تعتبر المياه النقية شريان الحياة، ومع تزايد التحديات البيئية والديموغرافية، أصبح الوصول إلى مياه شرب آمنة أمرا بالغ الأهمية. 

أولاً: أفضل الأجهزة لتنقية المياه

تتوفر العديد من الأجهزة المتطورة لتنقية المياه، والتي تختلف في تقنياتها وقدراتها. فيما يلي أبرزها:

 أنظمة التناضح العكسي (Reverse Osmosis RO):

  المبدأ: تعمل هذه الأنظمة على دفع الماء عبر غشاء شبه منفذ تحت ضغط عالٍ، مما يسمح بمرور جزيئات الماء النقية ويحجز معظم الملوثات مثل الأملاح الذائبة، المعادن الثقيلة، البكتيريا، والفيروسات.

 المميزات: فعالة للغاية في إزالة مجموعة واسعة من الملوثات، تنتج مياهًا عالية النقاوة، وتحسن من مذاق ورائحة الماء.

  العيوب: تهدر كمية كبيرة من الماء (تتراوح بين 35 جالونات من الماء المهدر لكل جالون من الماء النقي)، بطيئة نسبيًا في الإنتاج، وتتطلب صيانة دورية لتغيير الفلاتر والأغشية.

  الاستخدامات: مثالية للمنازل التي تعاني من مشاكل في جودة المياه (مثل ارتفاع نسبة الأملاح أو الملوثات الكيميائية).

مرشحات الكربون النشط (Activated Carbon Filters):

 المبدأ: يستخدم الكربون المنشط (عادة على شكل حبيبات أو كتل) لامتصاص الشوائب العضوية، الكلور، المبيدات الحشرية، والروائح الكريهة من الماء.

المميزات: فعالة في تحسين طعم ورائحة الماء، إزالة الكلور ومنتجاته الثانوية، وتكلفة منخفضة نسبيا.

 العيوب: لا تزيل المعادن الثقيلة، البكتيريا، الفيروسات، أو الأملاح الذائبة. تتطلب تغييرًا منتظما للفلتر.

 الاستخدامات: تستخدم بشكل شائع في فلاتر الأباريق، فلاتر الصنبور، وكجزء من أنظمة تنقية متعددة المراحل.

مرشحات الرواسب (Sediment Filters):

 المبدأ: مصممة لإزالة الجزيئات الكبيرة مثل الرواسب، الرمل، الطين، والصدأ من الماء.

 المميزات: تحمي فلاتر التنقية اللاحقة من الانسداد، وتزيد من عمرها الافتراضي.

العيوب: لا تزيل المواد الكيميائية، البكتيريا، أو الفيروسات.

 الاستخدامات: تستخدم كفلتر تمهيدي في معظم أنظمة تنقية المياه.

 مرشحات الأشعة فوق البنفسجية (UV Water Purifiers):

  المبدأ: تستخدم الأشعة فوق البنفسجية (UVC) لقتل أو تعطيل الكائنات الدقيقة مثل البكتيريا، الفيروسات، والجيارديا، عن طريق تدمير حمضها النووي.

  المميزات: فعالة للغاية في التطهير الميكروبي دون استخدام مواد كيميائية، ولا تغير من طعم أو رائحة الماء.

  العيوب: لا تزيل الرواسب، المواد الكيميائية، أو المعادن الثقيلة. تتطلب كهرباء للعمل.

 الاستخدامات: تستخدم غالبًا كخطوة أخيرة في أنظمة تنقية المياه المتكاملة لضمان التطهير.

المقطرات (Water Distillers):

المبدأ: يتم غلي الماء وتحويله إلى بخار، ثم يتم تكثيف البخار مرة أخرى ليصبح ماءً نقيًا، تاركًا معظم الملوثات خلفه.

 المميزات: فعالة للغاية في إزالة الأملاح الذائبة، المعادن الثقيلة، البكتيريا، والفيروسات.

  العيوب: بطيئة جدا، تستهلك طاقة كهربائية عالية، وتزيل المعادن المفيدة من الماء، مما يجعل مذاقه “مسطحا”.

 الاستخدامات: تستخدم عادة للمختبرات أو لإنتاج مياه عالية النقاوة لأغراض خاصة.

