في أعقاب الهجوم الإسرائيلي على إيران الذي استهدف عسكريين وعلماء، وقدراتها النووية والصاروخية، تعهدت طهران بالانتقام، وأطلقت موجات من الصواريخ على إسرائيل.

واستهدف الهجوم الإسرائيلي أهدافاً في مدينة تبريز، التي كانت أحد مواقع إطلاق صاروخ باليستي إيراني على إسرائيل في أكتوبر 2024، وقبل الهجوم، كانت الصواريخ الباليستية، ولا تزال على الأرجح، أقوى وسائل طهران لضرب إسرائيل.

وأفاد موقع Breaking Defense، بأن “الوصول إلى إسرائيل يتطلب من إيران صواريخ يزيد مداها عن 1000 كيلومتر، تُعرف أيضاً باسم الصواريخ الباليستية متوسطة المدى”.

وتمتلك إيران تشكيلة واسعة من هذه الصواريخ، تشمل صواريخ تعمل بالوقود السائل، والتي طورتها بالتعاون مع كوريا الشمالية، مثل “قدر” و”خرمشهر”، بالإضافة إلى صواريخ باليستية متطورة تعمل بالوقود الصلب.

وبعض هذه الصواريخ، مثل صاروخ “خيبر شكن”، مُجهز بمركبات عودة قابلة للمناورة مزودة بزعانف تحكم ونظام ملاحة عبر الأقمار الصناعية، لزيادة دقتها وتمكينها من المناورة داخل الغلاف الجوي.

وتقول إيران إنها طورت نسخة مُختلفة من صاروخ “خيبر شكن”، تُسمى “فاتح”، فرط صوتية، قادرة على التحليق في مسارات عبر الغلاف الجوي، ما يُصعب اعتراضها.

وبالإضافة إلى هذه الصواريخ الباليستية متوسطة المدى، تمتلك إيران ترسانة ضخمة من الصواريخ الباليستية قصيرة المدى بمدى يتراوح بين 300 و 1000 كيلومتر.

وبعض هذه الصواريخ مستوحى من صواريخ Scud (سكود) السوفيتية، يستخدم الوقود السائل، بينما يستخدم معظمها الوقود الصلب، فضلاً عن أن العديد منها مزود بزعانف تحكم وأنظمة ملاحة عبر الأقمار الصناعية.

وفي هجومها على إسرائيل في أبريل الماضي، استخدمت إيران 110 صواريخ باليستية، بالإضافة إلى طائرات مسيرة وصواريخ كروز.

جاء ذلك رداً على اغتيال إسرائيل المسؤول العسكري رفيع المستوى في فيلق القدس التابع للحرس الثوري، محمد رضا زاهدي، في هجوم على مجمع السفارة الإيرانية في دمشق.

واعترضت أنظمة الدفاع الصاروخي الإسرائيلية معظم الصواريخ الباليستية، باستخدام صواريخ Arrow 2 وArrow 3 الاعتراضية.

ودعمت البحرية الأميركية، تل أبيب بمدمرات تعمل قبالة السواحل الإسرائيلية، مُسلحة بصواريخ اعتراضية من طراز SM3 الباليستية.

دفاعات مُرهقة

واعتبر موقع Breaking Defense، أن تصدي إسرائيل بشكل متكرر للصواريخ الإيرانية يؤدي إلى إرهاق الدفاعات الإسرائيلية، فضلاً عن أن عدد منصات إطلاق الصواريخ الاعتراضية محدود.

وعلاوة على ذلك، يؤدي فرز جميع الصواريخ الواردة، وتحديد وجهة كل منها، وتحديد أي منصة اعتراضية يجب تخصيصها لكل صاروخ، إلى إرهاق هيكل القيادة والتحكم، بالإضافة إلى موارد الرادار.

وبعض الصواريخ سقطت داخل إسرائيل نتيجة اضطرارها إلى إعطاء الأولوية للدفاع عن أهداف معينة.

ويحتمل أيضاً أن بعض الصواريخ لم تُشتبك في البداية، إذ بدت وكأنها موجهة إلى مناطق غير مبنية، لكنها تمكنت لاحقاً من المناورة لإصابة الأهداف.

