أعرب الملياردير الأميركي إيلون ماسك عن عزمه تأسيس حزب سياسي جديد في الولايات المتحدة، حتى أنه أطلق عليه اسم “حزب أميركا”، وذلك على خلفية الخلاف المستمر مع حليفه السابق الرئيس الأميركي دونالد ترمب.
وكتب ماسك في منشور عبر منصته “إكس”: “لقد قال الشعب كلمته، هناك حاجة لحزب سياسي جديد في أميركا لتمثيل 80% من الأميركيين يقبعون بالمنتصف (بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي)، وقد وافق 80% من الشعب على ذلك.. وهذا هو القدر (المصير)”.
وأعاد ماسك مشاركة تغريدة كتبها ماريو نوفل، وهو رجل أعمال وإعلامي معروف من أصول لبنانية، يدير The Attention Company، التي تجمع بين ريادة الأعمال والإعلام، وتركز على السياسة العالمية والذكاء الاصطناعي، وتقنية البلوكشين.
وتحت عنوان “حزب أميركا: رؤية إيلون لتفكيك المؤسسة (مؤسسة الحكم)”، كتب نوفل: “عندما يخبرك 5.6 مليون شخص أنهم بلا مأوى سياسياً، فربما حان الوقت لتجريف الحي بأكمله، لقي (حزب أميركا) الذي اقترحه إيلون صدى لدى 80.4% من المشاركين الذين سئموا من الاحتكار الثنائي (الجمهوري والديمقراطي) لمؤسسة الحكم”.
وأضاف نوفل، الذي أجرى مقابلات مع شخصيات سياسية واقتصادية بارزة، مثل رئيس بيلاروس ألكسندر لوكاشينكو ومسؤولين مقربين من ترمب: ” أظهر استطلاع جالوب أن 43% من الأميركيين يعتبرون أنفسهم مستقلين، أي رافضين للحزبين الجمهوري والديمقراطي، ومن بين هؤلاء المستقلين، ينظر 56% إلى إيلون بإيجابية، حتى أن 34% من الديمقراطيين ينظرون إليه بإيجابية ويُعجب الجمهوريون بتخفيضه للميزانية إذ يؤيده 72%”.
وتابع: “إنه (ماسك) في وضع فريد يُمكّنه من توحيد القوى المناهضة للمؤسسة من كلا الجانبين ضد الطبقة السياسية الدائمة في واشنطن. يُحذر التاريخ من فشل الأحزاب الثالثة، لكن إيلون يُقدم موارد ومنصات وتوقيتاً غير مسبوق”.
وأردف نوفل، الذي يستضيف برنامج Roundtable ويجذب مئات الآلاف من المستمعين في كل جلسة ويصفه بأنه “أهم برنامج على منصة إكس: “أضفت التكنولوجيا طابعاً ديمقراطياً على السياسة.. حزب أميركا، ببساطته الأنيقة، قد يتمكن أخيراً من منح الـ80% من الشعب ما يريدونه: تدمير المستنقع، وليس مجرد إدارة جديدة”.
يشار إلى أن مصطلح تفكيك المؤسسة الذي تطرق إليه نوفل يُستخدم للإشارة إلى تفكيك النخب السياسية والاقتصادية التي تتحكم في الحكم، دون الإطاحة بالنظام نفسه، ويشير إلى تفكيك النظام السياسي التقليدي أو الاستبدادي داخل الحكومة، دون الإطاحة بالدستور أو الآليات الديمقراطية.
تحدي نفوذ ترمب
وطرح ماسك فكرة تأسيس الحزب لأول مرة، الخميس، إذ نشر الملياردير استطلاعاً على منصة X يسأل فيه متابعيه البالغ عددهم 220 مليوناً عمّا إذا كانوا يعتقدون أن الوقت قد حان لإنشاء حزب سياسي جديد في أميركا، وفي اليوم التالي، أشار ماسك إلى أن 80% من المشاركين في الاستطلاع أيدوا الفكرة.
وبحسب شبكة cbsnews، فإن تأسيس حزب سياسي جديد أسهل قولاً من فعل، فالحزبان الديمقراطي والجمهوري، وبعض الأحزاب الثالثة الكبرى، تتمتع بالفعل بحق الوصول إلى صناديق الاقتراع في كل ولاية تقريباً، لذا فإن أي حزب ناشئ يأمل في المنافسة سيحتاج إلى اجتياز شبكة من القواعد لكل ولاية على حدة لضم مرشحيه إلى قوائم الاقتراع.
ورغم أن ماسك مسموح له قانونياً بضخ أموال غير محدودة في لجنته “أميركا باك” (America PAC) لأنها منظمة كلجنة عمل سياسي مستقلة، فإن التبرعات للأحزاب السياسية الرسمية محدودة بما يقل كثيراً عن مليون دولار، وفقاً لحدود مساهمات لجنة الانتخابات الفيدرالية للانتخابات الفيدرالية 2025-2026.
وليس من الواضح مدى جدية ماسك في فكرة الانفصال عن الحزب الجمهوري، لكنه رد، الجمعة، في تغريدة على شخص جادل بأن “أفضل عائد استثماري” هو المشاركة في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري، قائلاً: “حسناً”، كما بدا أنه يرحب بمنشور يقترح إصلاح أحد الأحزاب الرئيسية، بدلاً من تأسيس حزب ثالث، ومع ذلك، فإن تفكير ماسك في تأسيس حزب سياسي جديد قد يشير إلى نيته في مواصلة الانخراط في السياسة، وقد يحاول تحدي نفوذ ترمب.
ومنذ مساء الخميس، اندلع سجال بين الرئيس الأميركي وماسك عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والسبب المباشر للخلاف هو محور أجندة ترمب، الذي بات يعرف بمشروع القانون “الكبير الجميل”، المتعلق بقانون الضرائب والإنفاق، الذي انتقده الملياردير مراراً.
وغادر ماسك، الأربعاء، إدارة الرئيس دونالد ترمب بعد أن ترأس مكتب كفاءة الحكومة DOGE، وذلك بعد ساعات من انتقاده مشروع قانون ترمب الذي حمل اسم مشروع “القانون الموحد والجميل والكبير”.
كما أيّد مقترحاً بعزل الرئيس الأميركي في خضم التصعيد الذي يشهده الخلاف بين الحليفين السابقين، فيما قال ترمب إنه لا يمانع أن ينقلب إيلون عليه “لكنه كان ينبغي عليه فعل ذلك منذ أشهر”.
ويمتلك ماسك، الذي يدير شركات “تسلا” و”سبيس إكس” و”إكس-إيه آي” (xAI) للذكاء الاصطناعي، عقوداً ضخمة مع الحكومة الأميركية، حيث حصلت شركاته في عام 2023 وحده على وعود بتمويلات تصل إلى 3 مليارات دولار من خلال نحو 100 عقد مع 17 وكالة حكومية مختلفة.