أصدرت المحكمة أمراً قانونياً يُلزم المارشال بتنفيذه، ثم تتدخل وزارة العدل وتقول إنها لن تنفذ هذه الأوامر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *