أبرز ملامح هيكلية وزارة الداخلية السورية الجديدة.. تغييرات تحدث لأول مرة وشرط واحد لنجاحها

تواصل وزارة الداخلية السورية إنشاء إدارات جديدة بعد الإعلان عن هيكلية هي الأولى من نوعها في سوريا في محاولة لتغيير صورة الأجهزة الأمنية التي كانت سائدة بعهد النظام البائد والتي ارتبطت بذاكرة السوريين مع القمع والتعذيب، فما هي أبرز خطواتها وما المطلوب منها؟
أبرز ملامح الهيكلة الجديدة:
خرج المتحدث باسم وزارة الداخلية السورية وكشف عن خطة الوزارة في إعادة هيكلتها والتي تتلخص فيما يلي:
دمج الأجهزة الأمنية: تم دمج جهازي الشرطة والأمن العام تحت مسمى “قيادة الأمن الداخلي”، بهدف تعزيز التنسيق وتوحيد الجهود الأمنية.
استحداث إدارات جديدة: أُنشئت 13 إدارة جديدة، من بينها إدارات متخصصة في الاتصالات، الشبكات، المعلوماتية، الأمن السيبراني، وأمن الاتصالات، كما تم تأسيس إدارة لتلقي الشكاوى ومتابعة التجاوزات المسلكية، وإدارة للتدخل السريع في حالات الطوارئ مثل الشغب أو احتجاز الرهائن.
تغيير المسميات: تم تغيير اسم “الأمن الجنائي” إلى “إدارة المباحث الجنائية” نظراً للسمعة السلبية المرتبطة بالاسم السابق في ذاكرة السوريين.
ضبط السلاح المنفلت: أعلنت الوزارة عن إعداد حزمة قوانين بالتنسيق مع وزارة الدفاع للحد من ظاهرة انتشار السلاح غير المرخص.
تقنين أوضاع المطلوبين أمنياً: كشفت الوزارة أن حوالي 8 ملايين مواطن كانوا مطلوبين أمنياً في عهد النظام السابق، وتسعى حالياً لتقنين أوضاعهم.
لماذا دمج جهازي الأمن والشرطة؟
منذ سقوط نظام الأسد، أعلنت السلطات الجديدة عن حل كل الأجهزة الأمنية السابقة، وبدأ جهاز الأمن العام الذي تشكلت نواته في إدلب بالانتشار في المحافظات السورية، ثم فتح باب الانتساب له ليتوسع ويصبح واحداً من أهم الأجهزة الأمنية الجديدة وأكبرها.
يقول المحامي والحقوقي السوري، عارف الشعال، في حديث مع وكالة ستيب نيوز: ” ضمن الهيكلة الجديدة لوزارة الداخلية، تم توحيد جهاز الأمن العام في إدلب مع جهاز الشرطة العامل في مناطق النظام، تحت مسمى جديد هو “قيادة الأمن الداخلي”، وهذا التوحيد جاء مترافقًا مع إلغاء شعبة الأمن السياسي، وإنهاء مناصب مدير المنطقة والناحية كأقسام تابعة للوزارة، ضمن فلسفة جديدة”.
ويوضح أن هذه الفلسفة الجديدة تؤكد على قصر دور الأمن في الدولة على وزارة الداخلية فقط، و إنشاء أجهزة متخصصة (أمن داخلي، مكافحة مخدرات، مكافحة إرهاب، مباحث جنائية)، وتعزيز العلاقة المدنية بين المواطن وأجهزة الدولة، وتقليل الاحتكاك مع الضابطة العدلية.
ويضيف الشعال: “الهدف من هذه الخطوة هو إضفاء الطابع المدني على الأجهزة الأمنية، بما يعكس قطيعة واضحة مع الممارسات القمعية في عهد النظام السابق”.
المساءلة والمحاسبة.. التحدي الأكبر
ويؤكد الحقوقي السوري أن ترسيخ ثقافة المحاسبة في مؤسسة ارتبطت تاريخيًا بانتهاك الحقوق هو التحدي الأكبر.
ويقول: ” ضمن توجهها لإصلاح صورة الأجهزة الأمنية، أعلنت الوزارة عن استحداث إدارات خاصة لتلقي الشكاوى ومحاسبة التجاوزات. ورغم أهمية هذه الخطوة، إلا أن التحدي الأكبر يبقى في ترسيخ ثقافة المحاسبة في مؤسسة ارتبطت تاريخيًا بانتهاك الحقوق”.
