زهراء حبيب

القاتل اشترى سكيناً قبل أيام وتفرغ لمراقبة جاره المغدور به

طالبت النيابة العامة في مرافعتها الختامية أمام المحكمة الكبرى الجنائية الأولى بإنزال أقصى عقوبة في حق المتهم بقضية قاتل الشاخورة، التي تعد جرماً فاق في تفصيلاته وبواعثه، كل ما صادفه مجتمعنا من صنوف الجريمة، وكل ما واجهه من غلو المقصد، وعُتو الفعل، ودناءة الباعث، وخِسة النفس، كما وصفته في مرافعتها أمس.

وقالت النيابة بأنها تعرض الدعوى، وهي تحمل أثقالاً شداد، وتبعات جسام، فلن تقف مهمتها عند حد الادعاء وشرح مثالب المتهم وشناعة جريمته، لكنها من قبل ذلك، ومن منطلق تمثيلها المجتمع، تسترعي الانتباه إلى مراعاة طبائعه الطيبة السمحة، وإرثه القيَّمي الضارب في عمق التاريخ. وأضافت «لم يكن هذا الشعب الطيب ليكابد الشِقوةَ؛ مما أقدم عليه هذا المتهم، ويصير فرداً منه فريسة له، ويصير المجتمع ساحة لذاك الفِراس، إلا من غفلة طالت، سمحت بالخروج عن طبائع هذا المجتمع وسماته الكريمة، ومن قبل الاجتراء على الأنفس التي حرم الله… ليخرج علينا المتهم ناشراً الهلع والفزع، وبما تقشعر له الأبدان».

وأخذت النيابة تسرد في مرافعتها الواقعة بكل تفاصيلها الدقيقة، وكأنها ترسم ملامح الجريمة من خلال الكلمات، وهي تقول بأنه إثر خلاف بسيط بينه والمجني عليه، ضمر المتهم في نفسه التخلص منه نهائياً، وعقد العزم على ذلك، وعمد إلى التخطيط المحكم لارتكاب جريمته. وقام المتهم بشراء سكين حاد من أحد المحلات التجارية قبل أيام من الواقعة، وتفرغ أياماً لمراقبة تحركات المجني عليه ودراسة عاداته اليومية لمعرفة أنسب وقت لتنفيذ جريمته.

وفي صبيحة يوم الخميس الموافق 27 من فبراير 2025، أنقذ هذا المتهم مخططه لقتل المجني عليه في ظل ذلك هذا الإصرار. وترصد للمجني عليه حائزاً سكينه ومتجهزاً بكل دقة وحنكة إجرامية، مرتدياً قفازات لتجنب ترك أي بصمات، واختبأ في مواقف السيارات المجاورة لمنزل المجني عليه منتظراً خروجه.

وبعدما ظهر المجني عليه في الساحة الأمامية للمنزل، انقض عليه المتهم، حيث وجه له سبع طعنات متفرقة في مناطق حيوية من جسده، تسببت في إحداث نزيف حاد أدى إلى تلف كامل في الأعضاء الحيوية الداخلية، وأنها كل منها في ذاتها كانت كافية لإحداث الوفاة الفورية. وبعد ارتكاب الجريمة، أظهر المتهم برودة أعصاب غير عادية، حيث قام بالتخلص من جميع الأدلة المادية، فقام برمي السكين المستخدم في الجريمة في حاوية القمامة خلف المبنى المجاور.

ونزع القفازات، ورمى بها في نفس المكان، كما تخلص من الجاكيت الأسود الذي كان يرتديه أثناء ارتكاب الجريمة، قبل أن يفر هارباً من مكان الحادث سيراً على الأقدام.

وأكدت النيابة أن جناية المتهم تشكل جريمة القتل العمد المصحوبة بسبق الإصرار والترصد كظرفين مشددين، والمؤثمة بالمادة 333 من قانون العقوبات، وسبباً لتشديد العقوبة إلى الإعدام. واستعرضت أقوال شهود الإثبات منها الشاهدة التي أبصرت بعينها لحظة هجوم المتهم على المجني عليه، وهو ينقض على المجني عليه ويحاول خنقه قبل أن يشرع في طعنه بوحشية.

فيما تأتي شهادة أحد السكان المجاورين لتصادق على تلك الشهادة، بأنه وأثناء وجوده في شقته المطلة على مكان الواقعة تناهى إلى سمعه صوت صراخ، ولما أطل رأى المتهم يخرج من المواقف المقابلة لمنزله وبيده سكين تحتوي على آثار لون أحمر، والتي تبين فيما بعد من فحصها أنها لدم المتهم. ويضيف أنه شاهد المتهم، وهو يتخلص من الجاكيت الذي كان يرتديه ملابسه والأدوات المستخدمة في الجريمة، وعندما توجه لاستطلاع الأمر شاهد المجني عليه ملقى على الأرض، وقد أحاطته الدماء.

واعترافات المتهم التي تعد نموذجاً فريداً في بيان كيفية ارتكاب الجريمة تصادق في تفصيلاتها ما انتهت إليه الأدلة الأخرى بأنواعها المختلفة، لتأتي تلك الأدلة متساندة ذات حجية لا يشوبها شك أو غموض.

وشهد الطبيب الشرعي، وأنه بالكشف الظاهري على الجثة تبين وجود طعنة في يسار الرقبة وثلاث طعنات في الصدر وطعنة في الخاصرة وطعنتين في الظهر، وتبين وجود إصابات قطعية في الجبهة وفروة الرأس والأنف واليدين، وأن السبب الرئيس للوفاة هي الإصابات الطعنية التي تعرض لها المجني عليه، وأن الإصابات الواقعة بيدي المجني عليه هي إصابات تشير إلى محاولته الدفاع عن نفسه ومحاولته تفادي الطعنات.

وأضافت النيابة في مرافعتها: أما اعترافات المتهم فقد اعترف في التحقيقات بأنه عزم وخطط لقتل المجني عليه بأن قام بشراء السكين، وراقب وقت خروج المجني عليه من مسكنه، وفي يوم الواقعة ترصد له وقام بتوجيه عدة طعنات له بواسطة السكين المضبوط، وقرر بأنه قام بذلك بقصد الانتقام نتيجة للخلافات التي كانت بينهما.

وعقبت على شهادة شقيقه وما دفع به دفاع المتهم في جلسات المحاكمة من عدم مسؤوليته عن تصرفاته، أكدت النيابة بأن التحقيقات بما يقطع بعدم صحة ذلك الدفاع.

وقرر شقيق المتهم بالتحقيقات بأن المتهم كان يعالج من مرض نفسي، إلا أنه ومنذ ما يزيد على عشر سنوات، وهو يتمتع بحالة صحية جيدة.وقامت النيابة وعلى الرغم من ذلك، وتحقيقاً لمبدأ العدالة، بعرض المتهم على السيد قاضي المحكمة الصغرى بشأن عرضه على لجنة ثلاثية لبيان مدى مسؤوليته عن أفعاله وأقواله إزاء الواقعة، وقد انتهت اللجنة، وعلى نحو حاسم إلى ثبوت مسؤوليته التامة عن تصرفاته أثناء ارتكابه الجريمة.

شاركها.