في ظل الحرب بين إيران وإسرائيل، حذر مدير شركة روس آتوم الروسية للطاقة النووية أليكسي ليخاتشوف، الجمعة، من أن أي ضربة محتملة لمحطة بوشهر النووية الإيرانية ستؤدي إلى كارثة لن تقتصر على إيران، بل ستمتد إلى عدد كبير من الدول، فيما شدد الكرملين على أن “الخبراء الروس يواصلون عملهم في المحطة”.
وأضاف ليخاتشوف: “نظرياً، سيؤدي هذا الحادث إلى كارثة، ليس فقط لإيران والشعب الإيراني، بل أيضاً لعدد كبير من الدول”، داعياً الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى التدخل لمنع توجيه ضربات محتملة لبوشهر.
وقال: “يجب ألا تستهدف منطقة بوشهر.. حينها، وفي ظل هذا الوضع الصعب للغاية للصراع الإيراني الإسرائيلي، سيكون هناك على الأقل بصيص أمل في نهاية النفق”، وفق ما نقلته وكالة “ريا نوفوستي” الروسية.
وكان الجيش الإسرائيلي قال، الخميس، إنه قصف منشأة بوشهر التي بنتها روسيا، لكنه أعلن لاحقاً أن هذا التصريح صدر عن طريق الخطأ، وقال ليخاتشوف إن أي هجوم على المحطة قد يتسبب في كارثة نووية على غرار تشرنوبل.
وبوشهر هي المحطة الوحيدة العاملة في إيران لإنتاج الكهرباء باستخدام الطاقة النووية، وتستخدم وقوداً روسياً تستعيده روسيا بعد استهلاكه للحد من مخاطر الانتشار النووي.
إجلاء موظفين
وقال إن الهجمات على محطات الطاقة النووية “لا معنى لها على الإطلاق من وجهة نظر عسكرية وسياسية”. وأوضح: “محطة بوشهر لا تُنتج أسلحة نووية.. إنها منشأة سلمية تماماً، يعمل فيها أناس مسالمون، بمن فيهم المواطنون الروس”.
وأضاف المدير العام لشركة “روساتوم”: “المحطة ليست منشأة عسكرية، وليست مصممة لتحمل ضربات صواريخ كروز.. إنها محمية من الزلازل وانقطاع التيار الكهربائي وأخطاء التشغيل.. لكن بالطبع، لا توجد منشأة مدنية محمية من أي عدوان صريح ومستهدف”.
وعندما سئل ليخاتشوف عن الوضع في بوشهر، أجاب الصحافيين قائلاً: “حتى الآن، الوضع تحت السيطرة تماماً، كل شيء طبيعي.. مرت الليلة في أجواء من التوتر المعتاد، لكن تحت السيطرة”.
وكشف ليخاتشوف عن إجلاء بعض الموظفين من فريق المهام المؤقتة مع بقاء الموظفين الأساسيين بالموقع في الوقت الراهن.
وأضاف: “نواصل العمل في وضع ما قبل الاستنفار، ونأمل للغاية في وصول كل الإشارات التي بعثنا بها منذ أمس إلى القيادة الإسرائيلية”.
ويعني “وضع ما قبل الاستنفار” على ما يبدو إمكانية إجلاء الموظفين في حالة الطوارئ، وفق رويترز.
وساطة روسية
في غضون ذلك، قال الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف إن روسيا لا تفرض وساطتها بين إيران وإسرائيل، لكن إذا لزم الأمر، فإن الرئيس فلاديمير بوتين مستعد لتقديم مثل هذه المساعدة.
وقال بيسكوف خلال إحاطة صحفية على هامش منتدى سانت بطرسبورغ الاقتصادي الدولي: “أكدنا مراراً أن بإمكان الرئيس بوتين لعب دور الوساطة عند الضرورة، لا أحد يجبر أحداً على ذلك، كل ما في الأمر أن علاقاتنا مع إيران وإسرائيل ودول أخرى في المنطقة تسمح لنا بلعب مثل هذا الدور عند الضرورة”.
وأكد بيسكوف أن الكرملين يرى أن إسرائيل تنوي مواصلة العمل العسكري ضد إيران في الوقت الحالي، وقال: “في الوقت الحالي، نرى رغبة إسرائيل في مواصلة العمل العسكري، على الأقل، على هذا النحو تترجم نواياها”.
ورداً على سؤال عما إذا كانت روسيا لديها خطوط حمراء فيما يتعلق بالوضع في الشرق الأوسط، قال بيسكوف: “يجب أن تكون الخطوط الحمراء، في المقام الأول، بين دول المنطقة، لأن هذه المنطقة تغرق الآن في دوامة عدم الاستقرار والحرب”.
ورداً على سؤال بشأن ما إذا كان من المقرر إجلاء الخبراء الروس من محطة بوشهر للطاقة النووية في الشرق الأوسط، أوضح بيسكوف أن “الخبراء الروس يواصلون عملهم في المحطة”.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قال هذا الأسبوع إن روسيا لديها ما يصل إلى 600 موظف في بوشهر، 250 منهم موظفون دائمون بينما يعمل الباقون في مهام مؤقتة، وأضاف أن إسرائيل تعهدت لروسيا بضمان سلامتهم.
وكشف ليخاتشوف، الخميس، عن إجلاء بعض الموظفين من فريق المهام المؤقتة مع بقاء الموظفين الأساسيين في الموقع في الوقت الراهن.
وحذرت روسيا، التي تربطها علاقات وثيقة بإيران، بشدة من التدخل العسكري الأميركي إلى جانب إسرائيل في الحرب الجوية التي بدأت قبل أسبوع.
وتقول إسرائيل إنها بدأت قصف إيران لمنعها من امتلاك سلاح نووي، وهو ما تنفي إيران السعي إليه، وترد على القصف الإسرائيلي بهجمات بطائرات مسيرة وصواريخ.
اتصالات روسية أميركية
وكان نائب وزير الخارجية الروسي ومبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى الشرق الأوسط وإفريقيا ميخائيل بوجدانوف أعلن عن ضرورة احتواء الصراع الإيراني الإسرائيلي ومنع امتداده.
وخلال جلسة منتدى سانت بطرسبورغ الاقتصادي الدولي، قال بوجدانوف: “الوضع ليس خطيراً فحسب، بل انفجر بالفعل، ونحن الآن نشهد تداعيات هذا الانفجار.. يجب علينا احتواء هذا الصراع وبذل كل جهد لتهدئة الأوضاع”.
وأشار نائب الوزير الى أن هذا الصراع يتسم بطابع هجين، مضيفاً: “أعتقد أن هذه الحرب هجينة أيضاً، وهي لا تقتصر على العمليات العسكرية فحسب، بل تتضمن أيضا عنصرا إعلاميا ودعائيا بالغ الأهمية”.
وأكد مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى الشرق الأوسط وإفريقيا أن روسيا ستواصل اتصالاتها مع جميع الأطراف، بما فيها الولايات المتحدة، بشأن الوضع بين إيران وإسرائيل، منوهاً إلى أن عدد هذه الاتصالات سيزداد في الأيام المقبلة.
ولفت بوجدانوف إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أجرى مؤخرا أكثر من 100 لقاء ومحادثة مع قادة الدول العربية، وأضاف: “أعتقد أن عدد هذه الاتصالات سيزداد هذه الأيام، لأن مهمتنا، بالطبع، هي إقناع الجميع بضرورة وقف إراقة الدماء والجلوس على طاولة المفاوضات”.