أعلنت إسرائيل أنها خططت لعملية “طويلة الأمد” بعد سلسلة ضربات على إيران، صباح الجمعة، استهدفت عدة مواقع نووية وعسكرية، فيما أشارت تقارير أميركية إلى أن العملية العسكرية جاءت بعد 8 أشهر من التحضيرات السرية المكثفة.
وقال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي، إنه على إسرائيل الاستعداد لعملية “طويلة الأمد” ضد إيران، لافتاً إلى أن “خطة الهجوم تدريجية”. وأضاف المتحدث أن “سلاح الجو ألحق أضراراً بالغة بمنشأة نطنز النووية الإيرانية”.
وفي وقت سابق، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن بلاده تسعى إلى “القضاء” على القدرات النووية والصاروخية الإيرانية من خلال هذه العملية التي من المتوقع أن تستمر “بقدر ما تستغرقه من أيام”، فيما أكد مسؤولون إسرائيليون آخرون أن العملية “قد تمتد لأسابيع”.
ونقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” عن مسؤول إسرائيلي رفيع قوله، إن العملية الإسرائيلية ضد برنامج إيران النووي وقيادتها العسكرية وترسانتها الصاروخية “لم تقترب من الانتهاء”، إذ خططت إسرائيل لـ14 يوماً من العمليات.
تتناسب المدة المحتملة للعملية بحسب الصحيفة الأميركية، مع توقعات محللين بأن موجة واحدة من الضربات لن تكون قادرة على إلحاق ضرر كافٍ بالبرنامج النووي الإيراني، ومع النهج الشامل الذي تتبعه إسرائيل في مهاجمة المنشآت والقيادة والترسانة الإيرانية في الوقت نفسه للحد من إمكانية توجيه ضربة انتقامية.
8 أشهر من التحضيرات
وكشف موقع “أكسيوس” أن العملية جاءت بعد 8 أشهر من التحضيرات السرية المكثفة، مشيراً إلى أنها أطلقت “حرباً جديدة” في الشرق الأوسط، ربما تجر الولايات المتحدة إلى مواجهة مباشرة، كما أجهضت بشكل نهائي أي أمل في التوصل إلى اتفاق نووي، ووجّهت ما يمكن وصفه بـ”أقسى ضربة” للنظام الإيراني منذ ثورة عام 1979.
وذكر الموقع الأميركي، الجمعة، أن إسرائيل حاولت خلال الساعات الأولى من العملية اغتيال علماء نوويين يُعتقد أنهم يمتلكون المعرفة اللازمة لصنع قنبلة نووية، واستهدفت نحو 25 عالماً.
وأفاد “أكسيوس” نقلاً عن مسؤولين، بأن العملية الإسرائيلية لم تقتصر على الضربات الجوية فحسب، بل شارك فيها عناصر من جهاز الاستخبارات الإسرائيلي “الموساد”، الذين نفذوا “عمليات تخريب سرية” على الأرض، استهدفت مواقع إطلاق صواريخ ومنظومات دفاع جوي.
ومن المتوقع أن تواصل إسرائيل قصف المنشآت النووية الإيرانية الموجودة تحت الأرض في الأيام المقبلة، إلى جانب أهداف أخرى.
ولفت الموقع إلى أن فكرة تنفيذ عملية تستهدف في الوقت ذاته برامج إيران النووية والصاروخية، التي وصفها نتنياهو بأنها “تهديدات وجودية” لإسرائيل، بدأت تتبلور بعد الهجوم الإيراني الذي استهدف تل أبيب في أكتوبر الماضي، في سياق تصعيد متبادل بين الجانبين.
ووفق “أكسيوس”، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي، أمر المؤسستين العسكرية والاستخباراتية ببدء التخطيط للعملية بعد أن لاحظ تسارع نمو الترسانة الصاروخية الإيرانية، وتراجع فاعلية دفاعات طهران الجوية عقب الرد الإسرائيلي.
ولفت الجيش الإسرائيلي إلى وجود عامل آخر تمثل في معلومات استخباراتية بشأن أبحاث وتطوير الأسلحة النووية، تُفيد بأن إيران قد تكون قادرة على تصنيع قنبلة نووية بسرعة أكبر في حال قررت ذلك.
