أثارت المقابلة التي أجراها المذيع الأميركي تاكر كارلسون مع السيناتور الجمهوري تيد كروز، المؤيد لتدخل عسكري أميركي ضد إيران، جدلاً واسعاً داخل الولايات المتحدة وخارجها، بعد أن ظهر كروز غير ملم بتفاصيل أساسية عن إيران، رغم مواقفه المتشددة الداعية إلى تغيير نظامها.

وسلطت المقابلة الضوء على الانقسام داخل المعسكر الجمهوري المؤيد للرئيس الأميركي دونالد ترمب، بين جناح الصقور الذي يمثله كروز ويدعو إلى العمل العسكري ضد طهران، وتحالف “أميركا أولاً” (MAGA) الذي ينتمي إليه كارلسون، ويعارض التدخلات العسكرية الأميركية في الشرق الأوسط.

وقد أثارت مواقف كارلسون المعارضة لتورط واشنطن في الهجمات الإسرائيلية على إيران غضب ترمب نفسه، الذي وصف الإعلامي المحافظ بـ”المجنون”.

تيد كروز وتركيبة إيران

انطلقت المواجهة الحادة بين كارلسون والسيناتور تيد كروز، عندما سأله المذيع الأميركي عن عدد سكان إيران، فاعترف كروز بأنه لا يعرف الرقم. ليرد كارلسون بتعجب: “ألا تعرف عدد سكان الدولة التي تسعى لإسقاط حكومتها؟ كيف يمكن ذلك؟”.

حاول كروز التهرب بسؤال مضاد: “وهل تعرف أنت؟”، فأجابه كارلسون على الفور: “نعم، 92 مليون نسمة”.

ثم واصل كارلسون الضغط، متسائلاً عن التركيبة العرقية للسكان، فأجاب كروز بأن الأغلبية من الفرس ومن المسلمين الشيعة، لكنه بدا منزعجاً حين سأله كارلسون عن النسب الدقيقة. فقال كروز ساخراً: “حسناً، هذا سؤال ظريف”، قبل أن يضيف بنبرة دفاعية: “أنا لست الخبير تاكر كارلسون في إيران”.

وفي لحظة مثيرة خلال المقابلة، صرّح كروز قائلاً: “نحن ننفذ ضربات عسكرية اليوم” ضد إيران، ما دفع كارلسون إلى مقاطعته بدهشة: “هل تقول إن الولايات المتحدة تشارك فعلياً في العمليات العسكرية؟ هذه أخبار عاجلة”.وأشار إلى أن البيت الأبيض كان قد نفى في وقت سابق أي دور مباشر في الهجمات الإسرائيلية.

عاد كروز لتوضيح موقفه قائلاً: “صحيح، قلت بمساعدتنا، إسرائيل تقود الهجوم ونحن ندعمها”. ليرد كارلسون بابتسامة: “هذا تصريح خطير، فأنت سيناتور، وإذا كنت تقول إن الحكومة الأميركية في حالة حرب مع إيران، فإن الناس سيأخذون كلامك على محمل الجد”.

“الإنجيل وإسرائيل”

وأثارت أحد مقاطع المقابلة جدلاً كبيراً، بعدما تحجج كروز بالإنجيل وما تعلمه في الكنسية، في دعمه المطلق لإسرائيل.

وقال السيناتور: “لقد تعلمت من الكتاب المقدس، أولئك الذين يباركون إسرائيل سيباركون، وأولئك الذين يلعنون إسرائيل سيلعنون”. وأضاف: “من وجهة نظري، أريد أن أكون مباركاً”.

وتساءل كارلسون ما إذا كان النص المذكور في الإنجيل يُشير فعلاً إلى الحكومة الإسرائيلية الحالية، أو حتى ما إذا كان السيناتور كروز يعرف أصل هذا الاقتباس والجزء الذي ورد فيه.

وعندما عجز كروز عن تقديم إجابة فورية، بادر كارلسون بتذكيره بأن الاقتباس مأخوذ من “سفر التكوين”، قبل أن يطرح تساؤلاً لاذعاً: كيف يمكن للسيناتور أن يبني موقفه السياسي على نص ديني لا يعرف مصدره بدقة، ولا يستطيع الاستشهاد به بشكل صحيح؟

وقال كارلسون مخاطباً كروز: “إذاً، أنت تستشهد بعبارة من الإنجيل دون أن تعرف سياقها أو حتى موضعها في الكتاب المقدس”.

