مع تصاعد التوترات في الشرق الأوسط إلى مستويات غير مسبوقة، وتزايد حدة الهجوم الإسرائيلي الأخير على أهداف في إيران، والذي يعتبر تصعيداً خطيراً يهدد بجر المنطقة إلى صراع أوسع، أعادت رواد مواقع التواصل الاجتماعي تداول مقطع فيديو وخطاب قديم للأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، يعود تاريخه إلى عام 2018.

ـ خطاب بن سلمان لعام 2018

وفي هذا الخطاب، الذي ألقاه الأمير خلال مقابلة تلفزيونية، عبّر عن خشيته من وقوع حرب عالمية في عام 2025، محذرا من تبعات الصراعات الإقليمية على المشهد الدولي.

 

وتزامن هذا التداول اللافت مع الأحداث الجارية أثار موجة من التساؤلات والتحليلات حول ما إذا كانت المنطقة والعالم يتجهان بالفعل نحو تحقيق هذا السيناريو الذي توقعه الأمير قبل 7 سنوات.

تاريخ وتفاصيل التحذير من عام 2018

يعود الخطاب المتداول إلى مقابلة شهيرة أجراها الأمير محمد بن سلمان في عام 2018، حيث تطرق فيها إلى عدد من القضايا الإقليمية والدولية.

وفي سياق حديثه عن أهمية الاستقرار والسلام، أشار الأمير إلى أن استمرار بعض الصراعات الإقليمية وعدم التوصل إلى حلول لها قد يقود إلى تصعيد كبير، وربما حرب عالمية بحلول عام 2025.

ولم يقدم الأمير تفاصيل محددة حول طبيعة هذه الحرب أو أطرافها المحتملة، لكن تحذيره جاء في سياق دعوته إلى التعاون الدولي ونبذ الصراعات التي تهدد الأمن والسلم العالميين.

وفي تلك الفترة، كانت المنطقة تشهد بالفعل توترات كبيرة تتعلق بالملف النووي الإيراني، والصراعات في سوريا واليمن، وتصاعد النفوذ الإقليمي لبعض القوى.

لماذا الآن؟

يكمن المفتاح في تداول هذا الخطاب تحديدا في التوقيت الحالي، فمع الهجوم الإسرائيلي المباشر على أهداف في إيران، والذي يأتي رداً برنامج إيران النووي، يبدو أن قواعد الاشتباك في المنطقة قد تغيرت بشكل جذري.

وهذا التصعيد غير المسبوق يهدد بفتح أبواب صراع واسع النطاق، ليس فقط بين إسرائيل وإيران، بل قد يجذب أطرافاً إقليمية ودولية أخرى.

ويرى العديد من المحللين والمتابعين أن الأجواء الراهنة تحمل مؤشرات خطيرة على تصاعد التوتر، وأن أي خطأ في الحسابات قد يدفع المنطقة إلى صراع أوسع، وهو ما يتطابق بشكل أو بآخر مع خشية الأمير من سيناريو “حرب 2025”.

ويرى هؤلاء أن الأمير ربما كان يمتلك رؤية استراتيجية مبنية على تحليل عميق لتراكم الأزمات الإقليمية، وأن هذه الأزمات قد تصل إلى نقطة اللاعودة بحلول الموعد الذي حدده.

ومن المعروف، أن قادة الدول الكبرى يمتلكون رؤى واسعة وتحليلات معمقة للتوجهات الجيوسياسية، ففي عام 2018، كانت المنطقة تشهد بالفعل توترات كبيرة، خاصة فيما يتعلق بالملف النووي الإيراني، والحروب في سوريا واليمن، وتصاعد النفوذ الإقليمي لبعض القوى، وربما كانت تلك هي المؤشرات التي دفعت الأمير إلى الإعراب عن خشيته من تطور الأوضاع نحو الأسوأ، وأن هذه التوترات كانت تسير في مسار تصاعدي قد يبلغ ذروته في المستقبل القريب.

المشهد الإقليمي والدولي في 2025: هل تصدق التوقعات؟

مع دخولنا عام 2025 (وقتنا الحالي هو 13 يونيو 2025)، يبدو المشهد الإقليمي والدولي أكثر تعقيدا وتوترا مما كان عليه في 2018، فمثلاً الصراع الأوكراني الروسي مستمر، التنافس بين القوى العظمى (الولايات المتحدة، الصين، روسيا) يتصاعد، والعديد من النقاط الساخنة حول العالم تنذر بالاشتعال.

وفي الشرق الأوسط تحديدا، يتضح أن الخطر لا يزال قائما، بل تزايدت فرص التصعيد بشكل كبير مع الهجوم الإسرائيلي الذي وصف بـ “التاريخي” على إيران.

وإذا استمرت هذه الهجمات المتبادلة، وتوسعت دائرة الردود لتشمل أطرافا إقليمية أخرى، فقد تجد المنطقة نفسها أمام صراع لا تحمد عقباه، وهو ما قد يجذب قوى دولية كبرى، مما يرفع من احتمالية حدوث “حرب عالمية” بالمعنى الواسع، حتى لو لم تكن حربا شاملة على مستوى الكوكب بأسره، فقد تكون حربا متعددة الأطراف ذات تداعيات عالمية على الاقتصاد والأمن والسلم الدوليين.

ـ ردود الفعل والتحليلات:

بينما لا يمكن الجزم بأن العالم سيتجه بالضرورة نحو حرب عالمية شاملة في الوقت الحالي، إلا أن تزامن تداول خطاب الأمير محمد بن سلمان مع الهجوم الإسرائيلي على إيران وتصاعد التوترات الإقليمية والدولية، يلقي بظلال من الشك والقلق على المستقبل.

كما يبقى التحذير بمثابة تذكير بضرورة العمل الدبلوماسي المكثف، والبحث عن حلول سلمية للصراعات، وتفادي أي تصعيد قد يجر المنطقة والعالم إلى هاوية لا رجعة فيها.

والمشهد الحالي، الذي يشهد مواجهة مباشرة بين خصوم لدودين، يدفعنا إلى التفكير مليا في عواقب الصراعات المستمرة، وما إذا كانت التكهنات السابقة حول مستقبل المنطقة والعالم قد بدأت تظهر بوادر تحققها بشكل مرعب.

العالم يراقب عن كثب، ويأمل في أن تسود الحكمة قبل أن تندلع شرارة قد تحرق الأخضر واليابس.

والجدير ذكره أن السعودية كانت قد وجهت رسالة واضحة إيران مفادها أن “اللعبة انتهت لديكم خيار حقيقي واحد فقط”، وذلك على خلفية الزيارة الهامة التي قام بها الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، إلى الشرق الأوسط، بما في ذلك السعودية، وبالطبع على خلفية المحادثات النووية بين الأمريكيين والإيرانيين.

ففي وقتٍ سابقٍ، نشرت وكالة “رويترز” للأنباء تقريراً مثيراً للاهتمام، جاء فيه أن المملكة العربية السعودية أرسلت رسالة واضحة وموجزة إلى الإيرانيين، مفادها أن عليهم أن يأخذوا عرض الرئيس دونالد ترامب بالتفاوض على اتفاق نووي على محمل الجد لأنه يمثل وسيلة لتجنب خطر الحرب مع إسرائيل.

واليوم، أدانت المملكة العربية السعودية الغارات الإسرائيلية على إيران، وأكدت أن هذه الهجمات تُعد انتهاكًا لسيادتها وتهديدًا لأمنها.



المصدر: وكالة ستيب الاخبارية

شاركها.