وتؤدي هذه الهجمات إلى استنزاف مخزونات إسرائيل من الصواريخ الاعتراضية، خاصة أن هذه المخزونات استُنفدت أكثر؛ بسبب عشرات الهجمات الصاروخية الحوثية على إسرائيل منذ أكتوبر 2023، بحسب الموقع.

وبعد الهجوم الإيراني الثاني، تم تعزيز الدفاعات الصاروخية بنشر الولايات المتحدة نظام الدفاع الصاروخي THAAD في إسرائيل، والذي استُخدم بالفعل للدفاع للتصدي لهجمات الحوثيين.

منشآت صاروخية تحت الأرض

ودأبت إيران منذ سنوات، على بناء منشآت صاروخية تحت الأرض، وهي محصنة ضد الغارات الجوية، مع أن مداخلها ربما تكون عرضة للخطر.

وعرضت إيران لقطات لإطلاق صواريخ من هذه المنشآت تحت الأرض، والتي يمكن استخدام أنفاقها لتخزين الصواريخ وتجهيزها، ثم توزيعها على مواقع الإطلاق باستخدام الشاحنات.

ولنقل وتركيب وإطلاق صواريخها، تستخدم إيران بشكل رئيسي شاحنات تجارية أو مقطورات تجرها شاحنات تجارية، استناداً إلى لقطات من الاستعراضات والتدريبات ومنشآتها تحت الأرض.

وغالباً ما تكون المقطورات مزودة بإطارات تسمح بتغطية معدات الإطلاق والصاروخ، وهو ملقى على الأرض، بغطاء مشمع، ما يجعلها تُخفي نفسها كمركبات تجارية.

وزودت طهران مركبات إطلاق الصواريخ الأصغر والأقصر مدى، بأغطية مماثلة، ولكن يمكن أيضاً إخفاء منصات إطلاقها على شكل حاويات شحن.

ولمنع تدمير ما تبقى من صواريخها في هجمات إسرائيلية لاحقة، توقعت دوائر عسكرية أن تُفرق إيران قواتها الصاروخية. وبمجرد مغادرة الناقلات قواعدها، يصعب تحديدها وتعقبها.

وتعتبر الصواريخ التي تعمل بالوقود الصلب أكثر قدرة على الحركة من الصواريخ الإيرانية التي تعمل بالوقود السائل، وتحضيرات إطلاقها أقصر.

وفي حال راقبت إسرائيل أو الولايات المتحدة استعدادات الإطلاق، فلن يكون هناك وقت كافٍ لتدمير الصواريخ على الأرض.

طائرات التزويد بالوقود

وعلاوة على ذلك، ونظراً للمسافات والعدد المحدود لطائرات التزويد بالوقود جواً التابعة لجيش الدفاع الإسرائيلي، لن تتمكن الطائرات الإسرائيلية من البقاء في المجال الجوي الإيراني للرد على خطر إطلاق صاروخ، وفق الموقع.

وبالنسبة لإيران فإن الاتصالات مع مثل هذه القوة المتفرقة ربما تكون صعبة، كما أنه من غير الواضح إلى أي مدى سيتعطل أي رد عسكري محتمل؛ بسبب الوفيات في هيكل القيادة العسكرية.

ولا تُشكل الصواريخ الباليستية الإيرانية قصيرة المدى الأصغر تهديداً مباشراً لإسرائيل، لذا لن تُعطي إسرائيل الأولوية لتدميرها، ولكن تلك الصواريخ يمكنها الوصول إلى المنشآت الأميركية في المنطقة.

وفي عام 2020، رداً على غارة أميركية بطائرة مُسيرة قُتل فيها قائد الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني في العراق، هاجمت إيران منشآت أميركية في قاعدة “عين الأسد” الجوية بالعراق.

وتقع هذه القاعدة على بُعد أقل من 300 كيلومتر من الحدود الإيرانية.

وتعتبر قاعدة العديد الجوية في قطر، وهي مركز رئيسي للعمليات الأميركية في الشرق الأوسط، وتبعد أيضاً أقل من 300 كيلومتر عن إيران، وكذلك منشآت في البحرين والكويت أهدافاً لإيران.

واستجابةً للتوتر المتصاعد في المنطقة، نشرت الولايات المتحدة كتيبة دفاع صاروخي من طراز Patriot في الشرق الأوسط، وهي مناسبة للدفاع عن القواعد ضد الصواريخ الباليستية قصيرة المدى.

شاركها.