ومع اتخاذ كروز موقفاً دفاعياً، تابع كارلسون بأسئلته: “عندما تقول إسرائيل، هل تقصد الدولة الحديثة؟ أم الحكومة الحالية؟ أم كياناً سياسياً؟”، مضيفاً تساؤلاً حول المفهوم الديني: “كيف كانت تُعرف إسرائيل في النصوص المقدسة؟”.

وعندما استقر كروز على استخدام مصطلح “الأمة”، طرح كارلسون سؤالاً مباشراً: “هل الأمة التي يشير إليها الله في سفر التكوين، هي نفسها الدولة التي يقودها بنيامين نتنياهو اليوم؟”.

أجاب كروز: “نعم”، ثم اعترض على وصف كارلسون لنتنياهو بأنه “يدير” البلاد، معتبراً أن هذا التعبير يجعله يبدو وكأنه ديكتاتور. وردّ كارلسون قائلاً: “ما أعنيه هو الكيان السياسي لإسرائيل الحديثة”.

دعم غير المشروط لإسرائيل

واصل كارلسون الضغط على السيناتور تيد كروز بشأن دعمه غير المشروط لإسرائيل، مشيراً إلى علاقته بلجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية (أيباك)، ومتسائلاً عن سبب عدم تصنيفها كـ”لوبي أجنبي” رغم نفوذها الكبير.

لكن كروز حاول تحويل الهجوم على كارلسون، قائلاً بسخرية: “غريب جداً هذا الهوس بإسرائيل يا تاكر”، مضيفاً أن كارلسون لا يطرح أسئلة مشابهة عن جماعات ضغط تمثل دولاً أخرى. ليرد كارلسون بحدة: “أوه، هل تلمّح إلى أنني معاد للسامية الآن؟”.

رد كروز قائلاً: “أنت من يطرح الأسئلة يا تاكر، لقد سألت لتوّك: لماذا يسيطر اليهود على سياستنا الخارجية؟  هذا ما سألته للتو”.

واتهم كارلسون كروز بمحاولة التهرب من الأسئلة المشروعة من خلال اتهامه بمعاداة السامية، قائلاً: “هذا لا يجعلني معادياً للسامية، ومن العار أن تتهمني بذلك”.

وكرر السيناتور تيد كروز الإشارة إلى مزاعم حكومية أميركية تتهم إيران بالتخطيط لاغتيال الرئيس السابق دونالد ترمب، في محاولة لربط موقفه المتشدد تجاه طهران بالولاء لترمب.

غير أن تاكر كارلسون شكك في صحة هذه الرواية، ما دفع كروز إلى الرد بسخرية: “هل تعتقد أننا لم نصل إلى القمر؟ ما هي نظريات المؤامرة الأخرى التي تؤمن بها؟ هل كان هجوم 11 سبتمبر من تدبير داخلي؟”، مضيفا ًأن “حتى أكثر الديمقراطيين تطرفاً لا يشككون في هذه القصة”. كما اتهم كارلسون باتباع سياسة خارجية “تشبه سياسات جيمي كارتر”.

ورد كارلسون بتهكم: “أوه، بالطبع، أنا يساري متطرف الآن.. هذا كلام سخيف للغاية”.

لاحقاً، طرح كروز سؤالاً على كارلسون: “هل تعتبر فلاديمير بوتين عدواً للولايات المتحدة؟”، فأجابه كارلسون بأن روسيا تُعد من الناحية الرسمية خصماً بسبب موقف واشنطن الداعم لأوكرانيا، لكنه رفض إصدار “حكم أخلاقي”.

وأضاف كارلسون: “لا أريد أن أكون في عداء مع روسيا، فهذا لا يخدم مصالحنا، قد يخدم مصالح فئة معينة، لكن ليس عامة الأميركيين”.

وعاد كروز ليشير إلى ظهور سابق لكارلسون في مقطع مصور داخل متجر روسي، أبدى فيه إعجابه بالمنتجات المعروضة، قائلاً: “كان الفيديو غريباً، وكأنه إعلان ترويجي لروسيا”.

شاركها.