ويرى أنه لتحقيق ذلك يجب تمكين القضاء، شرط أن يكون هذا القضاء “مستقلاً ونزيهًا ومحايدًا”، ويضيف: “بدون قضاء قوي، تبقى هذه البنى الإدارية مجرد أدوات شكلية، غير قادرة على تحقيق العدالة الحقيقية أو ردع التجاوزات”.
خطوة لافتة في سوريا
تطرقت هيكلية وزارة الداخلية السورية الجديدة، التي يقودها الوزير أنس خطاب، وهو أحد أكثر المقربين من الرئيس السوري أحمد الشرع، إلى ملف السجون، والذي يعد ملفاً حساساً بعد ما شهده السوريين من جرائم النظام البائد التي ارتبطت في السجون.
ويقول الشعال: “من الخطوات اللافتة في خطة الوزارة أيضًا، تأسيس إدارة خاصة بالسجون والإصلاحيات، تحت شعار احترام حقوق الإنسان. هذه الخطوة تعني، نظريًا، تجاوز إرث التعذيب والانتهاكات”.
لكنه يشير إلى حاجة ملحة لبعض الإصلاحات، وأبرزها ” إصدار قانون جديد بديل للقانون النافذ منذ عهد الانتداب الفرنسي، واعتماد مبادئ القانون الجديد على المعايير الدولية لحقوق الإنسان والسجناء، وتدريب كوادر السجون ووزارة الداخلية على هذه المبادئ”.
ويؤكد الشعال أنه فقط بهذه الأدوات يمكن بناء ثقة مجتمعية حقيقية تجاه مؤسسات الاعتقال، التي شكلت لعقود مصدرًا للرعب والظلم.
التحول الرقمي.. طموح واقعي؟!
تشير الوزارة إلى التوجه نحو استخدام التكنولوجيا، عبر بناء نظام مروري ذكي، واعتماد أدوات رقمية لمراقبة الأموال والأفراد.
ويقول عارف الشعال: “سياسة وزارة الداخلية الملحوظة وفق الهيكل الجديد يعتمد على ضبط الأمن بالطرق العلمية والتكنولوجية، كمراقبة حركة الأموال بالمصارف والأشخاص عن طريق شبكة الموبايل والبطاقات المصرفية، وحتى كاميرات المراقبة بالطرقات والأماكن العامة، وغير ذلك من وسائل أمنية حديثة معروفة بدول العالم”.
ويؤكد أن هذه السياسة لابد لتنفيذها من وجود حكومة إلكترونية تدفع باتجاهها وزارة الداخلية.
تعيينات كبيرة بعد طرح الهيكلية الجديدة
وبعد مشاورات وجلسات ضمت حقوقيين وباحثين وأصحاب شأن أعلنت وزارة الداخلية السورية، في مؤتمر صحفي أمس، هيكليتها الجديدة للوزارة، ثم باشرت اليوم سلسلة تعيينات، كان أبرزها تعيين 6 معاونين لوزير الداخلية، أنس خطاب.
وفي بيانات منفصلة، أعلنت الداخلية السورية سلسلة من التعيينات الجديدة، شملت تعيين 6 معاونين لوزير الداخلية في الاختصاصات المختلفة، وهم: (اللواء عبد القادر طحان، معاونا لوزير الداخلية للشؤون الأمنية، اللواء أحمد محمد لطوف، معاونا لوزير الداخلية للشؤون الشرطية، العميد زياد فواز العايش، معاونا لوزير الداخلية للشؤون المدنية، العميد باسم عبد الحميد المنصور، معاونا لوزير الداخلية للشؤون الإدارية والقانونية، المهندس أحمد محمد أمين حفار، معاونا لوزير الداخلية للشؤون التقنية، الدكتور محمد حسام رامز الشيخ فتوح، معاونا لوزير الداخلية لشؤون القوى البشرية).
وتبدو خطة وزارة الداخلية كأبرز ملامح التغيير المؤسسي، خصوصًا فيما يتعلق بإعادة هيكلة الأجهزة الأمنية، في واحدة من أهم التحديثات التي تشهدها سوريا بعد إسقاط نظام الأسد الذي حكم البلاد لعقود بقبضة أمنية حازمة.
المصدر: وكالة ستيب الاخبارية