كما أدى الافتتاح الذي كان مُخططاً له خلال الأسابيع المقبلة لمنشأة تخصيب نووي إيرانية جديدة تحت الأرض، يُعتقد أنها ستكون محصنة ضد أقوى القنابل الخارقة للتحصينات التي تملكها الولايات المتحدة، إلى زيادة شعور تل أبيب بالإلحاح لتنفيذ العملية، بحسب “أكسيوس”.
تحرّكات إسرائيلية ومخاوف أميركية
وفي الوقت الذي كانت فيه إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب تسعى إلى التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران، كانت إسرائيل تستعد لتنفيذ هذه الضربة، من خلال جمع معلومات استخباراتية، ونقل معدات عسكرية إلى مواقع استراتيجية، وإجراء تدريبات.
وأثارت هذه التحضيرات مخاوف داخل البيت الأبيض، حيث أعرب بعض المسؤولين عن خشيتهم من أن يُقدم نتنياهو على تنفيذ الهجوم من دون الحصول على موافقة من ترمب، إلا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي طمأن الرئيس الأميركي بأنه لن يتصرّف بشكل أحادي، وبحسب الموقع، فقد أبلغ البيت الأبيض نتنياهو بأنه إذا قررت تل أبيب شن الهجوم، فإنها ستفعل ذلك بمفردها.
وأشار “أكسيوس”، إلى أن ترمب كرّر خلال الأيام القليلة التي سبقت الضربة معارضته لأي هجوم إسرائيلي قد يؤدي إلى “نسف” المفاوضات النووية، حتى إنه عبّر عن ذلك قبل ساعات فقط من بدء العملية. ومع ذلك، أكد مسؤولون إسرائيليون، بعد بدء العملية، أن “كل ما جرى تم بالتنسيق مع واشنطن”.
ولفت “أكسيوس”، إلى أن حجم الدعم الاستخباراتي واللوجستي والدفاعي الذي ربما قدمته الولايات المتحدة لإسرائيل لا يزال غير واضح حتى الآن.
تكتيك “تضليل” إيران
ونقل الموقع عن مسؤولين إسرائيليين قولهما، إن ترمب ومساعديه كانوا “يتظاهرون” بمعارضة الهجوم علناً، لكنهم لم يعترضوا عليه في جلسات خاصة، حيث قال أحدهما: “حصلنا على موافقة أميركية واضحة”.
وأوضح المسؤولان، أن الهدف من هذا التكتيك كان منع إيران من توقع هجوم وشيك، والتأكد من أن الأهداف الإيرانية المُدرجة على قائمة الاستهداف الإسرائيلية لن تغير مواقعها.
وأضاف الموقع أن مساعدي نتنياهو أبلغوا صحافيين إسرائيليين، أن ترمب حاول خلال مكالمة هاتفية، الاثنين، وقف الهجوم الإسرائيلي، لكن الحقيقة، وفقاً للمسؤولين الإسرائيليين الذين تحدثوا إلى “أكسيوس” بعد العملية، أن المكالمة تناولت التنسيق المسبق للعملية.
وفي المقابل، لم تؤكد واشنطن أياً من هذه الروايات، إذ حرصت إدارة ترمب، خلال الساعات التي سبقت الضربة وتلتها، على النأي بنفسها عن العملية، سواء في تصريحاتها العلنية، أو في رسائلها الخاصة إلى حلفائها.
وسارع وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، إلى التأكيد بأن الهجوم الإسرائيلي كان “أُحادي الجانب” دون أي تدخل من الولايات المتحدة.
وفي وقت لاحق، أكد ترمب أنه كان على عِلم مسبق بالعملية الإسرائيلية، مشدداً على أن الولايات المتحدة لم تنخرط فيها عسكرياً.
وتستعد إسرائيل لهجمات انتقامية من قبل إيران، قد تشمل إطلاق مئات الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، التي تستهدف تل أبيب وربما أيضاً قواعد أميركية بالمنطقة.