تعرّضت أجزاء واسعة من التراث الثقافي في إيران للأضرار بسبب الهجمات الإسرائيلية والأميركية، كما تضرّرت نماذج بارزة من العمارة الحديثة في طهران وأصفهان خصوصاً، حيث تقع منشأة نووية رئيسة بالقرب من المدينة الغنية بالمواقع التراثية.

وقال المؤرخ الفني في جامعة “رايس” في هيوستن تكساس، فرشيد إمامي، وهو ومؤلف كتاب “أصفهان: العمارة والتجربة الحضرية في إيران الحديثة المبكرة”: “إن مقر هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيراني، الذي استهدفته إسرائيل أثناء البث المباشر، ليس مجرد مبنى حكومي، بل هو تحفة معمارية بارزة، تمّ تشييده  في سبعينيات القرن الماضي، من قِبل المهندس المعماري الإيراني الشهير عبد العزيز فرمانفرمايان”.

أضاف: “طهران ليست تاريخية كأصفهان، لكنها موطن للعديد من روائع العمارة الإيرانية الحديثة، التي تم تشييد معظمها في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي”. 

وأكد إمامي “وجود وعي كبير بأهمية هذه المعالم وضرورة الحفاظ عليها. ومن الأمثلة على ذلك متحف طهران للفن المعاصر، وهو عمل معماري رائع، يضم إحدى أكبر مجموعات الفن الغربي الحديث خارج أوروبا وأميركا الشمالية. وهناك قلق حقيقي للغاية بشأن هذه المباني والمتاحف في طهران”.

تُعد أصفهان مقراً مهماً للصناعات العسكرية في البلاد، وتضم مواقع نووية حساسة، وهي ثالث أكبر المدن الإيرانية، وأكثر اجتذاباً للسياح.

مذكرات دونا شتاين

صمّم المهندس المعماري الإيراني كامران ديبا متحف طهران للفن المعاصر عام 1977، في ذروة الطفرة النفطية الإيرانية. وكان المتحف محور مذكرات مثيرة للجدل صدرت عام  2021 لدونا شتاين، وهي أمينة متاحف أميركية عاشت في طهران بين عامي 1975 و1977، وساعدت في تجميع المجموعة الشهيرة.

في نهاية الأسبوع الماضي، سقطت قنابل أميركية على مجمع نووي يقع على بعد 14 ميلاً شرق أصفهان، وهي مدينة يزيد عدد سكانها عن مليوني نسمة، تقع عند تقاطع طرق التجارة التاريخية التي كانت تمر عبر آسيا الوسطى. 

وأفادت شبكة “CNN” الأحد، أن صور الأقمار الصناعية كشفت عن 18 مبنى على الأقل تمّ تدميره كلياً أو جزئياً”. وبحسب منظمة “مبادرة التهديد النووي” غير الربحية، “كان يعمل في أصفهان نحو 3 آلاف عالم”.

 وقال إمامي: “لحسن الحظ، يبدو أن أصفهان نفسها لم تتضرر حتى الآن، ولم أسمع أخبار اً عن أضرار لحقت بمعالمها التاريخية في الهجمات الأخيرة”.

أصفهان نصف العالم

وبحسب اليونسكو، كانت أصفهان عاصمة السلالتين السلجوقية والصفوية، وهي مشهورة جداً لدرجة أنها أصبحت موضوع تعبير إيراني:”أصفهان نصف العالم”.

 يقول التقرير إن الشاه الصفوي عباس الأوّل (1588-1629) أعاد توجيه طريق الحرير عبر أصفهان، وجعل المدينة عاصمة له حتى تتمتع إمبراطوريته باحتكار تجاري.

اشتهر السلاجقة بالغرف المقبّبة الكبيرة في مساجدهم؛ ويظهر أحدها بشكل خاص في مسجد جامع، وهو موقع مُدرج على قائمة اليونسكو للتراث العالمي، ويقع في المركز التاريخي لمدينة أصفهان. يعدّ هذا المسجد أقدم مبنى محفوظ من نوعه في البلاد، ويعود تاريخه إلى عام 841 ميلادي، وكان نموذجاً لتصاميم المساجد اللاحقة في أنحاء آسيا الوسطى. 

شاركها.