ثانياً: الطرق المنزلية لتصفية المياه

بالإضافة إلى الأجهزة المتخصصة، هناك عدة طرق منزلية يمكن استخدامها لتصفية وتحسين جودة المياه، خاصة في حالات الطوارئ أو في المناطق التي تفتقر إلى البنية التحتية الجيدة للمياه:

 الغليان (Boiling):

 الشرح: هي الطريقة الأكثر فعالية لقتل البكتيريا والفيروسات والكائنات الدقيقة الأخرى. يجب غلي الماء بقوة لمدة دقيقة واحدة على الأقل (أو ثلاث دقائق في المرتفعات العالية لتصل إلى درجة حرارة التعقيم).

المميزات: بسيطة، فعالة ضد معظم الكائنات الدقيقة، ولا تتطلب معدات خاصة سوى مصدر حرارة.

 العيوب: لا تزيل الرواسب، المواد الكيميائية، المعادن الثقيلة، أو تحسن الطعم. تتطلب وقودا ووقتا.

 التطهير بالكلور (Chlorination):

 الشرح: يمكن استخدام قطرات من مبيض الغسيل المنزلي (الذي يحتوي على هيبوكلوريت الصوديوم بنسبة 56%) لتطهير الماء. عادة ما تضاف قطرتان إلى أربع قطرات لكل لتر من الماء، ويترك لمدة 30 دقيقة قبل الاستخدام.

 المميزات: فعالة ضد البكتيريا والفيروسات، ومتوفرة نسبيًا.

 العيوب: لا تزيل الرواسب، المواد الكيميائية، أو المعادن الثقيلة. قد تترك طعمًا ورائحة للكلور. يجب استخدام مبيض غير معطر وخالي من عوامل التنظيف الإضافية.

التصفية بالرمل والحصى (Sand and Gravel Filtration):

 الشرح: يمكن بناء مرشحات بسيطة باستخدام طبقات من القماش، الرمل الخشن، الرمل الناعم، والفحم النباتي (المكسر) في وعاء. يمر الماء من خلال هذه الطبقات، التي تحجز الجزيئات والرواسب.

المميزات: تزيل الرواسب الكبيرة والشوائب العالقة.

العيوب: لا تزيل البكتيريا، الفيروسات، أو المواد الكيميائية الذائبة. تتطلب تنظيفًا وصيانة منتظمة.

 التطهير الشمسي للمياه (Solar Water Disinfection SODIS):

 الشرح: يتم ملء زجاجات بلاستيكية شفافة (PET) بالماء ووضعها أفقيًا تحت أشعة الشمس المباشرة لمدة 6 ساعات على الأقل في الأيام المشمسة، أو يومين في الأيام الغائمة جزئيا. الأشعة فوق البنفسجية في ضوء الشمس تقتل الكائنات الدقيقة.

المميزات: طريقة صديقة للبيئة، منخفضة التكلفة، وفعالة ضد البكتيريا والفيروسات.

  العيوب: لا تزيل الرواسب أو المواد الكيميائية. تعتمد على توفر أشعة الشمس.

 أقراص أو قطرات اليود (Iodine Tablets/Drops):

 الشرح: تستخدم على نطاق واسع من قبل المتنزهين والمسافرين لتطهير مياه الشرب. يتم إضافة الكمية الموصى بها وتركها لبضع دقائق.

  المميزات: فعالة ضد معظم البكتيريا والفيروسات وبعض الكائنات الأولية. سهلة الحمل والاستخدام.

 العيوب: قد تترك طعمًا مميزًا (يمكن إزالته بإضافة فيتامين C)، لا تزيل الرواسب أو المواد الكيميائية. لا ينصح بها للاستخدام طويل الأمد بسبب المخاطر الصحية المرتبطة باليود الزائد.

ثالثاً: الأزمة المائية المتوقعة حول العالم

تعد الأزمة المائية من أكثر التحديات العالمية إلحاحا، وتتفاقم بفعل عدة عوامل رئيسية يوضحها خبير في علم الجيولوجيا ويؤكد أن 

 النمو السكاني المتزايد هو أحد العوامل فمع تزايد عدد سكان العالم، يزداد الطلب على المياه العذبة للشرب، الزراعة، والصناعة. المناطق ذات النمو السكاني السريع غالبًا ما تواجه ضغوطًا هائلة على مواردها المائية المحدودة.

