4 يونيو 2025Last Update :
مناورات حماس التفاوضية باهظة الثمن
صدى الإعلام – الكاتب: باسم برهوم – لا أحد يجادل أن إسرائيل وبالتحديد حكومة نتنياهو الفاشية، هي المسؤولة عن الإبادة الجماعية، وجرائم الحرب الوحشية في قطاع غزة. كما هناك وعي عميق بأن الولايات المتحدة تنحاز كليا لإسرائيل. ولكن ما يحتاج النقاش هو مناورات حماس التفاوضية، التي تسهم بإعطاء نتنياهو كل الوقت لإكمال هذه الحرب الأكثر دموية ووحشية وتدمير منذ الحرب العالمية الثانية، وخصوصا أن حماس تتحمل أيضا مسؤولية في تقديم المبرر لإطلاق المكنونات الصهيونية العنصرية ومارد التطرف والكراهية تجاه الشعب الفلسطيني، الذي تحول إلى حرب إبادة فظيعة في قطاع غزة، ذلك عندما اتخذت قرارها الكارثي في السابع من أكتوبر 2023.
حماس تناور لا لتجبر إسرائيل على الانسحاب الكامل من قطاع غزة، وليس لتحقيق أي هدف وطني، إنما من أجل الحصول على ضمانات من أجل بقائها، والحصول على ضمانات لأمن قياداتها المتبقية في غزة والخارج، وهي تماطل وتناور حتى تحظى بنوع من اعتراف أميركي بها، حتى لو كان هذا الاعتراف شكليا عبر التقاط الصور مع ممثلين للإدارة الاميركية، أو تصريح من الرئيس ترامب لتمسك به لتقول انها حققت انجازا لنفسها يمدها بالحياة، وإمكانية ان تحجز لنفسها مكانا ما في المستقبل، وهناك هدف آخر وهو ان تبقى حماس في المشهد الإعلامي والسياسي لأطول وقت ممكن ولو على حساب كل هذه التضحيات.
مشكلة حماس انها تقوم بهذه المناورات دون أي كتراث بالشعب الفلسطيني في القطاع، ولا حتى لكل الواقع الصعب للفلسطينيين في الضفة أـيضا، وهي بهذا التصرف انما تحول كل الغزيين المنهكين، والجوعى، والمشردين في خيام بالية، إلى رهائن عند حماس التي تقوم بكل شيء لتحتفظ بـ 24 رهينة إسرائيلية على قيد الحياة لتقايض بهم على بقائها، وأن تسمح يوميا بإبادة العشرات، بل المئات من الأطفال والنساء، وهي كما نتنياهو معًا قد حولا قطاع غزة إلى مسلخ بشري كبير، إلى منطقة موت وخوف وجوع ومرض، بلا مرافق صحية، ولا مياه نقية، كما في أفلام الرعب.
كل فرد في غزة، كل فرد فلسطيني أينما كان ينتظر أن تتوقف الحرب على الأقل لوقف الجوع والعطش، كي يأخذ الغزيون لحظات هدوء ولو مؤقتة، أن تتوقف آلة القتل والتدمير، ولكن حماس خذلتهم وواصلت مناوراتها العقيمة، كل ما تقوم به حماس منذ اللحظة الأولى من هجوم السابع من أكتوبر يصب في خدمة نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة، لمصلحة الهدف الصهيوني المبيت لتدمير قطاع غزة عن بكرة أبيه، وتصفيته كحالة وطنية فلسطينية، والجزء الأهم من الدولة الفلسطينية، حماس سواء كانت تدري أو لا تدري توفر كل الفرص لإسرائيل لتقويض كل الاحتمالات لقيام الدولة الفلسطينية، وحتى تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه.
اقرأ|ي أيضاً| الرجوب والحرازين: نطالب حماس برفع يدها عن إدارة قطاع غزة
لا أدري من هو الطرف الذي ينصح قيادة حماس القيام بهذه المناورات، لكن بالتأكيد هو طرف لا يأبه بالدم الفسطيني، ولا بتصفية القضية الفلسطينية.
وان كانت قيادة حماس من يأخذ القرارات فهذا دليل آخر ان كل فصائل جماعة الاخوان المسلمين ومنهم حماس، لا تؤمن بالمسألة الوطنية للشعوب، وان نظرتها تجعلها تقبل بهذا الحجم من التضحيات. وبالنسبة لها ماذا يعني ان يموت 60 ألف مسلم من أصل مليار ونصف المليار، دون النظر للشعب الفلسطيني بحد ذاته.
المشكلة ألا يكون ناصح حماس بهذه المناورات هو طرف على صلة وثيقة بنتنياهو. كما كان يجري مع القيادات الفلسطينية قبل عام 1948، التي تبين انها كانت ترفض عروض حكومة الانتداب لإقامة الحكم الذاتي بنصائح من الانجليز أنفسهم، هم يعرضون وهم من يدفعون القيادات الفلسطينية لكي ترفض في وقت كان فيه الوطن القومي اليهودي ينمو بسرعة فوق أرض فلسطين.
على حماس ان تتوقف عن مناوراتها فورا وتنهي الحرب خصوصا ان معادلة نهايتها اصبحت واضحة للجميع هدنة، تبادل الاسرى، اليوم التالي بدون ان تكون حماس في مشهد غزة، من هنا على حماس ان تعيد النظر بمناوراتها وتتصرف بمسؤولية تجاه المواطنين الفلسطينيين في قطاع غزة وتمنع إبادتهم وتهجيرهم.