قلل الرئيس الأميركي دونالد ترمب من احتمال فرض عقوبات جديدة على روسيا، وذلك على الرغم من الضغوط الأوروبية والمطالب الأوكرانية، مشيراً إلى أنه سيعرف ما إذا كان نظيره الروسي فلاديمير بوتين ملتزماً بإنهاء حرب أوكرانيا، خلال أسبوعين تقريباً، وذلك قبل جولة جديدة مرتقبة في 2 يونيو المقبل من المفاوضات الروسية الأوكرانية في إسطنبول.
وقال ترمب، الأربعاء، في معرض حديثه عن العقوبات التي ألمح إلى إمكانية فرضها في الأيام الأخيرة مع التصعيد العسكري الروسي الأخير في المواجهات مع أوكرانيا: “إذا كنت أعتقد أنني قريب من التوصل إلى اتفاق، فلا أريد إفساد الأمر”. وأضاف: “سنعرف ما إذا كان بوتين يضغط علينا أم لا، وإذا كان كذلك، فسنرد بطريقة مختلفة بعض الشيء”.
ونأى الرئيس الأميركي بنفسه مجدداً عن الصراع، قائلاً: “هذه ليست حربي. إنها حرب جو بايدن (الرئيس الأميركي السابق)، وحرب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وحرب بوتين. هذه ليست حرب ترمب”.
وكان ترمب، قال، الأحد الماضي، إنه “يفكّر بالتأكيد” في فرض عقوبات جديدة على روسيا، وذلك بعد هجوم روسي ضخم بالمسيرات والصواريخ على مناطق متفرقة في أوكرانيا.
وأضاف من نيوجيرسي، قبيل عودته إلى واشنطن: “لست راضياً عما يفعله بوتين، إنه يقتل الكثير من الناس، ولا أعلم ما الذي حدث له، لقد عرفته منذ زمن طويل، وكان بيننا تفاهم دائماً، لكنه الآن يطلق الصواريخ على المدن ويقتل الناس، وهذا أمر لا يعجبني إطلاقاً.. وأنا متفاجئ”.
وقالت السلطات الأوكرانية، إن روسيا شنت أعنف هجوم جوي على البلاد منذ بداية الحرب في فبراير 2022، وأضافت أن هذه الغارات قتلت 12 شخصاً على الأقل. وتزامنت الهجمات مع اليوم الثالث من عمليات تبادل الأسرى بين روسيا وأوكرانيا.
وكان ترمب متحفظاً في وقت سابق من الشهر الجاري، بشأن فكرة تصعيد الضغوط على بوتين من خلال العقوبات. ومن بين الخيارات المطروحة، فرض عقوبات جديدة على تجارة النفط الروسية أو على شركة “روسنفت” النفطية الحكومية، وفق “بلومبرغ”.
إحباط ترمب
ولم يتمكن ترمب من إقناع بوتين بتقديم تنازلات من أجل “سلام تفاوضي” مع أوكرانيا، وقد صعّد الزعيم الروسي مؤخراً من حدة الحرب، وشنّ أكبر هجوم له على الإطلاق باستخدام المسيرات والصواريخ على أوكرانيا في وقت سابق من الأسبوع الجاري.
وأعرب ترمب عن إحباطه من موقف الرئيس الروسي بوتين في الأيام الأخيرة، قائلاً إنه “يلعب بالنار” مع تعثر محادثات السلام مع أوكرانيا. وأشار إلى أنه يدرس فرض عقوبات على موسكو، في حين قالت مصادر مطلعة، إن إجراءات جديدة قد تُتخذ هذا الأسبوع.
في السياق، دعا وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، الأربعاء، نظيره الروسي سيرجي لافروف، إلى إجراء حوار “بنَّاء وبحسن نية” مع أوكرانيا، باعتبار ذلك “السبيل الوحيد” لإنهاء الحرب، فيما ناقش الوزيران “الاستعدادات الجارية” لجولة مقبلة من المفاوضات بين موسكو وكييف في إسطنبول في 2 يونيو المقبل.
وأوضحت الخارجية الروسية، أن لافروف بحث مع روبيو، خلال اتصال هاتفي “الاستعدادات للجولة المقبلة من المفاوضات الروسية-الأوكرانية في إسطنبول، وإعداد موسكو لمقترحات محددة لجولة المفاوضات”.
كما أطلع لافروف، روبيو، على “التقدم المحرز في تنفيذ ما تم الاتفاق عليه بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأميركي دونالد ترمب، والمُبرمة في 19 مايو الجاري”.
ووفقاً للبيان الروسي، قال روبيو، إن ترمب “يركز على إنهاء الصراع الأوكراني في أسرع وقت”، معرباً عن استعداد واشنطن لـ”تسهيل تقريب مواقف الطرفين”، وذكر البيان، أن الجانبان أعربا عن نيتهما المشتركة في “مواصلة الحوار البناء والقائم على الاحترام المتبادل بين وزارتي الخارجية الروسية والأميركية”.
زيلينسكي يدعو لتشديد العقوبات
وندد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، بما وصفه بـ”صمت الولايات المتحدة والمجتمع الدولي”، بعد الغارات الروسية.
وأطلقت القوات الروسية هجوماً، مساء السبت إلى الأحد، شمل 367 طائرة مسيّرة وصاروخاً، استهدف أكثر من 30 مدينة وقرية في أنحاء أوكرانيا، بما في ذلك العاصمة كييف، وفقاً لمسؤولين أوكرانيين.
وكتب زيلينسكي على تليجرام: “صمت أميركا وصمت الآخرين في العالم لا يشجع سوى بوتين”، مضيفاً: “كل ضربة روسية كهذه تُعد سبباً كافياً لفرض عقوبات جديدة على روسيا”.
والاثنين، أجرى ترمب مكالمة هاتفية استغرقت ساعتين مع بوتين، بدا خلالها وكأنه تراجع عن إصراره السابق على هدنة مدتها 30 يوماً، وطرح احتمال انسحابه تماماً من المفاوضات لإنهاء حرب سبق أن وعد بإنهائها “في اليوم الأول” من ولايته الرئاسية الثانية.
وبضغط من الرئيس الأميركي، لإنهاء الصراع الأكثر دموية في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، التقى مندوبون من البلدين المتحاربين في وقت سابق من الشهر الجاري في إسطنبول للمرة الأولى منذ مارس 2022.
وفشلت المحادثات التي أجريت في 16 مايو في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار سعت إليه كييف وحلفاؤها الغربيون. وقالت موسكو إنه يجب توفر شروط محددة قبل تحقيق هذه الخطوة.