خلصت هيئة تحقيق تابعة للأمم المتحدة في تقرير صدر حديثاً، إلى أن الهجمات الإسرائيلية على المواقع الثقافية والتراثية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، “ترقى إلى جرائم حرب وجريمة ضد الإنسانية”.

ودرست لجنة التحقيق الدولية المواقع الثقافية والدينية والتعليمية في غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة الأخرى، ووجدت “أنه في أغلب الحالات التي تمّ التحقيق فيها، وخصوصاً تلك التي شملت عمليات هدم باستخدام المتفجرات والجرافات، أن القوات الإسرائيلية ارتكبت جرائم حرب”.

وأكد التقرير “أن إسرائيل قضت على النظام التعليمي في غزة، ودمّرت أكثر من نصف المواقع الدينية والثقافية في القطاع، في إطار عدوان واسع النطاق ومتواصل على الشعب الفلسطيني”.

وأولى التقرير اهتماماً خاصاً للمواقع التراثية في غزة، التي دمّرت إسرائيل معظمها، وعزا هذه الإحصائية المذهلة “إلى حملة إسرائيل الأوسع لتدمير الأهداف المدنية والبنية التحتية”.

وركز التقرير على 10مواقع دينية وثقافية في غزة طالتها الهجمات الإسرائيلية، مثل كنيسة القديس بورفيريوس، التي تعدّ ثالث أقدم كنيسة في العالم؛ وقصف وتجريف ونهب قصر الباشا، وهو معلم أثري يعود إلى القرن الرابع عشر الميلادي، وقصف المسجد العمري الكبير، الذي يعود تاريخه إلى القرن السابع الميلادي، وهو أكبر مساجد القطاع؛ فضلاً عن الاستيلاء على أوّل متحف أثري في غزة، ويضم مجموعة خاصة ضخمة، تمّ حرقه وتجريفه ونهبه. 

في تحليلها القانوني، خلصت اللجنة إلى “أن القوات الإسرائيلية علمت، أو كان ينبغي أن تعلم، بأماكن هذه المواقع وأهميتها البارزة، وأن تخطط في جميع العمليات العسكرية لتجنبها”.

وبحسب التقرير، شملت هذه الجرائم “توجيه هجمات متعمّدة ضد مبان مخصّصة للدين والمعالم التاريخية، وتدمير واسع النطاق للممتلكات لا تبرره الضرورة العسكرية”.

وفي حالة الهجوم الإسرائيلي على كنيسة القديس بورفيريوس في أكتوبر 2023، والذي أسفر عن مقتل 19 شخصاً، بينهم نساء وأطفال، وجد التقرير “أنه على الرغم من أن الحادث قد يكون ناتجاً عن أضرار جانبية ناجمة عن خطأ في الاستهداف، إلا أنه مع ذلك يشكّل جريمة حرب”.

وقال جهاد ياسين، المدير العام لوزارة السياحة والآثار الفلسطينية لموقع “The Art Newspaper”: “بموجب القانون الدولي، يعدّ تدمير التراث الثقافي جريمة”. وأشار إلى حجم الدمار الذي تعرضت له هذه المواقع، لافتاً إلى التقرير الذي نشرته الوزارة في فبراير 2025، “وسجّلت فيه تضرر وتدمير 226 موقعاً ثقافياً من أصل 316 موقعاً في غزة”.

واعتبر ياسين “أن التقرير الأممي الجديد، يجب أن يدفع المجتمع الدولي لاتخاذ إجراءات لوقف الحرب والاحتلال الإسرائيلي، وبذل المزيد من الجهود لحماية التراث الثقافي في غزة والضفة الغربية، الذي يعدّ جزءاً من التراث الثقافي للبشرية. لذا فالتحرك مسؤولية الجميع”.

وأكد  أن الوضع في الضفة الغربية “يتدهور بسرعة وإسرائيل تمنع فريقنا من الوصول إلى العديد من المواقع الفلسطينية”.

المستوطنات في الضفة الغربية

كما بحثت اللجنة السياسات والاعتداءات الإسرائيلية في الضفة الغربية، بما في ذلك بناء المستوطنات في مواقع التراث العالمي الفلسطينية، والتنقيب الأثري في المواقع الفلسطينية وتطويرها إلى مناطق جذب سياحي، واقتراح قوانين إسرائيلية تنقل السيطرة على المواقع الثقافية والأثرية الفلسطينية إلى سلطة الآثار الإسرائيلية. ووجدت اللجنة “أن هذه الإجراءات غير قانونية”.

وقال ألون أراد للموقع نفسه، وهو عالِم آثار والرئيس التنفيذي لمنظمة “إيميك شافيه”، وهي منظمة غير حكومية إسرائيلية تعمل على منع تسييس علم الآثار في السياق الإسرائيلي الفلسطيني: “هذا هو السيناريو الأسوأ. هذا ما كنا نكافحه، كي لا نصل إلى هذه النقطة”. 

ورأى أن “نمطاً من القرارات والسياسات والإجراءات غير القانونية، لا سيما في ظل حكومة نتنياهو الحالية، والتي وثّقتها منظمة “إيميك شافيه” على مرّ السنين، هو ما أوصل إسرائيل إلى هنا”.

وقال: “هناك خيار لتصحيح مسارنا. على إسرائيل أن تتبنى التوصيات التي قدّمتها اللجنة، وأن تعود إلى الالتزام بالقانون الدولي، القانون الإنساني والقوانين المتعلقة بالممتلكات الثقافية”، مؤكداً أن ذلك “يتطلب وقف جميع المشاريع الأثرية والتنموية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وإنهاء التدمير في غزة”.

شاركها.