جنرال الأخلاق الطيبة | جريدة الرؤية العمانية

ناصر بن حمد العبري
بدايةً، أوجه رسالة إلى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار ووزارة التربية والتعليم والباحثين العُمانيين، ووسائل الإعلام، بضرورة إدراج هذه الشخصية العُمانية المُهمة في المناهج الدراسية، وإقامة ندوات خاصة في ذكراه المجيدة.
وكوني أحد الصحفيين العُمانيين وباحث في الشؤون الصينية، أجد من واجبي أن أُسلط الضوء على هذه الشخصية التي تنال كل التقدير والاحترام من الحكومة الصينية والشعب الصيني حتى اليوم.
إنه التاجر العُماني عبدالله بن القاسم الذي قام في عام 133هـ (750م) برحلة تاريخية إلى الصين، ليكون بذلك أول عربي يخطو نحو هذا البلد البعيد. كانت تلك الرحلة بداية فصل جديد في العلاقات التجارية والثقافية بين العرب والصينيين، حيث أصبح بن القاسم رمزًا للتواصل الحضاري بين الشرق الأوسط وآسيا. وذكرت المراجع الصينية أن عبدالله بن القاسم، الذي كان رئيس الجالية العربية في الصين خلال عهد أسرة (سونغ)، لم يكن مجرد تاجر عادي، بل كان مندوبًا معتمدًا عن مدينة صحار، عاصمة عُمان القديمة. وقد أظهر من خلال رحلته مهارات دبلوماسية وتجارية عالية، مما جعله يحظى باحترام كبير من قبل الإمبراطور الصيني.
وتُجسِّد إنجازاته في كونه سفيرًا لدى الإمبراطور؛ حيث أُطلق عليه لقب “جنرال الأخلاق الطيبة”، وهو لقب يعكس القيم الإنسانية الرفيعة التي كان يمثلها. لقد ساهم بن القاسم في تعزيز العلاقات بين الثقافتين العربية والصينية، مما أدى إلى تبادل المعرفة والسلع، وفتح آفاقا جديدة للتجارة.
تاريخيًا، كانت الصين تُعد واحدة من أكبر القوى الاقتصادية في العالم، وكانت التجارة معها حلمًا يراود الكثير من التجار العرب. وقد استطاع عبدالله بن القاسم أن يكون جسرًا يربط بين هاتين الحضارتين العريقتين؛ مما ساهم في تعزيز التبادل التجاري والثقافي.
إن رحلة عبدالله بن القاسم إلى الصين ليست مجرد حدث تاريخي؛ بل هي درس في الدبلوماسية والتجارة، وتذكير بأهمية التواصل بين الشعوب؛ فالتاريخ يُعيد نفسه، ويظهر لنا كيف يمكن للأفراد أن يكونوا سفراء للسلام والتفاهم بين الثقافات المختلفة.
ويبقى عبدالله بن القاسم رمزًا للفخر العربي، وتجسيدًا للروح المغامرة التي كانت تسود في تلك الحقبة؛ حيث إن قصته تُلهم الأجيال الجديدة لاستكشاف العالم وبناء جسور من التفاهم مع الثقافات الأخرى؛ مما يعزز من قيم التسامح والتعاون في عالمنا المعاصر.