ويضيف التغير المناخي والمتمثل في الجفاف المتكرر والذي يؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة وتغير أنماط هطول الأمطار إلى فترات جفاف أطول وأكثر شدة في العديد من المناطق، مما يقلل من مخزون المياه السطحية والجوفية.

وكذلك ذوبان الأنهار الجليدية حيث تشكل الأنهار الجليدية مصدرًا حيويًا للمياه العذبة للعديد من الأنهار الكبرى. مع ارتفاع درجات الحرارة، تتسارع وتيرة ذوبانها، مما يؤدي إلى زيادة مؤقتة في التدفق ثم انخفاض حاد على المدى الطويل.

 وحدوث الفيضانات في بعض المناطق، حيث يؤدي التغير المناخي إلى فيضانات أكثر تكرارًا وشدة، والتي يمكن أن تلوث مصادر المياه وتدمر البنية التحتية للمياه.

وأيضا التلوث الصناعي والزراعي حيث تؤدي النفايات الصناعية والمبيدات الحشرية والأسمدة الزراعية إلى تلوث الأنهار والبحيرات والمياه الجوفية، مما يجعلها غير صالحة للاستهلاك البشري أو الزراعة.

و الصرف الصحي غير المعالج في العديد من البلدان النامية، حيث يتم تصريف مياه الصرف الصحي غير المعالجة مباشرة في المسطحات المائية، مما ينشر الأمراض ويجعل المياه غير آمنة.

 سوء الإدارة ونقص البنية التحتية:

 الهدر: سوء إدارة الموارد المائية، بما في ذلك التسربات في شبكات التوزيع القديمة والري غير الفعال في الزراعة، يؤدي إلى هدر كميات هائلة من المياه.

 نقص الاستثمار: تفتقر العديد من المناطق إلى الاستثمار الكافي في البنية التحتية للمياه والصرف الصحي، مما يعيق الوصول إلى المياه النظيفة ويجعلها عرضة للتلوث.

 الصراعات الجيوسياسية:

 تعتبر المياه موردا عابرا للحدود في العديد من المناطق، مما يؤدي إلى توترات وصراعات بين الدول المتشاطئة على الأنهار والبحيرات المشتركة. يمكن أن تؤثر النزاعات على تقاسم المياه وبناء السدود ومشاريع البنية التحتية.

الآثار المتوقعة للأزمة المائية:

 نقص مياه الشرب: سيواجه الملايين حول العالم نقصًا حادًا في مياه الشرب، مما يؤدي إلى تفاقم الأمراض المرتبطة بالمياه وسوء التغذية.

 تدهور الأمن الغذائي: تعتمد الزراعة بشكل كبير على المياه. نقص المياه سيؤدي إلى انخفاض إنتاج الغذاء، ارتفاع الأسعار، وتفاقم انعدام الأمن الغذائي.

النزوح والصراعات: يمكن أن يؤدي نقص المياه إلى نزوح جماعي للسكان من المناطق المتضررة، وقد يؤجج الصراعات على الموارد المائية المحدودة.

الآثار الاقتصادية: ستؤثر ندرة المياه سلبًا على النمو الاقتصادي، خاصة في القطاعات التي تعتمد بشكل كبير على المياه مثل الزراعة والصناعة والطاقة.

 تدهور النظم البيئية: يؤدي نقص المياه وتلوثها إلى تدهور النظم البيئية المائية، وفقدان التنوع البيولوجي، وتدهور خدمات النظام البيئي.

تتطلب الأزمة المائية العالمية نهجا متعدد الأوجه يتضمن تحسين إدارة المياه، الاستثمار في التقنيات الحديثة لتنقية وتحلية المياه، وتعزيز التعاون الدولي، ورفع مستوى الوعي بأهمية ترشيد استهلاك المياه. إن حماية هذا المورد الحيوي مسؤولية جماعية لضمان مستقبل مستدام للأجيال القادمة.

المصدر: وكالة ستيب الاخبارية

شاركها.